في السعودية: الدفع مقابل إسقاط اتهامات الفساد
كرس ولي العهد محمد بن سلمان على مدار سنوات حكمه سابقة تعد غريبة على مستوى الدول تقوم على مبدأ الدفع مقابل إسقاط اتهامات الفساد.
أحدث الدلائل على ذلك إطلاق سراح اللواء منصور بن سلطان التركي بتسوية مالية بعد أشهر من اعتقاله على خلفية قضايا فساد.
وكشف حساب “العهد الجديد” على تويتر أن سلطات بن سلمان طلبت من اللواء منصور دفع 200 مليون ريال في البداية، ولكنه أصرّ أنه لا يملك هذا المبلغ.
وأوضح الحساب أنه بعد الاطلاع على حساباته البنكية تم الاتفاق مع اللواء منصور على دفع مبلغ 100 مليون، ثم أطلقوا سراحه بهذا المبلغ.
اللواء منصور التركي الذي كان معتقلاً، أُطلق سراحه بتسوية مالية، طلبوا منه دفع 200 مليون ريال في البداية، ولكنه أصرّ أنه لا يملك هذا المبلغ، وبعد الاطلاع على حساباته البنكية اتفقوا معه على 100 مليون، ثم أطلقوا سراحه بهذا المبلغ.
— العهد الجديد (@Ahdjadid) August 12, 2021
وكان تم الكشف في أيار/مايو الماضي عن اعتقال اللواء منصور على خلفية مواجهته اتهامات فساد وأنه محسوب على رجال العهد القديم.
ويشغل اللواء منصور عضوية مجلس الشورى الحالي، وهو المتحدث الأمني السابق لوزارة الداخلية، وقائد مركز القيادة والسيطرة والتحكم فيها.
منذ تولى محمد بن سلمان مقاليد ولاية العهد في المملكة، تزايدت الانتهاكات القمعية والبوليسية بحق الأمراء ورجال الأعمال والدعاة والأكاديميين والحقوقيين حتى “الصامتين عن أفعاله”.
وعلى مدى خمسة أعوام (2015-2020)، قام “بن سلمان” بتراكم السلطة بشكل مطرد؛ تحت ذراعه مختلفة، فاعتقال واحتجز ونفى شخصيات، وفي بعض الحالات قام بقتلهم وتصفيتهم.
وبعد هذه الأعوام يبدو الآن على استعداد ليصبح ملكًا، وفق رأي صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية، فعزز سيطرته وهز أسس آل سعود من خلال القضاء على أو تحييد منافسيه المتصورين والنقاد الصوتيين، بما في ذلك كبار أفراد العائلة ومنافسيه في المملكة.
ولعل أبز ضحايا “بن سلمان” هم:
* ولي العهد آنذاك الأمير محمد بن نايف ثم نائب ولي العهد آنذاك محمد بن سلطان في مايو 2015.
* الأمير محمد بن سعد بن عبد العزيز آل سعود (76 عاما)، نجل الأخ الراحل للملك سلمان وعضو مجلس البيعة، الذي يحدد خلافة العرش السعودي.
* الأمير محمد بن نايف (60 عاما)، ولي العهد السابق ووزير الداخلية وابن شقيق الملك سلمان. وبحسب ما ورد كان نايف قيد الإقامة الجبرية منذ عام 2017 بعد تجريده من لقبه ودوره الوزاري، وإبعاده عن خط الخلافة.
* الأمير أحمد بن عبد العزيز (77 عاما)، الأخ الأصغر للملك سلمان وابن عبدالعزيز ، مؤسس المملكة العربية السعودية وأول حاكم لها. عاد الأمير إلى لندن أواخر 2018 بهدف منع صعود ابن أخيه إلى العرش باستخدام البياع وحصل على تأكيدات من ووكالة المخابرات المركزية بأنه لن يتم القبض عليه.
* نايف بن أحمد، نجل الأمير أحمد.
* منصور الشلهوب مدير مكتب الأمير أحمد الخاص.
