لجنة دولية: المملكة على رأس الدول المنتهكة لحقوق الصحفيين
وضعت لجنة دولية المملكة على رأس قائمة الدول المنتهكة لحقوق الصحفيين بفعل سياسات نظام آل سعود القمعية.
وأصدرت “لجنة حماية الصحافيين” Committee to Protect Journalists، قائمتها السنوية حول الصحافيين السجناء، واحتلت فيها المملكة المرتبة الثالثة.
وقالت اللجنة إن الصين وتركيا تتصدران الدول التي تسجن أكبر عدد من الصحافيين، وتتبعهما المملكة ومصر، ثم إريتريا وفيتنام وإيران.
وأبرزت اللجنة أن “وجود أنظمة الحكم الاستبدادية والاضطرابات والاحتجاجات في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أدّت إلى زيادة عدد الصحافيين السجناء في المنطقة، خصوصاً في السعودية التي قفز عدد الصحافيين المحتجزين فيها إلى 26 صحافياً عام 2019، وباتت تحتل مع مصر المرتبة الثالثة بين البلدان التي تسجن أكبر عدد من الصحافيين”.
وأفادت “لجنة حماية الصحافيين” بأن عدد الصحافيين المسجونين بسبب عملهم في العالم بلغ 250 صحافياً على الأقل للسنة الرابعة على التوالي، وتصدرت الصين وتركيا قائمة الدول التي تسجن أكبر عدد منهم.
وأشارت اللجنة إلى أن الرئيس الصيني، شي جين بينغ، شدّد “القبضة الحديدية التي تفرضها الدولة على الصحافة في البلاد” حيث يقبع 48 صحافياً خلف القضبان.
أما تركيا، و”بعدما قوّضت عملياً كل التغطية الصحافية المستقلة والنقد عبر إغلاق أكثر من مائة وسيلة إعلامية وتوجيه اتهامات متعلقة بالإرهاب ضد العديد من موظفيها”، فتسجن 47 صحافياً في عام 2019.
ويواجه عشرات الصحافيين الآخرين محاكمات أو صدرت بحقهم أحكام بالسجن ولم يدخلوا السجن بعد، في انتظار البت في دعاوى الاستئناف.
وبينت أن “السياسة ظلّت الموضوع الأكثر أرجحية أن يؤدي إلى سجن الصحافيين، يتبعها موضوعا حقوق الإنسان ثم الفساد. وفيما يواجه معظم الصحافيين السجناء في العالم اتهامات بمناهضة الدولة، ارتفع عدد الصحافيين المتهمين بنشر (أخبار كاذبة) إلى 30 صحافياً”.
وقال المدير التنفيذي في “لجنة حماية الصحافيين”، جويل سايمون، إن “سجن صحافي واحد هو ظلم فادح ويترك تبعات واسعة على الأسر والأصدقاء والزملاء. أما سجن مئات الصحافيين، سنة تلو الأخرى، فهو تهديد لنظام المعلومات العالمي الذي نعتمد عليه جميعاً. وتستخدم الحكومات القمعية هذه الأساليب القاسية لحرمان مجتمعاتها والعالم بأكمله من المعلومات الأساسية”.
تجدر الإشارة إلى أن تقرير اللجنة لا يشمل الصحافيين الذين احتجزوا وأفرج عنهم على امتداد العام.
ويحكم نظام آل سعود بقضبة من حديد فيبطش ويقمع الصحافيين فارضا نظاما في السعودية يقوم على تقييد الحريات العامة وفي مقدمة ذلك حرية الصحافة وهو ما يعبر عنه موقع المملكة في قائمة حرية الصحافة عالميا.
وتصنف منظمة (مراسلون بلا حدود) -المنظمة الدولية المعنية بالدفاع عن حرية الصحافة – المملكة السعودية في 172 من أصل 180 دولة على مستوى العام من حيث حرية الصحافة بحسب التصنيف العالمي الذي نشرته المنظمة في وقت سابق هذا العام.
فلا وجود لوسائل إعلام حرة في المملكة ويخضع الصحفيون السعوديون إلى مراقبة مشددة حتى لو كانوا في الخارج، وهذا ما تأكّد مع اغتيال الصحفي الشهير جمال خاشقجي داخل قنصلية بلاده في إسطنبول التركية في مطلع تشرين أول/أكتوبر 2018.
وزعم ولي العهد محمد بن سلمان أنه ينتهج خطاب انفتاح عند توليه السلطة في جوان/يونيو 2017، لكن الشواهد في المملكة وتقارير الأمم المتحدة والمنظمات الدولية تؤكد أنه في عهد بن سلمان تعزز القمع تعزّز، فمنذ ذلك التاريخ تضاعف عدد الصحفيين والصحفيين المواطنين خلف القضبان ثلاث مرات، وكان اعتقال أغلبهم تعسفيًا، وكان تعذيبًا آليًا بالنسبة لكل مساجين الرأي.
وتقضي المجلة الجزائية وكذلك قوانين مناهضة الإرهاب والجرائم الإلكترونية بسجن الصحفيين أو إيقافهم عن العمل كلما صدر عنهم نقد أو ما يشكل تدخلًا في الشأن السياسي (التجديف أو المس بالدين أو تهديد الوحدة الوطنية أو المس بصورة الملك والدولة) ومع كل هذا فإن الرقابة الذاتية هي القاعدة حتى على شبكات التواصل الاجتماعي.
