منظمة حقوقية: تحالف آل سعود قتل 47 صيادا يمنيا واعتقل العشرات
قالت “هيومن رايتس ووتش” الحقوقية الدولية إن قوات بحرية تابعة للتحالف بقيادة نظام آل سعود نفذت على الأقل 5 هجمات قاتلة على قوارب صيد يمنية منذ 2018.
وشاركت سفن حربية ومروحيات تابعة للتحالف في هجمات أسفرت عن مقتل 47 صيادا يمنيا على الأقل، منهم 7 أطفال، واحتجاز أكثر من 100 آخرين، بعضهم تعرض للتعذيب أثناء الاحتجاز في المملكة.
وذكرت المنظمة الحقوقية في تقرير لها أن هجمات التحالف على الصيادين ومراكب الصيد كانت متعمدة، واستهدفت مدنيين وأعيانا مدنية في انتهاك لقوانين الحرب. مسؤولو التحالف الذين أمروا أو نفذوا الهجمات أو عذبوا المحتجزين متورطون على الأرجح في جرائم حرب.
اليمن: سفن حربية للتحالف تهاجم قوارب صيد https://t.co/mAvTt6f994
— هيومن رايتس ووتش (@hrw_ar) August 21, 2019
قالت بريانكا موتابارثي، مديرة قسم الطوارئ بالنيابة في هيومن رايتس وواش: “هاجمت قوات التحالف البحرية بشكل متكرر مراكب صيد وصيادين يمنيين دون التأكد من أنهم أهداف عسكرية مشروعة. قتلُ الصيادين رغم أنهم كانوا يلوحون بأقمشة بيضاء، أو ترك طاقم المراكب المحطمة يغرقون، هي جرائم حرب”.
قابلت هيومن رايتس ووتش ناجين وشهود ومصادر مطلعة على 7 هجمات استهدفت مراكب صيد: 6 منها حصلت في 2018 وواحدة في 2016. في 5 من هذه الهجمات مات مدنيون. نفذت قوات التحالف الهجمات باستخدام أسلحة صغيرة وثقيلة. شاركت سفن بحرية ومروحيات في الهجمات من مسافات قريبة، ولذلك كان ينبغي أن تكون الطبيعة المدنية لمراكب الصيد بارزة. لوّح الصيادون بأقمشة بيضاء ورفعوا أيديهم ليظهروا أنهم لا يشكلون أي خطر. في 3 من هذه الهجمات، لم تحاول قوات التحالف إنقاذ الناجين الذين سقطوا في البحر، فغرق الكثير منهم.
وصف صياد الهجوم على مركبه قائلا: “كانت المروحية قريبة، على علوّ 3 أمتار تقريبا. طلبوا منا [عبر مكبرات الصوت] ‘الذهاب إلى الأمام’، فانتقل 4 أو 5 [صيادين] إلى الأمام بينما بقي الآخرون عند مؤخرة [القارب]، وكنت أنا في الوسط. وبعدها أطلقوا علينا الرصاص بسلاح كبير”. قُتل 7 صيادين في هذا الحادث.
كما احتجز التحالف – دون تهم على ما يبدو – ما لا يقل عن 115 صيادا، منهم 3 أطفال، في السعودية لفترات تراوحت بين 40 يوما وأكثر من سنتين ونصف. قال 7 محتجزين سابقين إن سلطات آل سعود عذبت وأساءت معاملة الصيادين وعناصر الطاقم الذين اعتقلتهم، ومنعتهم من الاتصال بعائلاتهم ومحاميهم وممثلي الحكومة اليمنية.
هذه الهجمات والاعتقالات أثرت بشدّة على مجتمعات الصيادين في الأماكن النائية التي فقدت المعيلين الأساسيين لعشرات العائلات، وأثنت الصيادين الآخرين عن الذهاب إلى البحر. قالت زوجة أحد الصيادين: “قبل الحرب، كان صيد السمك جيدا. لكننا سمعنا أن 8 رجال من الحي المجاور قتلوا… ولذلك توقف [زوجي] عن الذهاب”.
