قالت وكالة بلومبيرغ الأمريكية إن وعود شركة أرامكو السعودية بضمان مستوى مرتفع من العائدات السنوية خلال السنوات الخمس المقبلة، يعد “تصويتا لمنح للثقة” على الشركة في سوق نفط مليئة بالتقلبات والشكوك، سيما بعد تقرير سعودي رسمي اليوم الثلاثاء يفيد بانكماش اقتصاد البلاد واحدا بالمئة في الربع الأول من العام.
وحذرت الوكالة في تقرير لها من أن الخطر بالنسبة لشركة أرامكو يتمثل في أن تمسّكها بهذا الوعد الطويل المدى لمساهميها سيغير طبيعة عملها بالكامل، في الوقت الذي يجب فيه أن تتحلى بالفطنة خاصة في ظل تباطؤ الطلب على النفط واتخاذه مسارا عكسيا.
وأعلن الرئيس التنفيذي للشركة أمين ناصر هذا الشهر أن أرامكو ستكون مستعدة للاقتراض لضمان الوفاء بالتزاماتها خلال العام الحالي، بالرغم من وضعية أسعار النفط المستمرة في مسار الانخفاض. وتخصص الشركة مبلغ 75 مليار دولار من قيمة أرباحها للمساهمين سنويا.
ورأت بلومبيرغ أن تراكم الديون للحفاظ على الأرباح من أجل المسار الصحيح هو ممارسة طبيعة لدى شركات الطاقة، خاصة بعد أزمة 2020 الخانقة.
لكن الوكالة تعتقد أن اقتراض أي شركة لتحافظ على استقرار أرباحها فقط، لا يعدو أن يكون إجراء مؤقتا جدا، حتى لو كانت الشركة متيقنة من نتائج سياستها.
ويكمن السر في ربحية أرامكو -بحسب الوكالة- في تكاليف إنتاجها المنخفضة كثيرا، حيث بلغت نفقات التشغيل ما لا يزيد على 8 دولارات للبرميل الواحد من النفط والمنتجات المماثلة خلال عام 2019، رغم ارتفاع لافت في سرعة الإنفاق.
لكن الوكالة قالت إنه لا بد من إضافة الضرائب المدفوعة للدولة وحدها، وهي 10 دولارات تقريبا للبرميل، وضريبة الدخل على الشركات بحوالي 19 دولارا للبرميل، وابتلاع الأرباح ما قيمته 15 دولارا أخرى.
واستدركت إنه بمجرد دفع جميع هذه الرسوم، لن يكون لدى أرامكو الكثير من الفائض من سعر 60 دولارا للبرميل، فما بالك بسعر 40 دولارا للبرميل الذي تبيع به حاليا في الأسواق.
ووافقت المملكة منذ البداية على التنازل عن حصتها من أي مدفوعات، لتمكين المستثمرين من الحصول على حصتهم من الأرباح.
قد يكون هذا الإجراء مكّن فعلا -وفق بلومبيرغ- من الحفاظ على عائد نظري بقيمة 75 مليار دولار سنويا، لكنه يجعل فكرة “أن جميع المساهمين متساوون” بلا أساس، ويتجاهل كون أي سياسة لتوزيع الأرباح هي بطبيعتها نوع من الالتزام بالأرباح المستقبلية.
وتساءل تقرير بلومبيرغ: لماذا ترغب شركة في تحمل الديون للوفاء بدفعاتها الموعودة، ورجّح أن تمر عدة سنوات قبل أن ترتفع التدفقات النقدية التشغيلية لأرامكو فوق 100 مليار دولار سنويا مرة أخرى، حتى بالرغم من التحالف الجديد مع الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك).
وقال التقرير إذا أرادت الشركة إنفاق ثلاثة أرباع هذا المبلغ على أرباحها (75 مليار دولار) مع تخصيص ما بين 10 إلى 15 مليارات دولار سنويا للتمويل والاستثمار في شركة سابك للكيمياويات السعودية، فإن رأس المال المخصص لعملياتها الأساسية يجب أن ينخفض إلى الثلث أو أقل من 35 مليار دولار، وهو المبلغ الذي كانت تنفقه حتى وقت قريب.
وأعلنت أرامكو السعودية قبل نحو أسبوعين عن إتمامها صفقة الاستحواذ على حصة 70% في شركة سابك من صندوق الاستثمارات العامة، الصندوق السيادي للبلاد.
وقالت وقتها إنها ستسدد أقساط قيمة الاستحواذ على تسع دفعات حتى العام 2028.
وأعلنت شركة أرامكو سابقا توزيع عوائد على الأسهم بمبلغ 18.8 مليار دولار، على الرغم من انخفاض أرباحها في الربع الأول من هذا العام بنسبة 25%، وسط توقعات بأن تقفز ديون الشركة.
ويتوقع صندوق النقد الدولي انكماش اقتصاد السعودية بنسبة 6.8% هذا العام، وذلك بفعل التداعيات الشديدة لانخفاض أسعار النفط وجائحة فيروس كورونا.
وأظهرت بيانات رسمية، اليوم الثلاثاء، تداعيات تراجع الطلب النفطي العالمي وهبوط أسعار الخام على الاقتصاد السعودي.
وبينت بيانات الهيئة العامة للإحصاء انكماش الاقتصاد السعودي واحدا بالمئة في الربع الأول من العام.
وقالت الهيئة: “يرجع ذلك بنسبة كبيرة إلى انخفاض النمو في القطاع النفطي بمقدار 4.6 بالمئة بالرغم من تحقيق القطاع غير النفطي ارتفاعا قدره 1.6 بالمئة” مستشهدة بتقديرات أولية.
كما أظهرت بيانات رسمية، أن قيمة صادرات نفط المملكة انخفضت بنسبة 65.4% في شهر أبريل/نيسان، مقارنة مع الشهر ذاته في 2019، بما يعادل هبوطا بنحو 12 مليار دولار.
وتواجه المملكة أكبر بلد مصدر للنفط في العالم أسوأ تراجع اقتصادي له هذا العام بعد حرب الأسعار التي أشعلها ولى العهد محمد بن سلمان مع روسيا في ظل جائحة فيروس كورونا التي أضعفت الطلب العالمي على الخام وإجراءات احتواء الفيروس التي أضرت بالاقتصاد غير النفطي للمملكة.
ولم تقتصر حرب أسعار النفط على الخسارة الآنية فقط، بل تعدت لفقدان المملكة أسواقا عالمية.
وقال جيمس سوانستون الاقتصادي في كابيتال إيكونوميكس المتخصص في شؤون الشرق الأوسط وشمال إفريقيا “أزمة فيروس كورونا تعني أن هذه أنباء قديمة إلى حد ما، ومن المؤكد بدرجة كبيرة أن تكون بيانات الربع الثاني مروعة”.