هل اعترض عمال ميناء جنوة الإيطالي سفينة سعودية محملة بالأسلحة لإسرائيل؟

في 7 أغسطس 2025، شهد ميناء جنوة الإيطالي حدثًا مثيرًا للجدل عندما اعترض عمال الميناء سفينة الشحن السعودية “بحري ينبع”، وهي سفينة من نوع Ro-Ro، أثناء تفتيشها.
وقد وصل هذا الحدث في وقت حساس، مع تصاعد القلق الدولي بشأن الأسلحة المرسلة إلى إسرائيل في خضم الحرب المستمرة في غزة، وهو ما أضاف مزيدًا من التعقيد للعلاقات السرية بين السعودية وإسرائيل.
التقرير التالي يسلط الضوء على هذه الحادثة، ويعرض المواقف السياسية المعقدة التي أثارتها.
الوصول والمعلومات الأولية
وصلت السفينة “بحري ينبع” إلى ميناء جنوة في الساعة 03:48 بتوقيت عالمي منسق يوم 7 أغسطس 2025. كانت السفينة قد انطلقت من ميناء بالتيمور الأمريكي، وكان من المفترض أن تجمع معدات عسكرية في جنوة.
ومع ذلك، وبعد عمليات تفتيش روتينية، تبين أن السفينة كانت محملة بكميات كبيرة من المعدات العسكرية التي لم تكن معلن عنها في البداية. وقد تلقى العمال في الميناء معلومات استخباراتية حول محتويات السفينة، مما دفعهم إلى اتخاذ إجراءات فورية.
اكتشاف الشحنة العسكرية
حوالي 40 عاملاً صعدوا على متن السفينة “بحري ينبع” لتفتيش الحمولات التي كانت مشبوهة. على الرغم من محاولات السلطات الإدارية عرقلة وصولهم، فقد تمكن العمال من دخول السفينة وتوثيق ما وجدوه.
داخل مرائب السفينة، اكتشفوا أن الشحنة كانت تحتوي على أسلحة ومتفجرات وذخائر ومركبات مدرعة ودبابات، معظمها تم تصنيعها في الولايات المتحدة، وتحديدًا من مصانع ألاباما.
بالإضافة إلى ذلك، كان من المقرر أن تُضاف مدافع بحرية من صنع شركة “ليوناردو” الإيطالية، والتي تتضمن مدافع “أوتو ميلارا” المستخدمة في العمليات العسكرية. وهذا الاكتشاف يثير العديد من الأسئلة حول استخدام هذه الأسلحة، ووجهتها النهائية.
تداعيات واحتجاجات العمال
بناءً على اكتشاف هذه الشحنة، قررت النقابات العمالية، بما في ذلك “الاتحاد النقابي الأساسي” (USB) و”التجمع المستقل لعمال الموانئ” (CALP)، الاحتجاج ومنع تحميل الأسلحة على السفينة.
وفقًا لقادة النقابات، فإن العمل مع هذه الشحنات يعني أن العمال سيكونون “متواطئين في جرائم الحرب والإبادة الجماعية في غزة”، في إشارة إلى الانتهاكات الإسرائيلية المستمرة في القطاع. هذا الموقف يعكس قلقًا أخلاقيًا عميقًا من تورط أي جهة في نقل الأسلحة التي قد تُستخدم ضد المدنيين في غزة.
وفي استجابة لهذا الاحتجاج، تدخلت الشرطة الإيطالية (ديغوس) لمحاولة منع نشر الصور التي توثق الشحنة العسكرية. وعلى الرغم من محاولاتهم، تم تسريب بعض الصور التي أظهرت الشحنة العسكرية الكبيرة، مما أثار مزيدًا من الانتقادات من قبل المنظمات الحقوقية.
العلاقات السعودية-الإسرائيلية والشحنات العسكرية
على الرغم من أن الشحنة كانت موجهة إلى الإمارات العربية المتحدة، إلا أن وجود الأسلحة على السفينة السعودية يعكس تداخل العلاقات السرية بين الرياض وتل أبيب.
يثير هذا العديد من الأسئلة حول الدور الذي تلعبه السعودية في توفير الأسلحة لدول أخرى قد تُستخدم ضد الفلسطينيين في غزة، وكذلك دعمها غير المباشر للعمليات العسكرية الإسرائيلية.
وقد أشار مراقبون إلى أن مدافع “أوتو ميلارا” التي تم تحميلها على السفينة السعودية قد تم استخدامها من قبل البحرية الإسرائيلية في أكتوبر 2023، في هجمات على أحياء مدنية في غزة.
وهذه الحقيقة تعزز التكهنات بأن الأسلحة الموجهة إلى الإمارات قد تجد طريقها إلى إسرائيل عبر سلاسل الإمداد المعقدة، مما يزيد من تعقيد مراقبة استخدامها النهائي.
التحديات القانونية والأخلاقية
الواقع أن هذه الحادثة تبرز الثغرات الكبيرة في لوائح تصدير الأسلحة. فبالرغم من أن الأسلحة كانت موجهة إلى الإمارات العربية المتحدة، التي ليست في حالة حرب رسمية مع إسرائيل، فإنها قد تُعاد بيعها أو تُستخدم في صراعات أخرى، بما في ذلك غزة.
هذه الثغرة في القوانين الدولية الخاصة بتصدير الأسلحة تشير إلى ضرورة تحديث الأنظمة لمواكبة الواقع المعقد للصراعات المسلحة الحديثة، حيث يتم نقل الأسلحة عبر قنوات غير مباشرة.
ردود فعل المجتمع الدولي
في حين أن السلطات الإيطالية كانت تتابع الموقف بشكل حذر، فإن الاحتجاجات الواسعة من قبل العمال في ميناء جنوة قد أجبرت السلطات على التفاعل بشكل رسمي، حيث تم التعهد بإنشاء “مرصد دائم لتهريب الأسلحة” في سبتمبر 2025.
هذا التفاعل يشير إلى تحول في ديناميكيات القوة، حيث استطاع العمل المنظم للعمال أن يضع ضغوطًا كبيرة على السلطات الرسمية.
وبينما كانت وجهة الشحنة العسكرية رسمياً إلى الإمارات العربية المتحدة، فإن الشكوك حول توجيه الأسلحة إلى إسرائيل من خلال قنوات غير مباشرة تؤكد الدور الخفي الذي تلعبه السعودية في دعم العمليات العسكرية الإسرائيلية.
وتعكس الحادثة تعقيدات كبيرة في تجارة الأسلحة الدولية وتسلط الضوء على الثغرات القانونية التي قد تستغلها بعض الدول لتوسيع نطاق دعمها للعمليات العسكرية في مناطق النزاع، مما يزيد من تعقيد جهود المحاسبة الدولية والضغط على الدول المتورطة.




