متفرقات سعودية

خبير سعودي يدعو حكام بلاده إلى تخفيف الضرائب في المملكة

دفعت حالة الغلاء الفاحش التي تسود المملكة، خبير الاقتصاد السعودي سليمان الطفيل، لدعوة آل سعود لتخفيف الرسوم والضرائب المفروضة على المواطنين والمقيمين.

وكتب المسؤول السابق في وزارة المالية سليمان الطفيل، في تغريدة عبر تويتر: “إن كنّا نريد تحقيق اقتصاد مزدهر فعلينا تخفيف جميع الرسوم الحكومية، وإلغاء رسوم المقابل المالي، بجانب إلغاء زيادة الضريبة إلى 15%، وإلغاء زيادة الرسوم الجمركية فوق 5%”.

ودعا الطفيل إلى تخفيض أسعار الفائدة إلى الصفر، ودعم برامج التمويل، وأخيرا جدولة القروض.

وتأتي تغريدات الطفيل بعد تطبيق قرارات سعودية سابقة برفع نسبة ضريبة القيمة المضافة، وإيقاف بدل غلاء المعيشة وذلك في إطار تدابير تقشفية جديدة فرضتها إجراءات الحد من انتشار تفشّي فيروس كورونا المستجد وتراجع أسعار النفط.

والخطوات الجديدة التي أشارت وسائل إعلام رسمية إلى أنها ستوفر (26,6 مليار دولار) لخزينة الدولة، تأتي فيما تكثّف الحكومة خططها الطارئة لخفض الإنفاق واعتماد استراتيجية تقوم على التقشف.

وتثير القرارات الأخيرة استياء في المملكة الغنية التي تشهد ارتفاعا في كلفة المعيشة، وتدفع نحو تعليق مشاريع حكومية ضخمة بمليارات الدولارات.

وقال وزير المالية محمد الجدعان حسب ما نقلته عنه وكالة الأنباء الرسمية إنه “تقرَّر إيقاف بدل غلاء المعيشة بدءاً من شهر حزيران/يونيو 2020، وكذلك رفع نسبة ضريبة القيمة المضافة من 5% إلى 15% بدءاً من الأول من شهر تموز/يوليو”.

وعلق الطفيل على هذه الخطوة قائلا إن الزيادة في هذا الوقت “عبء على المواطن والقطاع الخاص وتتعارض مع سياسات تحفيز النمو الاقتصادي للمملكة خاصة ونحن نرى بوادر انكشاف الأزمة”.

وتفاعل محمد بن جابر السهلي مع تغريدة المسؤول السابق، وكتب: “عندما يقترح قامة في الاقتصاد ومستشار سابق بوزارة المالية فحري بهذه الاقتراحات أن تؤخذ بعين الاعتبار .. التخطيط بعيد المدى والبعيد عن ردود الافعال الآنية شأن الكبار فقط”.

https://twitter.com/mjaper2/status/1270887632692748292

وكتب أنس الراجحي: “كل شيء ممكن أفهمه حول ضريبة القيمة المضافة تبعاتها وتأثيرها وما يقوله ويكتبه الاقتصاديين عنها ولكن الشيء الذي لا أفهمه ولا أعتقد أنني سوف أفهمه أن يقال المستهلك هو المستفيد من ضريبة القيمة المضافة !”


وبدأت الهيئة العامة للجمارك التابعة لنظام آل سعود اليوم، الأربعاء، برفع الرسوم الجمركية على نحو ثلاثة آلاف سلعة مباعة في الأسواق المحلية، وهو أمر سيرفع من قيمة الغلاء العام في المملكة التي تشهد أزمات اقتصادية متتابعة.

وبحسب الوثيقة الصادرة رسميا عن الهيئة العامة، تراوح الزيادة بين 0.5 بالمئة و15 بالمئة على سلة مختلفة من السلع بينها المركبات والمواد الغذائية والمنسوجات ومواد بناء.

وقال وزير الصناعة والثروة المعدنية بندر الخريف، إن قرار رفع الرسوم الجمركية تم اتخاذه قبل تفشي فيروس “كورونا”.

وأضاف الخريف في مقابلة مع قناة “العربية” السعودية، إن القرار سيعزز الصناعة المحلية. حسب اعتقاده.

ووفق الوثيقة، سيتم رفع الرسوم الجمركية على أنواع من المركبات من 5 بالمئة إلى 7 بالمئة؛ كما سيتم رفع الرسوم على عدد من منتجات الألبان من 5 بالمئة إلى 10 بالمئة و15 بالمئة.

وسترفع الهيئة رسوم عدد من اللحوم من 20 بالمئة إلى 25 بالمئة، وبعضها بين 0 بالمئة و7 بالمئة؛ وسيتم رفع الرسوم على بعض الخضروات (بصل، جزر، خيار، كوسة، باميا) من 0 بالمئة إلى 15 بالمئة.

وبالتزامن مع ذلك، بدأ برنامج “حساب المواطن” بخصم مبالغ مالية متفاوتة على المواطنين في المملكة الأمر الذى أشعل موجة غضب عارمة.

