هيومن رايتس ووتش تطالب السعودية بوقف ترحيل المهاجرين التيغرانيين إلى إثيوبيا
قالت منظمة “هيومن رايتس ووتش” الدولية إن السلطات في إثيوبيا احتجزت تعسفيا، وأساءت معاملة وأخفت قسرا آلاف الأشخاص من عرقية تيغراي الذين رُحلوا مؤخرا من السعودية.
وطالبت المنظمة السلطات السعودية بوقف احتجاز التيغرانيين في ظروف مسيئة ووقف ترحيلهم إلى إثيوبيا. بدلا من ذلك، عليها مساعدة “المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين” (مفوضية اللاجئين) على توفير الحماية الدولية لهم.
نقلت السلطات الإثيوبية المرحلين التيغرانيين من السعودية إلى مراكز استقبال في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، حيث احتُجز بعضهم بشكل غير قانوني.
اعتقلت السلطات الإثيوبية أيضا المرحلين التيغرانيين عند نقاط التفتيش على الطرق المؤدية إلى تيغراي أو في مطار سيميرا بمنطقة عفار، ونقلتهم إلى مرافق احتجاز في عفار أو جنوب إثيوبيا.
قالت نادية هاردمان، باحثة في قسم حقوق اللاجئين والمهاجرين في هيومن رايتس ووتش: “المهاجرون التيغرانيون الذين تعرضوا لانتهاكات مروعة في الحجز السعودي يُحتجزون في مرافق احتجاز عند عودتهم إلى إثيوبيا.
وأضافت أن على السعودية توفير الحماية للتيغرانيين المعرضين للخطر، وعلى إثيوبيا إطلاق سراح جميع المرحلين التيغرانيين المحتجزين تعسفيا.
دفعت عوامل مختلفة، بما فيها البطالة والصعوبات الاقتصادية الأخرى والجفاف وانتهاكات حقوق الإنسان، مئات آلاف الإثيوبيين إلى الهجرة على مدار العقد الماضي، بالسفر بالقوارب عبر البحر الأحمر ثم برا عبر اليمن إلى السعودية.
في يناير/كانون الثاني 2021، أعلنت الحكومة الإثيوبية أنها ستتعاون في إعادة 40 ألفا من رعاياها المحتجزين في السعودية، وستبدأ بإعادة ألف شخص في الأسبوع. 40% من العائدين من السعودية بين نوفمبر/تشرين الثاني 2020 ويونيو/حزيران 2021 كانوا تيغرانيين.
زادت عمليات الترحيل بشكل كبير بين أواخر يونيو/حزيران ومنتصف يوليو/تموز، حيث رُحِّل أكثر من 30 ألفا بحسب تقارير.
تزامن ارتفاع عمليات الترحيل مع زيادة في عمليات التدقيق والاحتجاز التعسفي والاختفاء القسري لتيغرانيين التي تجريها السلطات الإثيوبية في أديس أبابا في أعقاب انسحاب القوات الفدرالية الإثيوبية من منطقة تيغراي وتوسّع النزاع في الإقليم.
قابلت هيومن رايتس ووتش 23 تيغرانيا – 20 رجلا و3 نساء – رُحّلوا من السعودية بين ديسمبر/كانون الأول 2020 وسبتمبر/أيلول 2021، (غالبيتهم رُحِّل بين يونيو/حزيران وأغسطس/آب 2021)، واحتُجزوا لاحقا في إثيوبيا بين أبريل/نيسان وسبتمبر/أيلول.
احتُجِز المُرحلون في مرافق في أنحاء إثيوبيا: مراكز في أديس أبابا، في سيميرا بمنطقة عفار، وفي شون في منطقة الأمم والقوميات والشعوب الجنوبية، وفي جيما بمنطقة أوروميا.
وجّهت هيومن رايتس ووتش رسائل مع استفسارات إلى “اللجنة الوطنية الإثيوبية لإدارة مخاطر الكوارث” و”لجنة الشرطة الفيدرالية”، والسفارة السعودية في واشنطن، و”هيئة حقوق الإنسان السعودية”، ووزارة الداخلية السعودية، لكنها لم تتلق أي رد.
