منظمة دولية: أمير محتجز بمعزل عن العالم الخارجي في المملكة
كشفت منظمة “هيومن رايتس ووتش” النقاب عن اعتقال وإخفاء السلطات السعودية، أحد أبناء ملوكها السابقين، بظروف احتجاز معزولة عن العالم الخارجي .
وأفادت المنظمة في تقريرها عبر موقعها الرسمي، اليوم السبت، بأن أجهزة الأمن اعتقلت في 27 مارس/ آذار 2020م الأمير فيصل بن عبد الله آل سعود، نجل الملك الراحل عبد الله، والرئيس السابق لـ “هيئة الهلال الأحمر” السعودي.
وقالت إن ظروف الاعتقال والإخفاء تتم بمعزل عن العالم الخارجي، وإن السلطات الأمنية رفضت الكشف عن مكانه أو وضعه الصحي.
وتعتقد مصادر مقربة من العائلة المالكة، أن الأمن السعودي ربما “أخفى الأمير قسرا”.
و”الإخفاء القسري” بموجب القانون الدولي: اعتقال أو احتجاز شخص من قبل مسؤولي الدولة أو وكلائهم يتبعه رفض الاعتراف بالحرمان من الحرية، أو الكشف عن مصير الشخص أو مكان وجوده.
ومنذ وصول محمد بن سلمان إلى سدة ولاية العهد، في يونيو/حزيران العام 2017، بدأ سعود القحطاني المستشار في الديوان الملكي والذراع الأمني لـ”بن سلمان”، ببناء نظام سجون سرية عبر “رئاسة أمن الدولة”، وهو جهاز أمني تم تشكيله ليتولى الأمور الأمنية الخاصة بولي العهد من اعتقال وتحقيق وتعذيب وسجن، بعيداً عن إدارات السجون التابعة لوزارة الداخلية.
وتعد قضية اعتقال وإخفاء الأمير فيصل، من أحدث عمليات الاحتجاز التعسفي المعروفة بحق رموز بارزين بالعائلة المالكة.
وذكرت المنظمة أن الأمير فيصل تم اعتقاله سابقا في تشرين الثاني/ نوفمبر 2017، ضمن حملة اعتقالات كبيرة طالت أكثر من 300 رجل من رجال الأعمال البارزين، وأفراد العائلة المالكة، ومسؤولين حاليين وسابقين في “فندق ريتز كارلتون” بالرياض.
واعتقلت المجموعة الكبيرة آنذاك، بأمر من “بن سلمان”، بهدف الضغط عليهم لتسليم أصول مالية مقابل الإفراج عنهم، وأيضا خارج أي إجراءات قانونية واضحة أو معترف بها، بحسب “هيومن رايتس ووتش”.
وأفرج عن الأمير فيصل أواخر كانون الأول/ديسمبر 2017، بعد أن وافق على تسليم الأصول، إلا أن ظروف وأسباب وشروط احتجازه الحالي غير واضحة.
وقال مايكل بيج، نائب مدير قسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش، إنه رغم موجات الانتقاد، “يستمر السلوك غير القانوني للسلطات السعودية أثناء حكم محمد بن سلمان بحكم الأمر الواقع، علينا الآن إضافة الأمير فيصل إلى مئات المحتجزين في السعودية بدون أساس قانوني واضح”.
واستهدفت الاعتقالات منذ 2017 الكثير من فئات المجتمع السعودي، بما فيها علماء وأساتذة شريعة ودعاة بارزون إلى جانب مثقفين ونشطاء حقوق الإنسان ورجال أعمال وأفراد من العائلة المالكة بما فيهم أبناء الملك الراحل عبد الله.
وكان من بين أبرز المعتقلين في العام 2017، أمير مكة المكرمة حينها الأمير مشعل بن عبد الله، ووزير الحرس الوطني الأسبق الأمير متعب بن عبدالله، وحاكم الرياض السابق الأمير تركي بن عبدالله، فيما لا يزال الأمير تركي معتقلا دون تهمة.
وقالت مصادر إن السلطات السعودية فرضت حظرا تعسفيا على سفر الأمير فيصل بعد الإفراج عنه في 29 كانون الأول/ديسمبر 2017، إلا أن وصلت في 27 آذار/مارس 2020، إلى مجمع عائلي شمال شرق الرياض، حيث كان الأمير فيصل في حجر صحي ذاتي بسبب فيروس “كورونا”، واحتجزته دون الكشف عن الأسباب.
وأضافت المصادر أن أفراد الأسرة لم يتمكنوا من معرفة أي شيء عن موقع الأمير فيصل أو وضعه منذ ذلك الحين، وهو ما قد يشكّل إخفاء قسريا كما قالت “هيومن رايتس ووتش”.
وبحسب المنظمة الدولية فإن الأمير فيصل “لم ينتقد علنا السلطات منذ اعتقاله في كانون الأول/ديسمبر 2017، وأن أفراد الأسرة قلقون على صحته نظرا لإصابته بمرض في القلب”.
واستهدفت السلطات السعودية أفرادا آخرين في العائلة المالكة في الأشهر الأخيرة، ففي 15 نيسان/ أبريل 2020، نشر حساب “تويتر” موثق للأميرة بسمة بنت سعود (56 عاما)، وهي ابنة الملك الراحل سعود، سلسلة من التغريدات تفيد بأنها وابنتها محتجزتان دون تهمة في “سجن الحائر” جنوب الرياض، وأن صحتها آخذة في التدهور، لكن التغريدة اختفت بعد عدة ساعات.
وفي 5 أيار/مايو، ذكرت “وكالة فرانس برس” أنه منذ حذف التغريدات، لم يتلق أفراد العائلة أي معلومات حول وضعها.
وفي أوائل آذار/مارس 2020، اعتقلت السلطات ثلاثة أمراء كبار منهم الأمير أحمد بن عبد العزيز، شقيق الملك سلمان، إلى جانب ولي العهد السابق ووزير الداخلية الأمير محمد بن نايف، الذي عزله الملك سلمان ومحمد بن سلمان في حزيران/يونيو 2017، وبعد ذلك وُضِع تحت الإقامة الجبرية الطويلة.
وقال بيج: “من الواضح أن إصلاحات العدالة السعودية الأخيرة لم تكبح الاعتقالات التعسفية المتفشية، بما فيها تلك التي استهدفت أفراد العائلة المالكة البارزين”.
وأضاف: “يدلّ اعتقال الأمير فيصل وإخفاؤه المحتمل مرة أخرى على تجاهل السلطات السعودية الصارخ لسيادة القانون وضرورة إجراء إصلاح شامل لنظام العدالة”.