صحفيون في السجون
يوجد حالياً ما لا يقل عن 30 صحفياً وصحفياً مواطناً قيد الاحتجاز التعسفي في سجون آل سعود وهم المعرفون رسميا لدى المنظمات الدولية فيما يقول نشطاء إن العدد الحقيقي للصحفيين والمدونين المعتقلين سرا هو بالمئات.
وتعد المملكة أحد أكبر سجون الصحفيين في العالم.
ومع انطلاق المؤتمر العالمي لحرية الإعلام في لندن (10-11 يوليو/تموز 2019) قبل أيام، كشفت مراسلون بلا حدود أنها باشرت مهمة غير مسبوقة إلى السعودية في أبريل/نيسان للدعوة إلى إطلاق سراح الصحفيين الثلاثين المحتجزين في سجون البلاد، معتبرة أن هذه الخطوة هي السبيل الوحيد لإفساح المجال أمام الرياض لرئاسة مجموعة العشرين في أعقاب اغتيال جمال خاشقجي.
في ضوء أزمة حرية الصحافة الناجمة عن الاغتيال المروع للكاتب والصحفي خاشقجي سافرت مراسلون بلا حدود إلى الرياض في أبريل/نيسان للتباحث مباشرة مع المسؤولين الحكوميين السعوديين حول ضرورة إجراء إصلاحات عاجلة في مجال حرية الصحافة.
وقد ظلت هذه الزيارة سرية حيث تمت فيها مناقشة إمكانية إصدار عفو في حق المحتجزين بمناسبة شهر رمضان – وهو الإجراء الذي لم تتخذه الحكومة السعودية.
وبينما تجد المملكة نفسها في دائرة الضوء أكثر فأكثر حيث باتت أعين العالم شاخصة عليها بعد نشر تقرير أممي يدين الرياض في قضية مقتل خاشقجي، ناهيك عن تولي السعودية رئاسة مجموعة العشرين، فقد حان الوقت لكي تتخذ المملكة الإجراءات اللازمة في هذا الصدد بحسب ما تطالب المنظمات الحقوقية الدولية.
وكان الهدف الرئيسي لمهمة منظمة مراسلون بلا حدود في المملكة هو التطرق إلى الاعتقال التعسفي المستمر في حق 30 صحفياً وصحفياً مواطناً وضمان إطلاق سراحهم.
وقد ترأس الوفد الأمين العام لمنظمة مراسلون بلا حدود، كريستوف ديلوار، حيث رافقه كل من مديرة مكتب مراسلون بلا حدود في المملكة المتحدة، ريبيكا فينسنت، ومدير مكتب ألمانيا، كريستيان ميهر، والرئيس السابق لمراسلون بلا حدود في السويد، جوناثان لونديكفيست.
ومن 21 إلى 23 أبريل/نيسان، التقت بعثة مراسلون بلا حدود مع مسؤولين سعوديين، من بينهم وزير الخارجية عادل الجبير، ووزير الإعلام تركي الشبانة، ووزير العدل وليد بن محمد الصمعاني، والمدعي العام سعود المعجب، إلى جانب رئيس هيئة حقوق الإنسان بندر العيبان.
وفي هذا الصدد، قال الأمين العام لمنظمة مراسلون بلا حدود كريستوف ديلوار، “إن مقتل جمال خاشقجي تسبب في أضرار بالغة لسمعة المملكة العربية السعودية على الصعيد الدولي، حيث شكل نقطة مظلمة في سجل بلد يحتل واحدة من أسوأ المراتب على جدول التصنيف العالمي لحرية الصحافة”.
وأكد ديلوار في الوقت ذاته على “الحاجة الملحة إلى إشارة قوية من الحكومة السعودية تنم عن إرادة سياسية حقيقية حتى يبدأ جبر هذا الضرر، إذ نعتقد أنه لا يمكن تحقيق ذلك إلا من خلال إجراءات جدية مثل إطلاق سراح جميع الصحفيين المحتجزين في البلاد”.
وختم ديلوار: “بالإضافة إلى جهودنا الحالية عبر عمليات المناصرة وإطلاق الحملات مع الأمم المتحدة ومجموعة العشرين وجميع المنتديات الدولية في سبيل حماية الصحفيين، نحن مقتنعون بأن التواصل مباشرة مع الحكومة السعودية كان بمثابة خطوة ضرورية. لقد نجحنا في فتح قناة للتواصل وسوف نواصل الضغط والتأكيد على ضرورة إطلاق سراح الصحفيين الثلاثين المحتجزين، باعتبار ذلك السبيل الوحيد للمضي قدماً بعد اغتيال خاشقجي”.
وتؤكد منظمة مراسلون بلا حدود أن عودة المملكة إلى الواجهة على الساحة الدولية، بعد تسعة أشهر من اغتيال خاشقجي، لا يمكن أن تتم إلا بإطلاق سراح الصحفيين المحتجزين في البلاد.
وتبرز المنظمة أن “المملكة في نظرنا لا يمكن أن تتمتع بشرعية كاملة لتولي هذا الدور في ظل بقاء عشرات الصحفيين رهن الاعتقال، وذلك بعد تسعة أشهر من جريمة الاغتيال المروعة التي راح ضحيتها الصحفي جمال خاشقجي على أيدي عملاء سعوديين”.
وتقول “لا يمكن للمجتمع الدولي أن يقدم للمملكة ما تنطوي عليه رئاسة مجموعة العشرين من امتيازات سياسية دون أن تبادر السعودية إلى اتخاذ خطوات قوية بعد مأساة إسطنبول”.