واشتكى سعوديون من خصم مبالغ من قيمة الدعم التي يتلقونها عبر “حساب المواطن” في المملكة، لشهر يونيو/حزيران الجاري، بينما فوجئ آخرون باستبعادهم كليا من هذا الدعم.

وقال “حساب المواطن” إن “الدعم المقدم من برنامج حساب المواطن يتغير بناءً على الارتفاع والانخفاض نتيجة المراجعة الدورية لأسعار الطاقة”.

يذكر أن سلطات آل سعود أعلنت، في مايو/أيار الماضي، أن مخصصات “حساب المواطن” مستثناة من إجراءات التقشف التي شرعت المملكة في تطبيقها في محاولة للحد من خسائر انهيار أسعار النفط وتداعيات فيروس “كورونا” على الاقتصاد.

وبالفعل، أظهرت المبالغ النقدية التي جرى صرفها، لأكثر من 12 مليون مواطن سعودي، أن برنامج الدعم الحكومي لم يتأثر بتلك الإجراءات، لكن الوضع تغير في يونيو/حزيران الجاري.

وللمرة الأولى، أقرت وزارة المالية في المملكة، مايو/ أيار المنصرم، إجراءات وصفتها بـ “المؤلمة” لإنقاذ الموازنة العامة من العجز الكبير. وشملت هذه الإجراءات زيادة ضريبة القيمة المضافة من 5% إلى 15% بدءا من الأول من يوليو/تموز، ووقف صرف بدل غلاء المعيشة اعتبارا من يونيو/حزيران الجاري.

وكان وزير المالية محمد الجدعان، قال إن الضرائب الجديدة المضافة لثلاثة أضعاف وتعليق بدل غلاء المعيشة لموظفي الدولة، هدفه تحصين وضع المملكة المالي الذي تضرر بشدة من انخفاض أسعار النفط فيما تهاوي الطلب على الخام بسبب فيروس كورونا المستجد.

وأضاف الجدعان أن “الإجراءات التي تم اتخاذها وإن كان فيها ألم إلا أنها ضرورية للمحافظة على الاستقرار المالي والاقتصادي من منظور شامل وعلى المديين المتوسط والطويل، حسب زعمه.

وعقب قرارات الجدعان، نشر نشطاء سعوديون في المملكة مقطع فيديو من مقابلة مع ولي العهد محمد بن سلمان أجريت عام 2016 إبان إطلاق “رؤية 2030” يقول فيها إنه بحلول عام 2020 ستكون المملكة قادرة على العيش بدون نفط.

ولم يقتصر رفع الأسعار على السلع داخل المملكة، بل رفعت شركة النفط السعودية “أرامكو” سعر غاز البترول المسال المتجهة إلى آسيا لشهر حزيران/يونيو ٢٠٢٠.

وقالت “أرامكو” إنها حددت سعر بيع البروبان في عقد حزيران/يونيو عند 350 دولارا للطن، ارتفاعا من 340 دولارا في مايو/ أيار المنصرم.

وحددت سعر البوتان لشهر حزيران/يونيو عند 330 دولارا للطن، انخفاضا من 340 دولارا في الشهر السابق.

واللافت في الأمر أن القرارات الحكومية “التقشفية” أحدثت صدمة حقيقية في الشارع السعودي عامة والشباب خاصة.

فالقرارات الجديدة، توحى بانتهاء عهد الرفاهية في الدولة النفطية، سيما أن هناك قرارا يسمح بتخفيض رواتب آلاف الموظفين في القطاع الخاص إلى 40% مع إمكانية إنهاء عقود الموظفين.

ومؤخرا، أعلنت وزارة الاسكان في المملكة، لجمهورها العسكريين والمواطنين، وقف مدفوعات اثنين من برامجها لدعم الرهن العقاري في الوقت الذي تتطلع فيه إلى خفض التكاليف.

وقالت وزارة الإسكان على موقعها الإلكتروني إنه سيتم تعليق برنامج القروض بدون فائدة للعسكريين الذي يغطي 20% من العقار، أو ما يصل إلى 140 ألف ريال سعودي (37 ألف دولار). كما تم إيقاف خطة أخرى تقدم للمواطنين مساعدة تصل إلى 95 ألف ريال أو 10% من الممتلكات.

واعتبرت مجلة أميركية فرض سلطات آل سعود سلسلة من الإجراءات الحكومية القاسية عبر تصعيد الضرائب ضد مواطني المملكة ينذر بخطر داخلي قادم. وتوقعت أن هذا الأمر “سيعرض النظام الاستبدادي لثورة أو مقاومة”.

واستدلت مجلة “ذي أتلانتك” بأزمة حظر تصدير النفط بعد حرب عام 1973، وظهرت وقتها صور الطوابير الطويلة أمام محطات الوقود في أنحاء الولايات المتحدة، بعدما فرضت الدول العربية آنذاك حظرا لتصدير النفط على الولايات المتحدة لدعمها إسرائيل في الحرب العربية-الإسرائيلية عام 1973.

