زاد تواطؤ نظام آل سعود لتسهيل انقلاب جديد لمليشيات دولة الإمارات في جزيرة سقطري شرق اليمن، الغضب في صفوف اليمنيين من حرب التحالف وممارساته.
وقالت الحكومة اليمنية الشرعية إن المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم إماراتيا “نفذ انقلابا مكتمل الأركان في محافظة سقطرى” في أقصى جنوب شرقي البلاد.
وحذر وزير الخارجية اليمني محمد الحضرمي من أن استمرار تمرد المجلس الانتقالي دون رادع سينهي ما تبقى من أمل في تنفيذ اتفاق الرياض.
ونقلت وكالة الأنباء اليمنية الرسمية عن مصدر مسؤول في الحكومة أن ما أقدمت عليه “مليشيات ما يسمى بالمجلس الانتقالي في أرخبيل سقطرى قوّض مؤسسات الدولة في المحافظة”، وأضاف المصدر أن “مليشيات الانتقالي شنت هجوما بمختلف الأسلحة المتوسطة والثقيلة مستهدفة مؤسسات الدولة وممتلكات المواطنين، واقتحمت المعسكرات والمقرات الحكومية”.
ودعا المسؤول الحكومي التحالف بقيادة السعودية إلى إلزام المجلس بـ “إيقاف العبث والفوضى والاعتداء الذي تقوم به مليشياته، وتنفيذ بنود اتفاق الرياض”.
وكانت الحكومة المعترف بها والمجلس الانتقالي وقّعا في نوفمبر/تشرين الثاني 2019 في السعودية اتفاق الرياض عقب شهر من الاقتتال، وتضمن الاتفاق 29 بندا لمعالجة الأوضاع السياسية والاقتصادية والعسكرية والأمنية في الجنوب، غير أن الطرفين يتبادلان الاتهامات بشأن المسؤولية عن عدم تنفيذ الاتفاق.
وفي السياق نفسه، قال وزير الخارجية اليمني محمد الحضرمي إن “استمرار التمرد المسلح الذي قام به المجلس الانتقالي المدعوم إماراتيا في سقطرى دون رادع سينهي كل ما تبقى من أمل في تنفيذ اتفاق الرياض الذي جاء في الأصل من أجل إنهائه”، في إشارة إلى تمرد المجلس.
وأضاف الوزير الحضرمي في تغريدات على تويتر أنه لا يمكن القبول بأن يكون اتفاق الرياض ذريعة لاستمرار هذا التمرد المسلح، أو أن يكون أداة ضغط لشرعنة من يصر على انقلابه.
وكان المجلس الانتقالي الذي طرد القوات الحكومية من العاصمة المؤقتة عدن، أعلن في أبريل/نيسان الماضي حالة الطوارئ العامة، وتدشين ما سماها الإدارة الذاتية في الجنوب اليمني، وسط رفض عربي ودولي.
وكان حكم المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم إماراتياً، أمس السبت، سيطرته الكاملة على محافظة أرخبيل سقطرى اليمنية، بعد السيطرة على معسكر القوات الخاصة، آخر القواعد العسكرية التابعة للحكومة الشرعية المعترف بها دولياً، والتي اكتفت بالتنديد بانقلاب مسلح جديد تتعرّض له، وطالبت السعودية بتدخّل عاجل وجادّ.
وذكر مسؤول محلي في سقطرى أن المحافظة باتت بالكامل تحت سيطرة الانفصاليين بعد أشهر من التوتر والاضطرابات والتحشيدات العسكرية. وقال المصدر “لم يحدث أي قتال في معسكر القوات الخاصة، حدث تفاوض مع قيادته لتسليمه، وهو ما حصل بالفعل (..) الشرعية خذلتنا جميعاً”.
وتسليم المعسكرات بالتفاوض كان جزءا من استراتيجية اتبعها الحوثيون عند الانقلاب على السلطة واجتياح صنعاء أواخر عام 2014. ويبدو أن المجلس الانتقالي الجنوبي يحاكي ذات السيناريو، خصوصاً بعد نشر لقطات من داخل مكتب محافظ سقطرى، رمزي محروس، تشابه الصور التي نشرها الحوثيون عشية 21 سبتمبر/أيلول 2014 من مكتب قائد الفرقة الأولى مدرع حينذاك، الفريق علي محسن الأحمر.
كما سيطر الانفصاليون على مقر المجلس المحلي لمديرية “قلنسية”، وهي ثاني أهم المديريات في الأرخبيل بعد حديبو، وكان لهم تواجد فيها بعدد من المعسكرات في السابق.
ووفقاً للمصدر، فقد لجأ الانفصاليون إلى إسقاط أعلام الجمهورية اليمنية من المقرات الحكومية والقواعد العسكرية، ورفع الأعلام التشطيرية التي يتخذون منها شعارا لدولتهم المفترضة المسماة بـ”الجنوب العربي”. وسيطر الانفصاليون على ميناء سقطرى، والمطار، وأصبح بمقدورهم استقبال أي رحلات بحرية أو جوية قادمة من الإمارات، من دون أي رقابة حكومية، بعد أن أحبطت السلطات الشرعية خلال الفترة الماضية، عددا من الرحلات البحرية المشبوهة والتي كانت تحمل على متنها أسلحة.
ويخشى سكان سقطرى من موجة انتهاكات ينفّذها أتباع الإمارات في الأرخبيل، أو استحداث سجون سرية لتعذيب المناهضين لهم والموالين للشرعية، كما حدث مع سكان عدن والمكلا، خلال السنوات الفائتة.
وعلى الرغم من نداء الاستغاثة الذي أطلقته الحكومة الشرعية، مساء الجمعة، للتحالف السعودي للتدخل، بحكم أن قواته موجودة على الأرض، إلا أن الأخير لجأ، عبر وسائل إعلام تابعة له، إلى تقديم روايات وصفها مراقبون بأنها “خادعة وغير منطقية”.
ونقلت وسائل إعلام سعودية عن مصادر في التحالف، لم تسمها، أن النزاع في سقطرى “قد يكون بهدف الحصول على غنائم بينها دبابات ومدفعية ثقيلة، تم العثور عليها في الجزيرة وكانت موجودة قبل انقلاب مليشيا الحوثي”.
ومن المؤكد أن تؤدي المكاسب التي حققها الانتقالي في سقطرى، إلى استباحة الشرعية أيضاً في محافظة أبين، والتي تتواصل فيها المعارك وسط خسائر بقيادات بارزة من الجانبين.