وصف رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيث، اتهامات ملف فساد متعلقة بالملك السابق خوان كارلوس بأنها “مزعجة للجميع”، وذلك بعد شهر من بدء تحقيق في احتمال تلقي كارلوس عمولة من نظام آل سعود في صفقة للسكك الحديدية.
وقال سانشيث في مؤتمر صحفي مع نظيره الإيطالي جوزيبي كونتي إن “هناك مزاعم مقلقة تزعج الجميع، بمن فيهم أنا”.
وأضاف “هناك إعلام لن يغض الطرف، وقضاء يتحرك حيال الأمر، والقصر ينأى بنفسه”.
وفي 8 يونيو/حزيران الماضي، فتحت المحكمة العليا في إسبانيا تحقيقا في قضية تلقي كارلوس عمولة من الملك السعودي الراحل عبد الله بن عبد العزيز، لإبرام عقد قيمته 6.7 مليارات يورو، لتشييد قطار فائق السرعة يربط بين مدينتي مكة المكرمة والمدينة المنورة مع تحالف إسباني عام 2014.
وتسرب هذا الخبر عام 2018 عندما نشرته صحيفة لا تربيون دي جنيف السويسرية، وقالت إن العمولة بلغت 100 مليون دولار وتم تحويلها إلى حساب مؤسسة بنمية في سويسرا.
ونشرت وسائل إعلام إسبانية الأسبوع الماضي تفاصيل أخرى عن تحويل المبلغ.
ورفض خوان كارلوس (82 عاما) مرارا الرد على هذه المزاعم عبر محاميه، لكن نجله الملك الحالي فيليبي السادس نأى بنفسه عن القضية وأعلن تخليه عن ميراثه من والده، كما قال إن والده لن يحصل بعد الآن على مخصصاته السنوية التي تزيد على 194 ألف يورو.
ويحظى ملوك إسبانيا بحصانة أثناء فترة حكمهم، لكن خوان كارلوس لم يعد يتمتع بالحصانة منذ تنازله عن العرش عام 2014 لصالح ابنه، بعد فضيحة فساد أخرى شملت ابنته كريستينا وزوجها.
وفي مارس/آذار الماضي، احتج آلاف الإسبان عبر شرفات منازلهم -في ظل حالة الإغلاق بسبب تفشي فيروس كورونا- من خلال النقر على أواني الطهي، أثناء كلمة وجهها الملك فيليبي السادس إلى الشعب الإسباني، احتجاجا على الفضيحة المتعلقة بوالده.
وكشفت صحيفة إسبانية النقاب عن هدايا ومجوهرات ثمينة قدمها ولى العهد محمد بن سلمان إلى ملك البلاد فيليبي السادس أثناء زيارته للأخير عام 2015م.
وفاجأت صحيفة “Vanitatis Elconfidential” الإسبانية، بقيمة الهدايا التي قدمها بن سلمان للملك وابنتيه طوال السنوات الماضية، أبرزها هدايا زيارة العاصمة مدريد عام 2015م.
وذكرت صحيفة “Vanitatis Elconfidential” أن بن سلمان قدم سلسلة هدايا تمثلت بأكثر من 20 قطعة من المجوهرات الفارهة، حصلت الأميرتين ليونور وإنفانتا صوفيا على معظمها في تلك الزيارة عام 2015م.
وسبق أن وضع الملك فيليبي سياسة جديدة عام 2014 للهدايا التي تلقتها العائلة، في محاولة لتغيير وفرض الشفافية كمعيار أساسي للمؤسسة، وتنص تلك القاعدة: على عدم قبول الهدايا التي تتجاوز “الاستخدامات العرفية أو الاجتماعية أو المجاملة” مع الأخذ في الاعتبار أنه في العديد من الثقافات، فإن عدم قبول الهدية يعد إهانة للشخص الذي يقدمها.
وقال فيليب إنه إذا تم تجاوز هذه الاستخدامات، سيتم تحويل الهدايا إما إلى كيانات غير ربحية، أو دمجها في التراث الوطني نفس وجهة الهدايا المؤسسية سواء استوفت الشروط المنصوص عليها أم لا.
وعدت الصحيفة الإسبانية هدايا بن سلمان لملك البلاد انتهاك للقوانين السابقة.
وكان التعتيم على الهدايا هو المعيار حتى عام 2014، مهما كانت القيمة. وفي ما يقرب من أربعة عقود من حكمه حصل فيليب على عدد لا يحصى من لحم الخنزير الأيبيرية وكميات هائلة من المأكولات البحرية أو السيجار أو أقلام نافورة ، وهو شيء يجمعه الملك الفخري.
ومن بين هذه الهدايا أيضًا مبلغ 100 مليون يورو الذي تحقق فيه المحكمة العليا الآن كهيئة محتملة تم استلامها لبناء AVE في مكة. وفقا للصحيفة.
وأشارت الصحيفة إلى أن ملك إسبانيا سبق وأن حصل على سفينة فخرية من الملك فهد بن عبد العزير أثناء زيارته لإسبانيا عام 1979 ، والتي تم وضعها بعد ذلك بعامين في أيدي التراث الوطني.