مع إجراء السلطات الإثيوبية حملات تمشيط واعتقال واسعة للتيغرانيين في أديس أبابا في يوليو/تموز، قال بعض المرحلين الذين قابلتهم هيومن رايتس ووتش إنه بعد أن تمتعوا في البداية بحرية التنقل في مراكز أديس أبابا، لم يُسمح لهم بالمغادرة.
مرحلون آخرون حاولوا شق طريقهم بأنفسهم إلى تيغراي اعتُقلوا أو اخفوا قسرا في مرافق الاحتجاز الإقليمية حيث اعتدت عليهم الشرطة الفيدرالية والشرطة الإقليمية في عفار عليهم أو ضربت مرحلين تغرانيين آخرين بقضبان مطاطية أو خشبية.
قال المرحلون إن الظروف أصبحت تدريجيا أكثر تقييدا وانتهاكا. في مركز سيميرا في منتصف سبتمبر/أيلول، وصلت قوة أمنية جديدة من عفار، ترتدي الزي الرمادي والأسود، واعتدت بالضرب على المرحلين، بدعوى أن المعتقلين أمضوا وقتا طويلا في دورات المياه.
قال مُرحل (23 عاما): “قبل يومين، جاءوا [شرطة عفار الخاصة] وضربوا كثيرا منا. أنا مصاب، تورمت ساقي ورأسي. ضربونا بقسوة. قالوا: ’أنت تنتمي إلى ’الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي‘”.
قال معظم الذين قوبلوا إنهم لم يتمكنوا من التحدث مع أفراد عائلاتهم لإعلامهم بمكانهم، ويظن بعضهم أن أقاربهم ما زالوا يعتقدون أنهم في السعودية. قال الجميع إن الشرطة الفيدرالية لم تقدم أي مبرر قانوني لاعتقالهم واحتجازهم لاحقا.
ذكر من قابلتهم هيومن رايتس ووتش إنهم قبل ترحيلهم من السعودية، أمضوا من ستة أشهر إلى ستة أعوام في مرافق احتجاز رسمية وغير رسمية في أنحاء السعودية، بما فيه في أبها وحدّة وجيزان وجدة.
تعرض هؤلاء للضرب وظروف الاكتظاظ، ووصفوا بشكل متسق ظروف الصرف الصحي الفظيعة، وعدم كفاية الفراش والطعام والماء والرعاية الطبية. ظروف الاحتجاز البائسة للمهاجرين في السعودية مشكلة قديمة العهد.
لم يكن يُسمح لهم بالخروج وعانوا من مشاكل جلدية خطيرة بسبب الظروف غير الصحية. قال الجميع إن حراس السجن ضربوهم أو غيرهم من المحتجزين بقضبان بلاستيكية أو مغلفة بالمطاط، بما فيه إذا اشتكوا من الظروف.
قالوا إن الحراس كانوا يخرجونهم من زنازينهم، ويجبرونهم على التعري، والوقوف أو الركوع أثناء تعرضهم للضرب.
وقال جميع من قوبلوا تقريبا إن السلطات السعودية اعتقلتهم واحتجزتهم بسبب وضعهم كمهاجرين غير نظاميين، لكن السلطات لم تقدم أبدا مبررات قانونية لاحتجازهم ولم تسمح لهم بتوكيل محام أو الطعن في احتجازهم. الاحتجاز المطول بلا مراجعة قضائية تعسفي وينتهك القانون الدولي.
على السعودية وقف ترحيل جميع التيغرانيين إلى إثيوبيا بسبب خطر تعرضهم للاضطهاد. يحظر القانون الدولي العرفي إرسال الأشخاص إلى دولة يواجهون فيها خطرا حقيقيا بالاضطهاد أو التعذيب.
كما على السعودية أن تتيح لمفوضية اللاجئين الوصول الكامل وغير المقيد إلى المهاجرين المحتجزين لتقييم أي طلب للحصول على وضع اللاجئ، والعمل مع المفوضية لتسهيل إعادة توطين اللاجئين التيغرانيين.
قالت نادية هاردمان: “تضطهد السلطات الإثيوبية التيغرانيين المرحلين من السعودية باحتجازهم ظلما وإخفائهم قسرا. على السعودية التوقف عن المساهمة في هذه الانتهاكات من خلال إنهاء الإعادة القسرية للتيغرانيين إلى إثيوبيا والسماح لهم بطلب اللجوء أو إعادة التوطين في بلدان ثالثة”.