وتضاعف سعر النفط أربعة أضعاف تقريبا، مما أدى إلى نقص في كميات النفط الأمر الذي ترك أثره السيء على الأمريكيين، بينما ترك هذا الأمر دولا مثل السعودية غنية لدرجة جعلها تقوم بتفكيك الأنظمة الضريبية، ولم يدفع المواطنون السعوديون أية ضريبة في العقود التي تلت.

وذكرت أن الوضع استمر إلى ما قبل العامين الماضيين عندما فرضت الرياض، إلى جانب الأنظمة الاستبدادية النفطية المجاورة، ضريبة القيمة المضافة بقيمة 5 بالمئة على معظم السلع والخدمات.

وقال الكاتب عبد الله فياض في مقاله بذات المجلة إنه بشكل عام لا أحد يحب دفع الضرائب، خاصة الأشخاص الذين لم يدفعوها أبدا، وقد شكا الكثير من مواطني تلك الدول أن الدولة فرضت عبئا ماليا غير ضروري.

وفي الوقت الذي يأمل فيه المسؤولون أن تكون العديد من هذه الإجراءات مؤقتة، ويبدو أنها تعول على تعاف اقتصادي قصير المدى فقط، إلا أن الضرائب الجديدة قد تتحول إلى سياسات طويلة المدى تشكل تغييرا في توقعات المواطنين من حكومتهم، مما قد يطلق العنان لتحولات جيوسياسية رئيسية ستظهر في العقود القادمة.

وفي حالة السعودية، يعتبر معدل الضريبة الجديد وإجراءات التقشف استجابة مناسبة على ما يبدو لدولة تعتمد بشكل حصري على قطاع واحد (النفط) لتمويل نفقات الحكومة.

وأضاف فياض أن الضرائب وجدت فعليا مع وجود الحكومات، فالأولى ضرورية لتمويل الأخيرة. لكن وبحسب وولفجانج شون مدير معهد ماكس بلانك لقانون الضرائب والمالية العامة فإن “الأنظمة الضريبية في حالة السعودية جديدة نسبيا وغير شائعة”.

وبفضل الأرباح من الموارد الطبيعية، تمكنت المملكة ودول خليجية أخرى من بناء حكومات كبيرة ذات صناديق رعاية اجتماعية ضخمة دون أن تطالب المواطنين بالدفع.

ولكن عندما “تفرض الضرائب بدون أي فائدة مباشرة للمواطن”، فإن “الناس سيطالبون بتقاسم الأعباء وبانضباط في الميزانية على قدم المساواة، وذلك يحدث أيضا في البلدان الديموقراطية”.

وعلق الكاتب أن الضرائب المباشرة قد تترك تأثيرا مختلفا، ففي الوقت الذي يؤدي فيه رفع المعونات إلى ضجة كبيرة، فإن الضرائب الإيجابية، خاصة عندما تكون دائمة، تشكل تذكيرا لا مفر منه للمواطنين بضرورة أن يكون لهم رأي في طريقة حكمهم.

ومع أن الخطة الضريبية الجديدة في السعودية قد لا تؤدي إلى سلسلة من الأحداث التي تقود إلى الديموقراطية في شبه الجزيرة العربية، إلا أنها قد تحمل تأثيرا سياسيا كبيرا.

ونقل الكاتب عن جيم كرين الخبير في الجغرافيا السياسية للطاقة في معهد بيكر بجامعة رايس، أنه عندما يدفع المواطنون الضرائب فإنهم يميلون إلى الاهتمام بالتأثير، أو حتى تحديد، كيفية إنفاق تلك الأموال. وقال أيضا “إنها تشجع على المشاركة، وبالتالي فهي تحد من استقلالية الحكومة”.

وسبب ذلك، أن الضرائب تجعل الحكومة مسؤولة أمام من يدفعون لها المال.

أما العقد الاجتماعي في السعودية فهو باتجاه واحد، حيث ظلت الأموال تتدفق من الحكومة إلى المواطنين، حتى العامين الماضيين. ولأن هذا تغير في فترة زمنية قصيرة فمن الصعب التكهن بالطريقة التي سيؤثر فيها على العلاقة بين المواطنين والحكام.

وعليه، فالتنازلات من نظام آل سعود قد يأتي على شكل توفير حريات اجتماعية مثلما تفعل الآن من فتح الباب أمام المرأة لقيادة السيارة والمشاركة في الانتخابات المحلية.

ولا تتعامل المملكة وغيرها من الدول مع الأزمة الصحية العالمية والانهيار الاقتصادي المرافق لها، بل مع القيود المفروضة على اقتصاداتها، مما يعني أن تخلف سياساتها مثل ارتفاع الضريبة وإجراءات التقشف آثارا.

وعندما تتلاعب الحكومة بالعقد الاجتماعي بدون تشاور مع المواطنين وتطلب منهم مزيدا من المال فهذا قد يقود إلى تذمر ومقاومة أو ثورة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى