تفاقم مستمر للعجز المالي في موازنة السعودية رغم وعود تنويع الاقتصاد

أقرت الحكومة السعودية ميزانيتها للعام المقبل بإنفاق إجمالي يصل إلى 1.31 تريليون ريال سعودي (350 مليار دولار)، مع عجز متوقع يبلغ 165.4 مليار ريال (44 مليار دولار)، في مؤشر على استمرار الضغوط المالية على الاقتصاد الوطني، رغم وعود تنويع الاقتصاد والتوقعات بنمو معتدل للناتج المحلي الإجمالي.
وأعلنت وزارة المالية أن الإيرادات المتوقعة لعام 2026 تصل إلى 1.15 تريليون ريال، بزيادة نسبتها 5.1% عن تقديرات هذا العام، التي بلغت نحو 1.09 تريليون ريال، مع تراجع نحو 7.8% عن التقديرات السابقة بسبب انخفاض أسعار النفط.
وفي الوقت نفسه، يرتفع الإنفاق بنحو 4% عن الميزانية المعتمدة لهذا العام، ما يعكس استمرار الحكومة في تمويل المشاريع العملاقة وخطط التنمية الوطنية، خاصة تلك المرتبطة برؤية السعودية 2030 التي يقودها ولي العهد محمد بن سلمان.
وتتركز الميزانية الجديدة على تنفيذ مشاريع استراتيجية تشمل تطوير البنية التحتية، وتحسين جودة الحياة، والارتقاء بالخدمات العامة، إضافة إلى دعم القطاعات الواعدة والحد من الاعتماد التقليدي على عائدات النفط.
وتعكس الميزانية التوازن الدقيق الذي تحاول الحكومة تحقيقه بين تمويل الاستثمارات الكبيرة في التنويع الاقتصادي ومواجهة العجز المالي المستمر.
وعلى الرغم من استمرار العجز، تتوقع المملكة ارتفاع نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي إلى 4.6% في 2026، مقارنة بـ 4.4% في 2025، مدعومًا بنمو قدره 5% في الأنشطة غير النفطية.
ويشير تقرير وزارة المالية إلى أن الاقتصاد الوطني حقق نمواً بنسبة 4.1% منذ بداية 2025 وحتى الربع الثالث، مدفوعاً بالطلب المحلي المتزايد وزيادة الاستثمارات في مختلف القطاعات.
كما ارتفعت الإيرادات غير النفطية لتشكل نحو 37.5% من إجمالي الإنفاق، مقارنة بـ 17% في 2015، ما يعكس نجاح الحكومة في تحقيق خطوات ملموسة نحو تقليل الاعتماد على النفط وتوسيع قاعدة الإيرادات.
ومع ذلك، لا تزال الضغوط المالية ملحوظة، إذ يُتوقع أن يصل إجمالي رصيد الدين العام إلى 1.62 تريليون ريال في 2026، بعد أن بلغ 1.45 تريليون ريال هذا العام. ويؤكد هذا الاتجاه الحاجة الملحة للاستمرار في إصلاحات الاقتصاد الكلي وضبط الإنفاق الحكومي.
ويبرز العجز المستمر رغم زيادة الإيرادات ارتفاع التحديات المرتبطة بأسعار النفط المتقلبة، التي لا تزال تلعب دوراً مركزياً في توازن الميزانية.
وقد أدى انخفاض أسعار النفط في 2025 إلى تقليص الإيرادات، مما زاد الضغوط على الحكومة للحفاظ على تمويل المشاريع العملاقة ضمن رؤية 2030، والتي تشمل تطوير السياحة، والاستثمار، والعقارات، والتكنولوجيا، والذكاء الاصطناعي.
وتؤكد الحكومة على أن التحدي الأكبر يكمن في الموازنة بين تمويل خطط التنمية الطموحة والتقليل من العجز المالي، مع الاستمرار في خلق فرص العمل وتعزيز مشاركة القطاع الخاص.
ويتناقض العجز المستمر في الموازنة مع ترويج محمد بن سلمان إلى سعيه لتمويل خطّة للتحول الاقتصادي ومشاريع كبرى في قطاعات غير نفطية، بينها الترفيه والسياحة.




