كندا ستبيع آل سعود ناقلات جنود بشروط صارمة
تتجه كندا إلى إتمام صفقة بيع ناقلات جنود إلى نظام آل سعود نحو عامين من تجميدها وذلك بشروط صارمة بينها ضمان عدم استخدامها في ارتكاب جرائم حرب.
وأعلنت الحكومة الكندية أنّها أعادت التفاوض على شروط عقد بقيمة 14 مليار دولار كندي (10 مليار دولار أميركي) أبرمته مع المملة منذ سنوات لبيعها ناقلات جند مدرّعة خفيفة، في خطوة تمهّد أمام المضي قدماً في تنفيذ هذه الصفقة المجمّدة منذ نهاية 2018.
وهذه الصفقة مجمّدة منذ ديسمبر/كانون الأول 2018 بسبب اتّهامات وجّهتها أوتاوا إلى الرياض عقب مقتل الصحافي جمال خاشقجي في قنصلية بلاده في اسطنبول وحرب تحالف آل سعود في اليمن.
ويمثّل إعلان الحكومة الكندية تحوّلاً في سياسة رئيسها جاستن ترودو الذي أعلن في نهاية 2018 أنّه يبحث عن طرق تتيح لبلاده التملّص من إتمام هذه الصفقة المثيرة للجدل.
وصرح وزير الخارجية الكندي فرانسوا-فيليب شامباين بأنه تمّ إدخال “تحسينات كبيرة” على العقد الموقّع في عام 2014 لبيع الرياض ناقلات جند مصفّحة خفيفة تصنّعها في كندا شركة “جنرال دايناميك لاند سيستمز كندا” التابعة لمجموعة “جنرال دايناميكس” الأميركية.
وذكر شامباين أن “إلغاء هذا العقد البالغة قيمته 14 مليار دولار” كندي كان يمكن أن يؤدّي إلى “عقوبات بمليارات الدولارات على الحكومة الكندية” وأن “يهدّد وظائف آلاف الكنديين”.
وأوضح أنّه بفضل هذه “التحسينات” لن تضطر كندا بعد الآن إلى دفع غرامات إذا ما تأخّرت في إصدار “تصاريح تصدير مستقبلية” أو رفضت إصدار هذه التصاريح بسبب حصول انتهاكات لضمانات استخدام الأسلحة.
وقال شامباين إنّ الأسلحة “لا يمكن تصديرها إذا كان هناك خطر كبير بأنّها ستستخدم لارتكاب أو تسهيل ارتكاب انتهاكات جسيمة للقانون الدولي الإنساني أو للقانون الدولي لحقوق الإنسان أو أعمال عنف خطيرة قائمة على أساس النوع الاجتماعي”.
وأضاف “بعد الانتهاء من مراجعة تصاريح التصدير إلى المملكة التي أجراها مسؤولون من دائرة الشؤون العالمية بكندا – بما في ذلك تلك المتعلّقة بهذه الصفقة – بدأنا الآن مراجعة طلبات التصاريح على أساس كل حالة على حدة” للتأكّد من أنّها “تمتثل للمتطلّبات القانونية المذكورة أعلاه”.
ومؤخرا دعت خمس منظمات حقوقية دول العالم إلى حظر بيع الأسلحة إلى نظام آل سعود على خلفية ما يرتكبه من جرائم حرب مروعة بحق المدينين في اليمن.
ورحَّبت المنظمات الحقوقية في بيان مشترك، بقرار ألمانيا تمديد حظرها بيع الأسلحة إلى المملكة، ودعت الحكومات الأخرى إلى اتباع خطوات الحكومة الألمانية مع مرور خمس سنوات على بداية الحرب في اليمن.
وحمل البيان تواقيع: منظمة العمل المسيحي من أجل القضاء على التعذيب – فرنسا، مؤسسة القسط لحقوق الإنسان، مؤسسة حملة ضد تجارة الأسلحة، ومركز الخليج لحقوق الإنسان ومجموعة منّا لحقوق الإنسان.
وحث بيان المنظمات الحقوقي السلطاتِ الألمانية على توسيع الحظر ليشمل منع تصدير قطع الغيار وتعليق بيع الأسلحة لكل أطراف الصراع في اليمن وفي مقدمتهم تحالف آل سعود.
وفي 23 مارس 2020، قرر مجلس الأمن الألماني تجديد التعليق المفروض على رخص تصدير وبيع الأسلحة إلى المملكة، المفترض انتهاؤه 31 مارس، للمرة الثالثة، وموعد انتهائه الجديد سبتمبر 2020.
ويعني القرار أن الحكومة الألمانية لن تمنح رخص تصدير جديدة للمملكة ولن تسلّم أي أسلحة إلى المملكة استنادًا إلى الرخص القائمة، لكن هذا القرار يحتوي استثناءً لشحن قطع الغيار في إطار مشاريع التعاون الأوروبية، بما في ذلك قطع طائرات تايفون الأوروبية.
