في عهد محمد بن سلمان.. قمع علني لحرية التعبير في السعودية
يدشن ولي العهد محمد بن سلمان منذ سنوات مرحلة جديدة في السعودية تقوم على قمع علني لحرية التعبير وإقصاء كل من يحاول انتقاد أو معارضة السلطات الحكومية.
ظهر ذلك جليا مؤخرا عندما كشفت هيئة الإذاعة والتلفزيون السعودية المملوكة للدولة بكل جرأة عن تصميم السلطات على قمع حرية التعبير على شبكة الإنترنت.
وذلك من خلال إجراءِ مقابلة مع رجل مسجون بسبب تغريدة على تويتر “لم يكن يتوقع” أن تقوده إلى السجن، والإشارةِ بوضوح إلى أنه لا أحد آمن على وسائل التواصل الاجتماعي في السعودية.
وفي بثٍّ مفزعٍ يوم 16 مارس 2023، محذوفٍ حاليا بعد ردود فعل عنيفة على تويتر، نصحت قناة السعودية التي تديرها الدولة المشاهدين بالإلمام بنظام مكافحة جرائم المعلوماتية السعودي، في سياق تعرّض مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي للسجن بسبب تغريدات على تويتر لم يكونوا على علمٍ بأنها جرائم و”عدم إفلات أحد من العقاب”، حتى عندما يكون التغريد باسم مستعار.
وأجرى برنامج النقطة العمياء الذي يُبث مساء يوم الخميس مقابلةً مع خمسة مستخدمين لوسائل التواصل الاجتماعي يقبعون حاليا في السجن على خلفية تورطهم في جرائم معلوماتية، بمن فيهم رجل سُجن بسبب تغريدة واحدة كان يَعتقد أنها غير مؤذية.
ولم تُكشف هوية المعتقل في المقابلة ولم يظهر سوى ظله على خلفية موسيقى تصويرية تعبر عن الشر. وأدرك الآن، حسبما أخبر المحاور، أن ما اعتقده مجرد “انتقاد” كان جُرما.
وتنص المادة 6 من نظام مكافحة الجرائم المعلوماتية السعودي لعام 2007 على عقوبة تصل إلى خمس سنوات سجنا و/أو غرامة مالية بقيمة ثلاثة ملايين ريال سعودي على خلفية ارتكاب جرائم معلوماتية معرفة تعريفا يشوبه الغموض.
وتشمل “إنتاج ما من شأنه المساس بالنظام العام، أو القيم الدينية، أو الآداب العامة، أو حرمة الحياة الخاصة، أو إعداده، أو إرساله، أو تخزينه عن طريق الشبكة المعلوماتية، أو أحد أجهزة الحاسب الآلي”.
وأضاف المستجوَب في المقابلة الذي لم تُكشف هويته (وأوضح المحاوِر) بأن العقوبة الحبسية قد تصل إلى 15 عامًا في الحالات التي تشمل “التحريض”.
وقالت منظمة القسط لحقوق الإنسان في بيان تلقى “سعودي ليكس” نسخة منه، إنه لطالما استخدمت السلطات السعودية هذا النظام ونظام مكافحة جرائم الإرهاب الأكثر قمعا لكبت حرية التعبير على شبكة الإنترنت.
وأضافت المنظمة أن السلطات السعودية صعّدت حملتها القمعية بحدّة منذ منتصف عام 2022، مع إصدار المحاكم عددا كبيرا من الأحكام بالسجن لفترات طويلة على خلفية النشاط السلمي على الإنترنت، بحق مجموعة من الأشخاص من بينهم سلمى الشهاب (27 عامًا) ونورة القحطاني (45 عامًا) وعبد الله جيلان (10 سنوات).
وتشمل القائمة آخرين يقضون بالفعل عقوبات حبسية مطولة في السعودية على خلفية ذلك النشاط السلمي منهم عبد الرحمان السدحان (20 عامًا).
ويَرد في بيان المهمة الأورويلي للبرنامج التلفزيوني أنه “مع مرحلة التحول التي تشهدها المملكة يوضح نقطة عمياء المواضيع التي تلامس الواقع المعيشي للمواطن بتقديم المعلومات الغائبة بطريقة فضولية”.
ومع ذلك، بما أن المقابلة لم تشرح طبيعة التغريدة المسيئة التي نشرها السجين أو كيف تخالف القانون، ولم تذكر سوى أنه “لم يتوقع أنها قد تقوده إلى السجن”، فإن المُشاهد يجد نفسه أمام رسالة واضحة مفادها أن أي نشاط إلكتروني بمثابة جريمة معلوماتية محتملة.
وعلقت رئيسة قسم الرصد والمناصرة في القسط لينا الهذلول قائلة: “إنه لأمر له دلالته أن قناة السعودية حذفت هذه الحلقة”.
وتابعت “على خلاف خطاب السلطات المتعلق بالإصلاح بتعزيز الحريات الموجه أساسًا إلى الجمهور العالمي، يُظهر هذا البث المثير للشكوك بأنها أكثر عزما من ذي قبل على معاقبة كل من يمارس حرية التعبير، ويوضح تماما للمواطنين السعوديين ألّا أحد آمن”.