ينصّ “دليل سان ريمو بشأن القانون الدولي المطبق في النزاعات المسلحة في البحار”، الذي يُنظر إليه على نطاق واسع على أنه يعكس قوانين الحرب العرفية في البحر، على أن تفعل القوات المهاجمة كل ما بوسعها حتى تقتصر هجماتها على الأهداف العسكرية. يُفترض اعتبار المراكب مدنيّة ما لم تكن تحمل تجهيزات عسكرية أو تشكل خطرا مباشرا للسفينة المهاجمة، وتُستثنى “المراكب الصغيرة المخصصة للصيد على السواحل” من الهجمات. يتعين على هذه المراكب الخضوع لتحديد الهوية والتفتيش عند الاقتضاء، والامتثال للأوامر، بما فيها أوامر التوقف أو الابتعاد عن الطريق. كما تفرض قوانين الحرب على أطراف النزاع، كلما سمحت الظروف وخاصة بعد الاشتباك، اتخاذ جميع التدابير الممكنة للبحث عن المصابين والغرقى وانتشالهم.
قالت هيومن رايتس ووتش إن التحالف بقيادة آل سعود واظب على عدم التحقيق في جرائم الحرب المزعومة وغيرها من الهجمات غير القانونية، ومنها تلك التي استهدفت مراكب الصيد. لا توجد معلومات عن تعرض أيّ عناصر من التحالف إلى التأديب أو المحاكمة بسبب مهاجمة مراكب الصيد اليمنية.
حقق “الفريق المشترك لتقييم الحوادث” (الفريق المشترك)، الهيئة التابعة للتحالف التي تراجع الانتهاكات المزعومة لقوانين الحرب من قبل قوات التحالف، في أقل من 10 هجمات مزعومة ضدّ مدنيين في البحر. يبدو أنها جميعا مختلفة عن الهجمات التي حققت فيها هيومن رايتس ووتش. لم يخلُص الفريق المشترك إلى حصول أخطاء في أي من هذه الهجمات، ولم يوصِ بدفع تعويضات للضحايا.
قال الصيادون وأقاربهم الذين قابلناهم إن الفريق المشترك لم يتصل بهم إطلاقا. قدّمت السلطات السعودية “مساعدة” نقدية ومعدات إلى عائلات صيادين قُتلوا في إحدى الحالات التي حققت فيها هيومن رايتس ووتش، وأموالا لأفراد الطاقم المفرج عنهم في حالة أخرى.
راسلت هيومن رايتس ووتش التحالف يوم 21 يونيو/حزيران بشأن الحوادث التي حققت فيها، لكنها لم تتلقَّ أي ردّ.
هاجمت قوات الحوثيين، التي تسيطر على جزء كبير من شمال اليمن وتستهدفها قوات التحالف، بشكل غير قانوني حركة الملاحة التجارية في البحر الأحمر. لاحظ “فريق خبراء الأمم المتحدة” في تقريره الختامي لسنة 2018 أن الحوثيين هاجموا ناقلة للنفط الخام وناقلة بضائع وسفينة تابعة لـ “برنامج الأغذية العالمي”.
كما شنت قوات الحوثي هجمات بصواريخ “كروز” (cruise) مضادة للسفن وزوارق محملة بالمتفجرات يتم التحكم فيها عن بعد وزوارق صغيرة تحمل مسلحين. أعلنت أيضا أنها استخدمت ألغاما بحرية، ما يشكل خطرا كبيرا على السفن المدنية.
ينبغي لفريق الخبراء التابع للأمم المتحدة التحقيق في الهجمات التي وقعت في البحر وغيرها من الهجمات على المدنيين، ورفع توصية إلى “مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة” بفرض عقوبات على العناصر والقادة المتورطين في انتهاكات لقوانين الحرب.
قالت هيومن رايتس ووتش إنه ينبغي لدول مثل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا أن توقف فورا جميع عمليات نقل وبيع الأسلحة إلى المملكة، بما يشمل السفن الحربية والمروحيات، وأن تراجع بعناية مبيعاتها إلى أعضاء التحالف لاحتمال استخدامها في ارتكاب انتهاكات.