وقالت إن سبب هذه الهبة السخية السعودية غير معروف ، ولكن كان طولها لا يقل عن 29 مترًا والعديد من الكبائن، والتي تم توسيعها أيضًا في عام 1980. وقد زارها شخصيات مثل بيل كلينتون، يبحرون كضيوف من الملوك الفخورين في مايوركا، خوسيه ماريا أزنار أو الأمير كارلوس وديانا من ويلز.
وبحسب الصحيفة وقع بن سلمان خلال زيارته آنذاك على 6 اتفاقيات ومذكرات وبرامج ثنائية في المجال الدفاعي والنقل الجوي والجانب التعليمي والثقافي والتقني والتنموي؛ بهدف دعم الاقتصادي في البلاد.
ويجمع ملك إسبانيا السابق خوان كارلوس وأمراء آل سعود علاقات وطيدة عبر عقود من الزمن.
وكانت جريدة ذي تلغراف البريطانية قد نشرت خبرا حول استفادة الملك فيلبي السادس من أموال مؤسستين تابعتين لوالده وتدير 65 مليون دولار مصدرها عمولات ورشاوى من نظام آل سعود، ويجري بشأنها القضاء السويسري والإسباني تحقيقات قضائية.
واعتبرت الصحف الكبرى مثل الموندو في تعليقاتها أن فيلبي السادس مجبر عل اتخاذ القرار بسبب الرشاوى التي قدمها نظام آل سعود لخوان كارلوس نتيجة وساطته في صفقة القطارات الإسبانية السريعة للمملكة.
ويرى بعض المعلقين أن بيان القصر الذي يتبرأ من خوان كارلوس ويؤكد عدم قيامه بأي نشاط مؤسساتي منذ 2014، تاريخ تنازله عن العرش هو بمثابة طرد مقنع للملك الأب من المؤسسة الملكية.
ومنذ ظهور تقارير حول توفر الملك الأب على أموال في حسابات في سويسرا وقيام القضاء بالتحقيق بشأنها، تطالب أحزاب مثل بوديموس المشارك في الائتلاف الحكومي بتشكيل لجنة برلمانية للتحقيق.
وفي أيلول/سبتمبر الماضي استجوب مدعون إسبان في لندن عشيقة ألمانية سابقة للملك السابق خوان كارلوس بعدما افادت أن الأخير تلقى عمولة على عقد في المملكة حسب ما أفادت مصادر قضائية.
ونشرت وسيلتا إعلام إسبانيتان في تموز/يوليو 2018 تسجيلات تؤكد فيها كورينا زو ساين-ويتغنشتاين أن خوان كارلوس تلقى عمولة أثناء منح شركات إسبانية عقداً لإنشاء قطار فائق السرعة بين مكة والمدينة المنوّرة.
وقام بهذه التسجيلات النقيب في الشرطة فيلاريخو المسجون حالياً والذي كان سجّل عدداً من المحادثات مع سياسيين أو مقاولين إسبان من دون علمهم.
وقررت النيابة في نهاية العام الماضي التحقيق بغية تحديد إذا ما كانت هناك عناصر كافية لتقديم شكوى بتهمة الفساد في إطار معاملات تجارية دولية.
وقال وكيل الدفاع عن السيدة الألمانية روبن راثميل “موكلتنا كانت سعيدة للإدلاء بشهادتها طوعاً في لندن لنقل بدقة إلى السلطات ما قال لها آخرون عن اتفاق” القطار فائق السرعة مشيراً إلى أن ليس لديها علم إلا بـ”وقائع محدودة”.
وأضاف “الاتهامات الجديّة في وسائل الإعلام بشأن القضايا المالية المتعلقة بالملك الفخري موجودة منذ عقود. إذا كانت هناك النية الحقيقية للتحقيق بشكل مناسب بشأن اتفاق (القطار فائق السرعة) واتهامات أخرى، فهذا يعود إلى النظام القضائي الإسباني وإلى إسبانيا”.
وفي سياق متصل، تعرض خوان كارلوس تعرض لانتقادات لاذعة بعد تداول صورة له في أبو ظبي مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان المسؤول عن قتل الصحفي جمال خاشقجي.
ونشرت الصورة، التي وضعت أولا على حساب وزارة الخارجية السعودية على تويتر، في عدة صحف إسبانية. ونشرتها صحيفة “إلموندو” اليومية المحافظة تحت عنوان “صورة العار”.
وقالت الصحيفة في مقال نشر على موقعها الإلكتروني إن الملك السابق “ملتزم بأن يتبنى رؤية الدولة.. والآن من غير المناسب أن يظهر في صور مع ولي العهد السعودي”.
وانتقد الحزبان اليساريان المتشددان “بوديموس” و”أزكيردا أونيدا” المعارضان للملكية في إسبانيا اللقاء غير المتوقع بين الملك وولي العهد السعودي الأحد الماضي في أبو ظبي.
وندد زعيم حزب “أزكيردا أونيدا” ألبرتو غارزون بصداقات العائلة المالكة الإسبانية قائلا على تويتر إنها “انعكاس لعصر يجب أن ينتهي”.
وأضاف أن “الملكية الإسبانية تعد مشكلة ليس فقط للشعب الإسباني كما تظهر هذه الصورة.. إنها ليست صورة عادية، إنها رمز”.