في مارس 2018، وافقت حكومة الائتلاف الألمانية على إيقاف تصدير الأسلحة لكل البلدان المنخرطة “مباشرةً” في حرب اليمن، لكن التعليق الكامل لإمدادات الأسلحة للمملكة لم يطبق إلا بعد جريمة قتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي في إسطنبول في أكتوبر 2018. وعلى الرغم من أن إيقاف بيع الأسلحة إلى السعودية مستمر منذ ذلك الحين، إلا أن الحكومة الألمانية لم توقف رخص التصدير لبلدان أخرى منخرطة في الحرب في اليمن، مثل الإمارات العربية المتحدة.
منذ مارس 2015، قاد نظام آل سعود تحالفًا عسكريًا يدعم الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا في عملية عسكرية ضد مجموعة أنصار الله المسلحة التي سيطرت على عاصمة اليمن صنعاء في 2014.
وفق مشروع بيانات مواقع النزاع المسلح وأحداثها الذي يتتبع الوفيات في الصراع، تجاوز العدد الكلي للوفيات في الحرب 100,000 قتيل في 2019، منها 12000 مدني قتلوا في هجمات مباشرة، وفقًا لما قالته الأمم المتحدة فإن اليمن تمر بأسوأ أزمة إنسانية في العالم، وبحاجة ماسة إلى الإغاثة الإنسانية، وتقترب حال الملايين من اليمنيين إلى المجاعة، وتعاني اليمن من الكوليرا بشكل كبير يعد الأسوأ في التاريخ الحديث، وحسب التقديرات فقد أصيب فيه أكثر من مليون شخص، وتواجه اليمن هذا العام خطر انتشار فيروس كوفيد-19، ومن الممكن أن ينتشر على نطاق واسع نتيجة افتقار البلاد لمرافق الرعاية الصحية الملائمة، إذ تدمر الكثير منها أو تضرر أثناء الصراع.
وقد قال فريق الخبراء الدوليين والإقليميين بشأن اليمن التابع للأمم المتحدة في تقريره الأخير أن هجمات التحالف بقيادة السعودية والإمارات أصابت في مرّاتٍ عدة مناطق مكتظة بالمدنيين، مثل المناطق السكنية والأسواق.
وذكر الفريق الأممي أن الغارات الجوية للتحالف دمَّرت البنى التحتية المدنية الحيوية، مثل الأراضي الزراعية ومرافق المياه والمستشفيات والمدارس، وغيرها من البنى التحتية الضرورية لحياة المدنيين. وقد فرضت قوات التحالف حصارًا بحريًا فعليًا على اليمن، وإغلاقًا لمطار صنعاء الدولي منذ أغسطس 2016، مما أعاقَ إيصال معونات الإغاثة الحيوية، مثل الطعام والدواء والوقود.
وخلص الفريق إلى أن التحالف بقيادة السعودية والإمارات مسؤولٌ عن انتهاكاتٍ جسيمة للقانون الدولي، عدد من هذه الانتهاكات قد يعد جرائم حرب.
وخلال الخمس السنوات الماضية، وثّقت الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية مئات الهجمات العشوائية وغير المتناسبة على المدنيين. وفي ضوء هذا التوثيق المستفيض للانتهاكات الجسيمة للقانون الإنساني الدولي، مرر البرلمان الأوروبي قرارًا يدعو لحظر كامل من الاتحاد الأوروبي على تصدير أو بيع أو تحديث أو صيانة كافة أنواع المعدات العسكرية والأمنية للسعودية، بما في ذلك تقنيات المراقبة التي تستخدم للتجسس على المدافعين عن حقوق الإنسان والنشطاء على الإنترنت وتقود لقمعهم وسجنهم، في سعي من السلطات السعودية لمنعهم من توثيق انتهاكات حقوق الإنسان في السعودية واليمن والمنطقة والكشف عنها.
ومن الضروري على الدول أن تبين رفضها لهذه الانتهاكات للقانون الدولي، وَفَرضُ وقف اختياري لبيع الأسلحة سيشكل خطوة واضحة في ذلك الطريق.
وحثت المنظمات الحقوقية السلطات الألمانية على توسيعه ليشمل تحريم تصدير قطع الغيار للمشاريع المشتركة مع الاتحاد الأوروبي، إذ يحمل ذلك خطر استخدامها لارتكاب أو تسهيل انتهاكات القانون الإنساني الدولي وقانون حقوق الإنسان الدولي، بما في ذلك قطع طائرات التايفون الأوروبية، فهي طائرات مقاتلة تستخدم روتينيًا لتنفيذ الغارات الجوية الخاصة بالتحالف.
وبغرض تحقيق سياسةٍ مستفيضة وفعّالة بشأن اليمن، أكدت المنظمات الحقوقية أن على ألمانيا فرض تعليقٍ صارم لبيع الأسلحة لكل أطراف الصراع، بما في ذلك الإمارات العربية المتحدة.
ودعت كل الحكومات الأخرى إلى إيقاف تصدير تقنيات المراقبة إلى السعودية، والانضمام إلى صف ألمانيا في فرض وقفٍ على تصدير الأسلحة إلى السعودية حتى تُوقِف هجماتها غير القانونية، وتشرع بتحقيقٍ فعّال وشفّاف في الانتهاكات الجسيمة للقانون الإنساني الدولي من قبل قواتها والقوات الواقعة تحت سيطرتها، وتوفير التعويض المناسب للضحايا المدنيين.