قالت موتابارثي: “الهجمات البحرية على مراكب الصيد اليمنية تُبرز بوضوح أن التحالف بقيادة السعودية متورط ليس فقط في قتل المدنيين من خلال غاراته الجوية غير المشروعة التي لا تُحصى ولا تُعد، وإنما أيضا في شنّ عمليات في عرض البحر. كم من الأدلة الأخرى تحتاج الدول المستمرة في بيع أسلحة للسعودية لتوقف جميع مبيعاتها لها، بما فيها السفن الحربية، أو لتفهم أنها تواجه خطر المشاركة في جرائم حرب؟”
الهجمات على مراكب الصيد
وثقت هيومن رايتس ووتش 5 هجمات بحرية للتحالف على مراكب صيد يمنية في البحر الأحمر سنة 2018 أسفرت عن مقتل 47 صيادا وإصابة 14 آخرين. في 3 من هذه الهجمات، غادرت قوات التحالف المكان دون أن تساعد الصيادين المصابين الذين سقطوا في البحر. كما احتجز التحالف أكثر من 100 صياد دون تهم في مراكز احتجاز في السعودية بين 40 يوما وسنتين ونصف. وثقت هيومن رايتس ووتش أيضا حادثا إضافيا يعود إلى سنة 2016.
أعطيت أسماء مستعارة للشهود على الهجمات والمحتجزين السابقين الذين قابلتهم هيومن رايتس ووتش خشية الانتقام منهم أو من عائلاتهم. كما راجعت هيومن رايتس ووتش تقارير إعلامية حول الهجمات، ووثائق من خفر السواحل وسلطات الصيد المحلية اليمنية، وأمر ترحيل سعودي يُثبت نقل مواطنين يمنيين.
الحوادث التي تم التحقيق فيها ليست قائمة كاملة لهجمات التحالف على الصيادين اليمنيين. أبلغ “مشروع رصد الأثر المدني”، الذي يراقب الخسائر المدنية للنزاع المسلح اليمني، عن 12 هجوما للتحالف على مراكب صيد تسببت في قتل وإصابة صيادين بين يناير/كانون الثاني 2018 ويناير/كانون الثاني 2019، منها 9 أبلغ عنا على أنها ضربات جوية. هجمتان منها تطابقان هجمات وثقتها هيومن رايتس ووتش. بالنظر إلى الطبيعة المنعزلة للحوادث البحرية وضعف شبكات الاتصال على الساحل الغربي لليمن، فإن العدد الفعلي للهجمات قد يكون أعلى بكثير.
جميع الهجمات التي تم توثيقها شكلت على ما يبدو انتهاكات لقوانين الحرب المنطبقة على النزاع المسلح في اليمن. في كل حادثة، عمدت قوات التحالف على ما يبدو إلى مهاجمة مراكب الصيد والصيادين رغم أنه كان يمكن تمييزهم كمدنيين بسهولة. لم تعثر هيومن رايتس ووتش على أي أدلة على أن أي من هذه المراكب كانت تشكل تهديدا عسكريا لقوات التحالف. غادرت السفن البحرية المكان تاركة الصيادين يعومون في البحر. كما يُعتبر احتجاز الصيادين وأفراد الطاقم لفترات مطولة وتعذيبهم وسوء معاملتهم أثناء الاحتجاز انتهاكا لقوانين الحرب والمعايير الدولية لحقوق الإنسان.
القادة الذين أمروا بهجمات غير مشروعة أو نفذوها بشكل متعمد، أو امتنعوا بشكل غير مبرر عن إنقاذ الصيادين على متن المراكب الغارقة، أو أساؤوا معاملة المحتجزين، متورطون في جرائم حرب. قد يتحمل القادة المسؤولون عن الوحدات التي شنت الهجمات مسؤولية جنائية بحُكم مسؤولية القيادة.
أكدت المنظمة الحقوقية أنه ينبغي لفريق الخبراء التابع للأمم المتحدة مراجعة أدوار وأفعال القباطنة البحريين على سفن التحالف الحربية في البحر الأحمر خلال فترة الحوادث المذكورة أعلاه. يجب على التحقيقات مراجعة دور القادة البحريين من بينهم الفريق البحري الركن فهد بن عبد الله الغفيلي، القائد الحالي للقوات السعودية البحرية الملكية.