مطالب للسعودية بإعلان مواقف متسقة مع بيانها المناهض لإسرائيل
تصاعدت المطالب للسعودية بإعلان مواقف متسقة مع بيانها المناهض للاحتلال الإسرائيلي وربطها أي مسار للتطبيع بإقامة دولة فلسطينية ووقف الحرب الإسرائيلية الدموية على قطاع غزة.
وقد تصدر وسائل الإعلام العربية والغربية بيان الخارجية السعودية الذي أعلنت فيه أنه لن تكون هناك علاقات دبلوماسية مع إسرائيل ما لم يتم الاعتراف بالدولة الفلسطينية المستقلة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، ووقف الحرب على غزة.
وأصدرت السعودية بيانها في أعقاب تفاوض قائم بين الاحتلال الإسرائيلي وحركة المقاومة الإسلامية “حماس” بوساطة قطرية مصرية، أفضى إلى إعلان الأخيرة شروطها لوقف إطلاق النار المستمر منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، ومنها انسحاب قوات الاحتلال انسحابا كاملا من غزة، وإنهاء الحصار وإعادة الإعمار ووقف اقتحام المسجد الأقصى.
وقالت السعودية إنها أبلغت موقفها الثابت للإدارة الأميركية، مؤكدة دعوتها المجتمع الدولي وعلى وجه الخصوص الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن التي لم تعترف حتى الآن بالدولة الفلسطينية بأهمية الإسراع في الاعتراف بها، ليتمكن الشعب الفلسطيني من نيل حقوقه المشروعة ويتحقق السلام الشامل والعادل للجميع.
وأوضحت أن بيانها جاء ردا على ما ورد على لسان المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي جون كيربي، إذ قال للصحفيين في 6 فبراير/شباط إن إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، تلقت ردا إيجابيا يفيد باستعداد السعودية وإسرائيل لمواصلة المناقشات الخاصة بتطبيع العلاقات بينهما.
وأشاد كتاب وباحثون ومحللون سياسيون وأكاديميون ببيان السلطات السعودية، وعدوه صفعة على وجه الرئيس الأميركي والإدارة الأميركية وإجهاضا لمساعيها نحو الوصول إلى تطبيع سعودي إسرائيلي تتربح منه انتخابيا.
لكن هؤلاء دعوا السلطات السعودية إلى أن تكون سياستها الفعلية منسجمة كليا مع ما جاء في البيان وأن تقدم دعما قويا للمقاومة الفلسطينية في غزة.
ورأى استاذ الاتصال السياسي أحمد بن راشد بن سعيد، أن البيان السعودي بشأن التطبيع الرسمي مع العدو الصهيوني لافت من حيثُ سياقُه، فهو يستبطن رفض أخذ موقف السعودية في هذا الشأن بصفته مسلّمة، وتطبيعِها بصفته مجانياً، مشيدا بلغة البيان الذي وصف الشعب الفلسطيني بالشقيق، نائياً عن خطاب شيطنة الفلسطينيين في “الإعلام” السعودي.
وأوضح أن البيان السعودي يحدّد مكان الدولة الفلسطينية المنشودة بالأرض المحتلة عام 1967، ويشير إلى أن القدس عاصمةً لها، وينصّ على تسمية العدوان على غزة بالعدوان، في ابتعاد واضح عن تعبير “التصعيد” الذي ساد بيانات وزارة الخارجية على مدى أشهر، وعلى الإشارة إلى الاحتلال باسمه.
وأضاف بن سعيد، أنه من المهم، لكي يحظى البيان بصدقيّة، أن تتوقف مقدّمات التطبيع، وأن يجسّد التناول الإخباري والمنصّات الاجتماعية الموقف الجديد، من أجل أن تكون له صدقيّة، ولا يبدو معزولاً، وليتحوّل إلى خطاب، ولا بدّ من القول إنّ صمود المقاومة الفلسطينية وإبلاءها بلاءً حسناً في مواجهة عدوان الإبادة قد أسهم في إحداث هذا التغيير الذي نأمُل أن يترسّخ ويتطوّر.
