5 عوامل وراء لقاء بن سلمان ونتنياهو بينها فقدان الملك السيطرة
يجمع مراقبون أن هناك ثمة عوامل وراء اللقاء الذي عقد في مدينة “نيوم” وجمع ولي العهد محمد بن سلمان ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، برعاية أمريكية.
اللقاء الذى عقد بعد ساعات قليلة من استضافة المملكة اجتماع مجموعة قمة العشرين، أظهر كما لو كان التطبيع السعودي الإسرائيلي نتيجة مخططة للتجمع الدولي.
ليس من المستغرب أن يأتي هذا التنازل العربي الأخير لإسرائيل دون أثمان ملحوظة فيما يتعلق بحقوق الفلسطينيين، بل إنه يتماشى مع المكافآت غير الموجودة للتطبيع الأخير مع إسرائيل من قبل الإمارات والبحرين والسودان.
يمكن استخلاص العديد من القضايا من الإعلان عن الاجتماع:
أولاً: من الواضح أن الرئيس دونالد ترامب ووزير الخارجية مايك بومبيو أرادا تقديم هدية فراق لنتنياهو، بالرغم من أن الرئيس رفض نتيجة الانتخابات الرئاسية الأمريكية، بالإضافة إلى العديد من المزايا الأخرى على مدى السنوات الأربع الماضية.
ومن الواضح أن نظام آل سعود لا يستطيع تحمل ضغوط الإدارة الأمريكية بسهولة، وليس من الصعب تخيل كيف يمكن لـترامب أو بومبيو تهديد محمد بن سلمان من خلال تسريب معلومات عن تورطه في مقتل كاتب العمود في “واشنطن بوست”، جمال خاشقجي أو عن سلوك المملكة المثير للجدل في الحرب في اليمن.
إن الكشف عن المسؤولية الشخصية لولي العهد في أي من هذه الأمور يمكن أن يقوض بسهولة أي شرعية يتوق إليها الطامح إلى العرش السعودي محليًا ودوليًا.
ثانيًا: يبدو أن الملك سلمان بن عبدالعزيز فقد السيطرة أخيرًا على سفينة الدولة لصالح ابنه، بينما كانت المملكة حذرة في التعليق على (وإن لم تنتقد) إعلان الإمارات التطبيع مع إسرائيل، فقد أعلنت في النهاية أنها ضد هذه الخطوة حتى يتم إيجاد حل عادل ومنصف للقضية الفلسطينية، وهو موقف دافع عنه الملك بشدة.
اليوم، بينما يشيخ الملك سلمان ويقل انتباهه، ربما يرى ولي العهد أن الباب ينفتح ببطء لتغيير جذري في السياسة.
من المؤكد أن المؤشرات كانت حاضرة منذ فترة طويلة مثل الهجوم الذي شنه الأمير بندر بن سلطان، سفير الرياض السابق في واشنطن، ضد القيادة الفلسطينية في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، حيث كان ذلك مؤشرًا واضحًا على موقف بن سلمان.
بعبارة أخرى، قد يُتبع الاجتماع السعودي الإسرائيلي بسرعة كبيرة لقاء تطبيع أخر قد تتوج بحفل توقيع في البيت الأبيض قبل 20 يناير/كانون الثاني المقبل.
ثالثًا: هناك احتمال مخيف وخطير للاجتماع الآن، حيث يفقد “ترامب” و”بومبيو” المزيد من النفوذ في طريقهما للخروج، وهو خطة لضربة عسكرية على إيران، حيث ربما يُطلب من “محمد بن سلمان” المساهمة فيها.
وقد نشرت الولايات المتحدة مؤخرًا قاذفات “بي52” في المنطقة، من المفترض أن “تردع العدوان وتطمئن شركاء الولايات المتحدة وحلفائها”.
ومع تهوره قد يقتنع ولي العهد بحجج الحماية الأمريكية والإسرائيلية من الانتقام، يمكن أن يكون هذا مدعوماً من جانب الإماراتيين والبحرينيين، الذين ينظرون إلى علاقاتهم مع إسرائيل على أنها بوليصة تأمين.
إذا حدث هذا بالفعل وقررت إدارة ترامب مهاجمة إيران، فلن يلوم محمد بن سلمان وولي عهد أبوظبي محمد بن زايد أي شخص آخر على الكارثة القادمة إلا نفسيهما.
رابعا: هناك تطورات جادة في إسرائيل لا تبشر بالخير لرئيس الوزراء “نتنياهو”؛ أطلق شريكه في الحكومة، وزير الدفاع بيني جانتس، تحقيقًا في فساد محتمل في صفقة شراء غواصات بقيمة ملياري دولار من ألمانيا، شارك فيها مقربون من رئيس الوزراء.
بصرف النظر عن تدهور العلاقات بين نتنياهو وجانتس، يمكن أن يسبب هذا التحقيق لرئيس الوزراء الحالي صداعًا سياسيًا لا يوصف قد يؤدي إلى استقالته، وصفقة التطبيع مع السعودية في هذا السياق يمكن أن تساعده مع الجمهور الإسرائيلي.
خامساً: ليس من الصعب توقع حملة قمع جديدة في السعودية ضد أفراد العائلة المالكة السعودية والمجتمع الأوسع من أجل إسكات أي معارضة لقرار تغيير السياسة السعودية طويلة الأمد تجاه إسرائيل وفلسطين.
وفي هذا الصدد، تجدر الإشارة إلى دراسة استقصائية للرأي العام أجراها المركز العربي للأبحاث ودراسات السياسات في الدوحة، والتي أظهرت أن 89% من السعوديين يعتبرون القضية الفلسطينية قضية تهم جميع العرب وليس فقط الفلسطينيين، وأن 65% منهم يعارضون التطبيع مع إسرائيل.
كما رفض 29% من المشاركين في الاستطلاع السعودي الإجابة على سؤال التطبيع، مشيرين إلى تخوفهم من التعبير بحرية عن رأيهم في الموضوع.
وفي النظام الملكي المطلق، سيؤدي هذا المستوى من المعارضة لمثل هذا السؤال المهم بالتأكيد إلى قمع مطلق.
أخيرًا: ومهما كانت نتيجة لقاء محمد بن سلمان ونتنياهو، فمن المعروف أن دول الوضع العربي الراهن -خاصة السعودية ومصر والإمارات- قررت بالفعل التخلي عن دعمها لنضال الفلسطينيين ضد الاحتلال الإسرائيلي.
لقد أصبح من الواضح تماما أن الفلسطينيين ليس لديهم دولة عربية ستتبنى قضيتهم، ومرة أخرى، يتم تذكير الفلسطينيين بأنهم وحدهم يتحملون المسؤولية الكاملة عن العمل من أجل ضمان حقوق الإنسان الخاصة بهم كشعب وإعمال حقهم القومي في دولة مستقلة.