حاخام محمد بن سلمان وخفايا التغلغل الإسرائيلي في بلاد الحرمين
أثار الظهور المتكرر للحاخام يعقوب في بلاد الحرمين موجة انتقادات واسعة وتساؤلات عن أهداف زياراته المتكررة وسط تسليط الضوء على خفايا التغلغل الإسرائيلي في المملكة.
وقد انبرت حسابات الذباب الالكتروني التابعة للديوان الملكي بالتبرير بأن الحاخام يعقوب يدخل المملكة كسائح بجواز أمريكي ولا علاقة له بإسرائيل أو بتنسيق وتخطيط مع السلطات السعودية،
في حقيقة الأمر ينتمي الحاخام يعقوب إلى حركة “حباد”، وهي واحدة من أقدم الحركات الحسيدية لليـهـود في العالم.
ولحركة “حباد” ارتباط قوي بإسرائيل ومشروعها، وقد وصفها مسؤول الأمن الداخلي الإسرائيلي السابق، مير داغان، بأنها “الداعم الروحي للقيادة المركزية للموساد في تل أبيب”.
ولأهمية “حباد” لدى إسرائيل، فقد شرّع الكنيست في عام 2014 قانونًا يقضي بإعفاء اليهود من الخدمة العسكرية مقابل أن يعملوا كدعاة في الحركة.
ومن أهم المنتمين للحركة باروخ غولدشتين منفذ مجزرة المسجد الإبراهيمي في 1994، ومنيس فريدمان الذي دعا إسرائيل لتدمير الحرمين المكي والمدني.
والحاخام يعقوب مزدوج الجنسية (أمريكي- إسرائيلي)، أمضى طفولته في الولايت المتحدة ثم انتقل للعيش في إسرائيل التي يؤمن بها وبمشروعها التوسّعي، وكذلك يؤمن بـ “الهيكل المقدس” على أنقاض المسجد الأقصى.
كما خدم رسميًا كـ “حاخام للجنود الإسرائيليين”، حسب صحيفة The Times of Israel العبرية.
ومهمة الحاخام يعقوب في المملكة ذات شقين: علني وسري. الأول يتمثل بتهيئة الرأي العام في المملكة لتقبّل التطبيع مع إسرائيل.
أما الثاني والأخطر فيتمثل في تنفيذ وإقامة تجمّعات فعلية لـ الإسرائيليين في المملكة بمساعدة بن سلمان عن طريق مدينته نيوم ثم التمدّد تدريجيًا وصولًا للحرمين.
وقد بدأ الحاخام (الذي يصف نفسه بأنه الحاخام الرئيسي في المملكة العربية السعودية) مهمته العلنية أوائل 2021 بمغازلات علنية لابن سلمان منها:
دعوات الشفاء له وللملك، تهنئته بالمولود الجديد، والترويج لرؤية 2030، والمشاركة في احتفالات يوم تأسيس المملكة، فضلا عن الترويج لفعاليات الترفيه في المملكة.
وتنوعت نشاطات الحاخام “العلنية” في المملكة من خلال زياراته المتكررة، وكان هدفها واحد: (إظهار قبول الشعب واحتفائه به)!
فقد ظهر متجولًا في الأسواق يشارك الناس حياتهم اليومية وعاداتهم وتقاليدهم، ويُظهر فرحتهم بلقائه والتقاط صور “السيلفي” معه، لإيهام الرأي العام أن لا مشكلة شعبية بوجوده.
وانطلقت الماكنة الإعلامية الإسرائيلية ومعها إعلام بن سلمان بالترويج للحاخام يعقوب ولقبول ولمشروعه، لينقل من خلالها رؤيته المتمثلة في “توفير الخدمات المجتمعية للجالية اليهـودية في المملكة، من المدرسة اليـ.هودية والحمامات الدينية والمرافق الاجتماعية انتهاءً بالمعابد اليهــودية”.
