الإطاحة بمكانة المملكة لدى المسلمين.. وقف تمويل مساجد أوروبا نموذجا
تطيح سياسات ولي العهد محمد بن سلمان منذ وصوله إلى السلطة مكانة المملكة لدى المسلمين عبر نهج قائم على التخلي عن التزاماتها التاريخية بوصفها بلاد الحرمين.
يبرز من ذلك قرار بن سلمان الذي تم تطبيقه تدريجيا بوقف كامل لتمويل بناء وإصلاح المساجد الإسلامية في أوروبا في تماهي خطير مع رغبات الأطراف الغربية لمحاصرة الإسلام ومنع انتشاره.
وفيما يوقف بن سلمان تمويل بناء وإصلاح المساجد في أوروبا وحول العالم، فإنه يخضع ميزانيات المملكة لخدمة أهوائه وبناء المراقص والملاهي ودور السينما في بلاد الحرمين الشريفين في إطار رؤيته الترفيهية 2030.
وقبل أيام صرح رئيس رابطة الجامعات الإسلامية والأمين العام لرابطة العالم الإسلامي الوزير السابق في نظام آل سعود محمد العيسي بأن المملكة لن تدير ولن تمول المساجد والمراكز الإسلامية خارج حدودها الوطنية بعد الآن.
وادعى العيسى أن تعويض التمويل السعودي قد يتم عبر مشاركات من المصلين أو بعطاءات خاصة: “لا بد من تنويع المصادر إن كنا لا نريد أن نكون مرتبطين بأحد”.
وسيؤثر قرار نظام آل سعود غير المسبوق على آلاف المساجد في أوروبا التي تعتمد لمواصلة دورها واستقبال المصلين على دعم المملكة تاريخيا.
في ألمانيا مثلا يوجد أكثر من 2000 جمعية تابعة لمساجد يتم تمويل غالبية المساجد في ألمانيا وباقي دول أوروبا من المملكة وبعض الدول الإسلامي.
والمملكة ظلت لسنوات طويلة من أبرز الممولين لها للجمعيات الإسلامية والمساجد في ألمانيا، لكن نظام آل سعود وبدلا من الدفاع عن هذه المؤسسات تورط بالخضوع لاتهامات جماعات يمنية متطرفة بأن المساجد الممولة من الخارج مصدر الفكر المتطرف.
وزعم العيسى في تصريحاته “بلا شك التمويل إذا كان من قبل دولة خارجية أو مكون معين ينتمي إلى هذه الدولة في أصوله فإن هذا يعتبر خطأ كبيرا، ويؤثر على الاندماج الوطني وعلى اللحمة الوطنية”.
ويصل عدد الأئمة بألمانيا إلى 2000 إماما، وينحدر 90 في المائة منهم من الخارج، لكن مسألة التمويل الحكومي للمساجد لا تزال محط نقاش وسط السياسيين.
وفي سويسرا تخلى آل سعود عن تمويل مسجد جنيف الكبير وسلم إدارته إلى السلطات السويسرية في واقعة مشينة أثارت الكثير من الانتقادات في صفوف الجالية المسلمة.
وتقول صحيفة لوبوان الفرنسية “يبقى السؤال “كيف”؟ كيف ستنظم الجاليات الإسلامية أمورها علماً أنها لم تحط علماً بقرار السعودية الانسحاب المفاجئ من تمويلها؟ لا سيما أن بعض الدول، مثل فرنسا العلمانية، لا تتدخل في شؤون المراكز الدينية أو العبادة”.
المتحدث الرسمي السابق باسم المسجد الكبير في باريس، حافظ ورديري، قال: “هذا خبر سار وسيء في الوقت نفسه. لقد ناضلت لأجل استقلالية هذا المسجد عن المملكة. لكنني آسف لأن ذلك يحدث دون أي استشارة مع الجالية المسلمة. كيف لنا أن نجد بين عشية وضحاها ما يكفي من الكفاءات لإدارة هكذا مسجد؟”.
يعمل في مسجد جنيف، على سبيل المثال، 17 شخصاً ويضم إضافة إلى صالة الصلاة، صالة مؤتمرات ومكتبة ومدرسة لتعليم اللغة العربية وعلوم القرآن وصالة أفراح وصالة رياضية ومشرحة. ونوادي للنساء والفتيات والشباب. من يستطيع تمويل هذه النشاطات فجأة، تتساءل الصحيفة الفرنسية.
كما كانت المملكة اتفقت مع بلجيكا على التخلي عن إدارة المسجد الكبير في بروكسل والذي يعد أكبر مسجد في البلاد.
وسلمت بلجيكا إدارة المسجد الكبير للرياض في عام 1969 مما منح الأئمة السعوديين وسيلة للتواصل مع جالية متنامية من المهاجرين المسلمين.
وسبق أن قدرت تقارير أوروبية أن المملكة كانت تنفق ما بين مليارين و3 مليارات دولار سنويا على بناء المساجد وصيانتها في أوروبا.