وقال الباحث العربي المستقل مهنا الحبيل، إن البيان بُنيته السياسية مقبولة وداعمة لغزة في الإطار السياسي العام، ولو كان موقفاً ثابتاً تنظم عليه التحركات السياسية فهو سيمثل ضغطاً مباشرا لصالح وقف العدوان خاصة بعد الورقة الأخيرة ورد حماس وتجاوبها مع الوسيط القطري الذي يجب أن يدعم لصالح الجميع بما فيها الدول العربية.
وأضاف: “لكن دون أن يكون البيان ممثلاً لسياسة تنفيذية مباشرة تضغط لفتح معبر رفح وتتحرك دوليا ضد الموقف الأمريكي والغربي، بل وتستقبل وفد حماس كونها طرف رئيس في مواجهة العدوان فلن تستفيد السعودية، وأنا أتحدث بمنطق الرياض في المصالح من الموقف وسيتعزز تراجعها في المنطقة”.
ورأى الكاتب نواف القديمي، أن التأكيد السعودي الرسمي المتكرر على أنه لا تطبيع بدون دولة فلسطينية على حدود 67 وعاصمتها القدس الشرقية – إضافة إلى شروط أخرى صعبة التحقق أيضاً – يدل على أنه لا تطبيع قريب بينها وبين الكيان المحتل، وأشار إلى أن هذا الشرط لن تقبل به أي حكومة إسرائيلية، معربا عن أمنيته أن يمتد ذلك إلى إيقاف أي قرارات حصلت مؤخراً مثل فتح الأجواء للطيران الإسرائيلي وغيرها.
وقال الناشط السعودي المعارض ناصر بن عوض القرني، نجل الداعية المعتقل في سجون السلطات السعودية الدكتور عوض القرني، تحول الخطاب من (نحن كل يوم أقرب للتطبيع) إلى شرط قيامة دولة فلسطينية تحول ملفت وجيد، متمنيا أن “تستمر المطالبات الحقيقية لأهلنا في فلسطين”.
وعد الكاتب والمحلل السياسي ياسر الزعاترة، بيان الخارجية السعودية “صفعة لبايدن، لاسيما وأنه جاء بعد أسابيع من حديثه والمقرّبين منه عن التطبيع السعودي، كما لو كان في الجيب، وسيعطونه هدية لرئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، إذا وافق فقط على عملية سياسية يمكن أن تفضي إلى دولة فلسطينية منزوعة السلاح”.
وأضاف، أن الوضع الدولي الجديد يمنح المملكة، وكل الوضع العربي فرصا كبيرة، دون الحاجة للتورّط في مسار التطبيع مع “كيان” صار أكثر وضوحا في برنامجه، إن كان على صعيد “الحل”، أم على صعيد أحلام الهيمنة، مؤكدا أن “طوفان الأقصى” كشف عُريه وهشاشته، وقد آن أن يُعاد النظر في منظومة التعامل معه، بعيدا عن الأوهام القديمة.
وأوضح الباحث في الفكر السياسي والعلاقات الدولية والحركات الإسلامية جلال الورغي، أن الموقف الصادر عن السعودية جاء بعد تصريحات من البيت الأبيض ومن بلينكن حاولت الترويج وإعطاء انطباع بأن المملكة ماضية ومنخرطة في مسار إقامة علاقات دبلوماسية مع إسرائيل، مشيرا إلى أنها محاولة أميركية جديدة، لجر وإحراج السعودية لمربع التطبيع بأي ثمن.
وأضاف أن الرد السعودي سفه هذا الابتزاز الأميركي، متمنيا أن يتصلب الموقف العربي كله ويتراجع عن مسار التطبيع وعدم التعامل مع هذا الكيان المجرم، الذي بات منبوذا عالميا، لأنه من باب أولى عربيا وإسلاميا.
وقالت الكاتبة الأميركية فيونا إدواردز، إن السعودية توجه ضربة قوية للجهود الأمريكية الرامية إلى تطبيع إسرائيل في غرب آسيا.