وبدأ الحاخام بممارسة طقوسه الدينية علانية في المملكة، فأقام صلاة الاستسقاء، وأشعل شموع عيد “حانوكا” اليهـودي في غرفة فندقه بالرياض، وقام بإصدار تقويم عبري أسبوعي للجالية اليهـودية في المملكة.
كما أعلن إمكانية انتقاله هو وزوجته وأولاده للعيش في المملكة بصورة دائمة.
إلى جانب ذلك برزت إشارات واضحة تؤكد الأطماع الإسرائيلية في المملكة والحرمين، فنشر الحاخام صورًا بعناوين خطيرة: “هي لنا دار”، و”إن شاء الله في المستقبل”.
كما ووصف زيارته للمملكة “بشعور العائد لبيته” بما يؤكد الشقّ السري في مهمته والمتعلق بالأطماع “الإسرائيلية” في الحرمين والتي تبدأ عبر مدينة نيوم.
وهناك عدة دلائل تؤكد بدء تغلغل إسرائيل في المملكة عبر مدينة نيوم، ففي لقاء مع قناة i24 news العبرية أكد الحاخام يعقوب أنه تم طرح فكرة نيوم عليه قبل عدة سنوات، وتطرّق للديانات في نيوم وعلاقة ذلك برؤية 2030.
ويبرز هنا أن اختيار اسم ومكان المدينة نفسه له عدة دلائل خطيرة، فنيوم ، يرمز لمملكة نعوم التوراتية “ממלכת נוים”، لتكون عاصمة “إسرائيل الكبرى” المنتظرة شمال السعودية ومصر، وجنوب فلسطين والأردن، بعد إعادة بناء الهيكل المزعوم على أنقاض المسجد الأقصى.
أما حيث المكان، فتقع نيوم قرب جبل اللوز في المملكة الذي تزعُم إسرائيل أنه جبل الطور المقدس عندهم، وهو مرتبط أيضًا بـ “أرض مدين” التي هرب إليها بنو إسرائيل من مصر، وعاشوا فيها بعد نجاتهم من فرعون، حيث ترفض كتبهم المعاصرة الرواية السائدة التي تقول إن الهروب كان إلى سيناء.
وكان مركز Atlantic Council الأمريكي للدراسات قد أشار لمحادثات حول مساهمة الشركات الإسرائيلية في بناء نيوم.
فيما نقلت صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية عن تنسيق بين الحاخام يعقوب مع مهندسة يهـودية تعمل في مشروع نيوم، حول إمكانية تأسيس شركة لتصنيع طعام الكوشر اليهودي.
وما يؤكد أهمية نيوم بالنسبة للحاخام يعقوب و”دولة إسرائيل الكبرى”، أن الحاخام جعلها المدينة الأولى في قائمة التقويم العبري للمملكة، فلماذا خصّها بالمقدمة ولم يذكر أولًا الرياض أو جدة.
يعتقد أن السبب واضح: لأن اليهود يعتبرون نيوم مدينة أجدادهم والمنطلق الذي سيلجون منه للمملكة لتحقيق أحلامهم.
كل هذه الدلائل تؤكد بوضوح أن مدينة نيوم ليست مشروعًا تنمويًا أو تطويريًا سياحيًا كما روّج بن سلمان لها، بل “ستُعامل كدولة خاصة داخل الدولة، منفصلة عن القواعد التي تحكم بقية المملكة”، كما صرّح بذلك رئيس السياحة في نيوم Andrew McEvoy، لتكون حجر الأساس لإسرائيل في المملكة.
يتّضح مما سبق أنّ الحاخام يعقوب يتحرّك ضمن مخطط إسرائيلي كبير مستغلًا خيانات بن سلمان لدينه وعروبته وبلده، وأن الاختراق الذي وصلت إليه إسرائيل لم يكن يحلم به قادتها بدون ولي العهد الذي يظهر للجميع أنه أخطر على بلاد الحرمين حتى من حاخامه الذي مكّن له في المملكة.