* سعود بن نايف (64 عاما)، الأخ الأكبر لمحمد بن نايف، محافظ المنطقة الشرقية وعضو البياع، تعرض للاستجواب في مارس 2020 ولكن تم الإفراج عنه.
* وتمت أكبر عملية “تطهير” حتى الآن في عهد ولي العهد خلال نوفمبر 2017 من أفراد العائلة المالكة والمسؤولين وأباطرة الأعمال الذين تم احتجازهم في فندق “ريتز كارلتون” بالعاصمة الرياض كجزء من حملة مزعومة لمكافحة الفساد.
* وكان من بين المحتجزين في ذات الفندق، أكثر من 350 من العائلة المالكة والمسؤولين ورجال الأعمال هو الأمير متعب بن عبدالله (67 عاما)، نجل الملك عبدالله والرئيس السابق للحرس الوطني.
وأُطلق “بن سلمان” سراحه في وقت لاحق من ذلك الشهر بعد أن ورد أنه دفع أكثر من مليار دولار في تسوية فساد. ولم يتضح ما إذا كانت لديه حرية الحركة أو السفر.
* الأمير الوليد بن طلال (65 عاما)، أحد أغنى الرجال في العالم، ثم رئيساً لشركة المملكة القابضة، وأطلق سراحه في يناير 2018 بعد أن وصل إلى تسوية مالية مع النائب العام للمملكة.
وإلى جانب هؤلاء، اعتقل عشرات المسؤولين ورجال الأعمال السابقين وأطلاق سراحهم فيما بعد. وكان من بينهم: خالد التويجري الرئيس السابق للديوان الملكي السعودي، عمرو الدباغ الرئيس التنفيذي لمجموعة الدباغ ورئيس الهيئة العامة للاستثمار السعودي السابق، محمد حسين العمودي مواطن سعودي إثيوبي مزدوج الجنسية وأحد أهم المستثمرين في إثيوبيا، د. وليد فتيحي إصلاحي شعبي ومقدم برامج تلفزيونية، وهاني خوجة مستشار ماكينزي السابق.
ولم يقتصر الأمر على ذلك، بل ما زال “بن سلمان” يلاحق سعد الجابري مسؤول الاستخبارات السعودية السابق وكبير مستشاري محمد بن نايف، والمقيم حاليا في كندا.
والجابري، أطلق سراحه عام 2015 بمرسوم ملكي، ونجح في 2017 من الفرار من المملكة.
وفي 2 أكتوبر 2018م، اغتيل الصحفي السعودي جمال خاشقجي داخل القنصلية السعودية في إسطنبول بتركيا، فيما تشير أصابع الاتهام لولي العهد السعودي بإصداره أمر الاغتيال.
وفي مارس/ آذار المنصرم من هذا العام، أعلنت هيئة مراقبة الفساد السعودية أعلنت التحقيق بشأن 674 موظف دولة، وأمرت باحتجاز 298 منهم بسبب ما قالت إنها تهم فساد مالي وإداري تمثلت في جرائم رشوة، واختلاس وتبديد المال العام، واستغلال النفوذ الوظيفي، وسوء الاستعمال الإداري.
ومن بين المعتقلين ضباط جيش حاليون ومتقاعدون، ومسؤولو صحة، وضباط أمن تابعون لوزارة الداخلية، وقضاة.
وقبل أيام، كشفت منظمة هيومن رايتس ووتش النقاب عن أن الأمير فيصل بن عبدالله، يعيش في معزل عن العالم الخارجي، بعد أن قامت سلطات آل سعود باحتجازه منذ مارس/ آذار المنصرم.
ووفقا لمعارضين سعوديين فإن حملة الاعتقالات المستمرة في المملكة تأتي في سياق تشديد ولي العهد قبضته على السلطة عبر إقصاء أقوى خصومه المحتملين، وهما الأمير أحمد والأمير محمد اللذان كانا من بين أبرز المرشحين لخلافة الملك سلمان.