حذر تقرير اقتصادي من خيارات صعبة أمام ولي العهد محمد بن سلمان؛ بهدف تحقيق التوازن المالي في المملكة.
وربط التقرير بين انخفاض أسعار النفط والمديونيات العالية لخطط بن سلمان عدا عن فقدان المملكة لأسواق نفط عالمية وأزمة كورونا.
ولم يؤدِ ارتفاع أسعار النفط إلى زيادة الضغط على أوبك وخارجها فحسب، للنظر في إستراتيجيةٍ أكثر مرونة على مدار الأشهر المقبلة، بل إن الأعضاء يتنافسون أيضاً على كسب حصة في السوق وزيادة حجم إنتاجهم.
فقد أثبتت سياسة الرياض، المتمثِّلة في توليد غالبية الإنتاج الراهن، نجاحها، ولكن إذا فشل الآخرون في الامتثال، فقد تجد الرياض نفسها في موقفٍ صعب، حسب تقرير موقع Oil Price.
وروسيا هي المنافس التقليدي الرئيسي للسعودية في مجال تصدير النفط، ولكن مع التزام البلدين بعمليات تخفيض الإنتاج، ظهر منافسون آخرون للرياض.
إذ تبحث إيران وفنزويلا والعراق وليبيا عن أيِّ عذرٍ لضخِّ مزيد من النفط إلى السوق، وكلُّ ذلك على حساب الحصة السوقية للرياض.
في الوقت نفسه، لا يزال مستقبل السعودية يعتمد على زيادة عائدات النفط، حيث تعتمد الميزانيات الحكومية بشكلٍ كبير على الذهب الأسود.
وأعلنت مصادر في وزارة النفط والغاز الطبيعي الهندية، أن المصافي المملوكة للدولة تخطط لخفض واردات النفط من السعودية بنحو الربع في مايو/أيار المقبل.
وتأتي خطة مصافي التكرير الحكومية في الهند بتخفيض شراء النفط من السعودية، نتيجة تجاهل “أوبك” دعوة نيودلهي إلى زيادة الإمدادات لتهدئة أسعار النفط الخام الدولية.
وقالت الوزارة لصحيفة “إيكونوميك تايمز” الهندية: “ستتخذ هذه الخطوة، في ظل تفاقم المواجهة مع الرياض بعد قرار (أوبك+) تجاهل دعوات نيودلهي إلى زيادة إنتاج النفط وخفض أسعار الهيدروكربونات”.
وأشارت إلى أن وارداتها من السعودية “تعود إلى الحاجة لتنويع مصادر الحصول على هذه المادة الخام، وسببها رغبة الحكومة الهندية في تقليل الاعتماد على نفط الشرق الأوسط”.
علاوة على خطر فقدان أسواق التصدير، فإن المملكة في حاجةٍ ماسة إلى عمليات ضخ دفعات مالية إضافية لدعم خطط تنويع الاقتصاد المتواصلة على نطاقٍ واسع، والمعروفة أيضاً باسم “رؤية 2030”.
وللتعويض عن انخفاض توزيعات الأرباح، ستتطلَّع المملكة إلى زيادة أسعار النفط، لأن هذا من شأنه أن يعزِّز تحويلات أرامكو من الضرائب.
ونظراً إلى غياب خيار آخر لتوليد الأرباح حتى الآن في المملكة، ستضطلع الصناعات الهيدروكربونية بدورٍ محوريٍّ في استراتيجية الرياض التي تستهدف تخصيص 27 تريليون ريال (7.2 تريليون دولار) للإنفاق المحلي بحلول عام 2030.
بدائل صعبة
إن الوضع الحالي للسوق يجعل المملكة في مواجهةِ عمليةٍ صعبة للغاية في صنع القرار.
فللحفاظ على خطط التنويع الاقتصادي لرؤية 2030 قيد التنفيذ، يجب توليد أموال نقدية إضافية أو جذبها من الأسواق المالية العالمية.
في الوقت نفسه، ستحتاج الرياض إلى أسعار نفط أعلى؛ للحفاظ على قاعدة إيراداتها الإجمالية كما هي، خاصةً عند خفض توزيعات الأرباح من قبل المؤسسات الحكومية.
وفي الوقت ذاته فإن الحفاظ على ارتفاع أسعار النفط أمر صعب بالنظر إلى أن الطلب ضعيفٌ نسبياً والمنافسين في تصدير النفط يتنافسون على مستوياتٍ أعلى في الإنتاج.
وبالتالي سيتعيَّن على المملكة الحفاظ على خفض الإنتاج من جانبٍ واحد لفترةٍ أطول.
معطيات سيئة
ولسوء حظ المملكة، فإن استعادة حصتها في السوق لن تكون عمليةً سهلة بمجرد دخول المُصدِّرين الآخرين للحلول بدلاً منها في بعض الأسواق، حسب موقع Oil Price.
وفي الوقت نفسه، ستحتاج أرامكو إلى زيادة طاقتها الإنتاجية لتوليد مزيد من الإنتاج في سوقٍ من المُتوقَّع أن يضعف فيها الطلب في غضون خمس إلى عشر سنوات.
وحتى الآن، كانت الرياض ملتزمةً بالحفاظ على استقرار مجموعة “أوبك+”، حتى مع ارتفاع الأسعار وزيادة الضغط من أجل زيادة الإنتاج.
ولن يكون تحقيق التوازن الصحيح بين إنتاج النفط المنخفض للسعودية والفوائد المالية المرتفعة المتحققة من زيادة الأسعار في هذه البيئة بالأمر السهل.
وتشير الأرقام إلى أن العجز الحكومي في عام 2020 بلغ 12% من الناتج المحلي الإجمالي، مقارنةً بنحو 4.5% في عام 2019.
ومع ذلك، بالنظر إلى خطط الإنفاق المستقبلية الحالية في المملكة السعودية، هناك حاجةٌ إلى مزيد من الإيرادات غير النفطية أو ارتفاع أسعار النفط والإنتاج لتحقيق التوازن المالي.
ويجري التخطيط لعمليات طرح عام أوَّلي إضافية، أو بيع مزيد من أسهم أرامكو، لكن هذا لن يكون كافياً أبداً لمواجهة المطالب المالية في السنوات المقبلة.
الخيار الآخر هو جذب مزيد من الاستثمارات الأجنبية. في عام 2020، تلقَّت المملكة السعودية نحو 5.5 مليار دولار من الاستثمار الأجنبي المباشر.
ولكن بالنظر إلى خطط محمد بن سلمان، فإن هناك حاجةً إلى 500 مليار دولار أخرى، وهذه ليست مهمةً سهلة بالنسبة للمملكة.
ولكن مع استمرار انخفاض عائدات النفط والغاز في المملكة السعودية، سوف تتخلَّف الاستثمارات.
لا تزال المملكة تكافح من أجل التخلُّص من ريعية الدولة، ويرجع ذلك أيضاً إلى حقيقة أن الشباب السعودي يميل إلى العمل في الحكومة أكثر من القطاع الخاص، بسبب الرواتب المرتفعة.
وتتمثَّل لعنة المملكة في أنه من السهل للغاية البحث عن عائدات نفطية إضافية، وهو نهجٌ سهلٌ للربح، ولكن مع تداعياتٍ سلبية طويلة المدى.
ستكون الأسواق المالية قاسيةً في المطالبة بالسداد في المستقبل.
ومن المؤكَّد أن عدم الاستقرار الحكومي بسبب فجوات الميزانية وسداد الديون، ليس بالطريق الذي يتعيَّن على محمد بن سلمان أن يسلكه لتحقيق التوازن.