تقرير حقوقي: عقوبة الإعدام في المملكة تخضع لاعتبارات سياسية
سلط تقرير حقوقي الضوء على عقوبة الإعدام في المملكة التي تتزايد أحكامها بحق معتقلين سياسيين وقاصرين؛ لأغراض انتقامية وتعسفية.
وعبر التقرير الحقوقي عن مخاوف من تنفيذ أحكام بالإعدام خلال العام 2020 بشكل يفوق سابقه من العام 2020 الذي تخلله جائحة كورونا.
وأشار تقرير حقوقي صادر عن المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان إلى استغلال النظام السعودي انخفاض حصيلة 2020 في تبييض صورته عالميا.
لكن التغير في الأرقام لم يوقف طبيعة تعامل النظام السعودي مع عقوبة الإعدام بوصفها أداة قمعية وانتقامية وتعسفية.
2020 سجل تجاوز الإعدام رقم 800 منذ تسلم الملك سلمان الحكم في 2015، احتوت هذه الأحكام على انتهاكات صارخة وجسيمة للقانون الدولي.
وقالت المنظمة الأوروبية: لايزال موقف النظام مع ملف الإعدامات مرتبكا ويتضمن مواقف غامضة، فالقرارات التي احتفي بها رسميا، وخاصة فيما يتعلق بتغييرات في اعدام القاصرين
لم يتضح وجهها الأخير بعد، في ظل عدم نشر الأمر الملكي وعدم إعلان القوانين بشكل رسمي من الجهات المختصة، إلى جانب استمرار انعدام اليقين فيما يتعلق بأرقام الأفراد الذين يواجهون خطر الإعدام.
إعدامات العام 2020
خلال العام 2020، قال النظام السعودي إنه أعدم 27 شخصًا. يُعتبر الرقم انخفاضا بنسبة 85 % إعدام عن العام 2019،
هو ما يُمثِّل أكبر انخفاض في عمليات الإعدام منذ أن بدأت المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان برصد الإعدامات عام 2013، وعلى الرغم من ذلك إلا أنه لا تزال هناك نواح مهمة تبعث إلى القلق.
ورصدت المنظمة الأوروبية السعودية، 25 حالة من هذه الإعدامات، من بينهم إمرأتان. توزعوا على جنسيات مختلفة، فقد أعدم 16 سعوديا، و3 سوريون، و2 يمنيون و2 أردنيون وواحد مصري وواحد عراقي.
واجه 19 فردا منهم، تهما تتعلق بجرائم قتل، بينما واجه 5 تهما لا تعد من الجرائم الأشد خطورة تتعلق بالمخدرات والممنوعات
وواجه شخص واحد تهما تتعلق بالسطو المسلح. كما أن من بينهم بحسب رصد المنظمة القاصر عبد المحسن الغامدي.
يظهر تفنيد الأرقام استمرار استخدام العقوبة بحق الأفراد الأكثر ضعفا، مثل القاصرين والنساء والعمال الأجانب، وذلك رغما عن افتقاد عدالة المحاكمات.
في خطوة غير معهودة من قبل هيئة حقوق الإنسان السعودية، التي كانت تتجاهل التعليق على تصاعد أحكام الإعدامات في البلاد، في السنوات الماضية
نشرت في يناير 2021 بيانا، قالت فيه إن أحكام الإعدام خلال العام 2020 بلغت 27 إعداما. ما يزيد بواقع حالتين عن إحصاءات المنظمات الحقوقية للإعدامات التي نُفذت في عام 2020 عبر الاستناد إلى ما تنشره وكالة الأنباء السعودية الرسمية واس.
وذلك يثير الشكوك من أن إحصاءات الإعدام التي قدمتها المنظمات الحقوقية في السنوات السابقة أقل من الأرقام الفعلية بسبب غياب الشفافية في السعودية.
وكانت المنظمة الأوروبية السعودية قد وثقت إعدام 818 شخص منذ 2015 حتى 2020، بواقع 159 في 2015، و154 2016، 146 2017، 148 2018، 186 2019، و 27 عام 2020.
أسباب التراجع
ورأت المنظمة الأوروبية أنه إلى جانب الحظر المؤقت التي نشرت عنه هيئة حقوق الإنسان، قد تكون جائحة كوفيد 19 والإجراءات الاستثنائية التي رافقتها
والإغلاق التام في أواخر شهر مارس 2020، ساهمت في تقليص الأعداد. فنتيجة للإغلاق، تعثرت واضطربت بعض أعمال الجهات الرسمية في البلاد من وقت لآخر.
إضافة إلى ذلك، قد تكون قمة العشرين فرضت على السعودية التخفيف من إنتهاكات حقوق الإنسان.
ورصدت المنظمة تنفيذ 9 إعدامات بعد القمة تشكل في مجملها 33% من مجمل إعدامات العام، في وقت كانت متوقفة عن إي إعدامات لقرابة أربعة أشهر( من 20 يوليو إلى 10 ديسمبر) قبلها.
وبحسب رصد المنظمة الأوروبية السعودية فإن ما لايقل عن 41 شخصاً ما زالوا معرضين لخطر القتل، أغلبهم ضمن القضايا السياسية.
ترجح المنظمة أن العدد الفعلي أعلى، وخاصة مع محدودية قدرة المنظمات الحقوقية على تتبع ومراقبة أحكام الإعدام الجنائية
وخصوصا المتعلقة بالمهاجرين والعمال الأجانب، وخاصة أن عدد أحكام الإعدام التي تُنفذ بحق هذه الفئة كبير كل عام.
أنواع التهم
تزعم السعودية أن أحكام الإعدام تطبق وفقا للشريعة الإسلامية، ولكن فحص الإجراءات والمعايير، يبين انتهاكات صارخة. فبحسب الشريعة الإسلامية تنقسم العقوبات إلى:
القصاص: تُطبق على جرائم القتل والتعدي على الأطراف والجنايات.
الحدود: وهي عقوبات مقدرة شرعاً، كحد الزنى، حد السرقة، وحد الحرابة، وغيرهما.
التعزير: وهو عقوبة تأديبية غير مقدرة على معصية أو جناية لا حد فيها ولا كفارة.
تعتقد المؤسسة الدينية الرسمية في السعودية بجواز القتل التعزيري، وتمتلك أفهاماً متطرّفة للشريعة الإسلامية تبيح قتل أصحاب الآراء المختلفة معها من خلال القتل التعزيري.
ولا ينحصر ذلك في قتل المعارضين السلميين، بل يتعداه إلى قتل المختلفين معها دينياً، كما أنها قد تطال من يعبر عن رأيه أو يشارك في مظاهرة.
يستخدم القضاء في السعودية هذه الأفهام لتبرير رفض دعاوى ضحايا التعذيب التي يقدمونها في المحكمة، وتسويغ الأحكام الجائرة والعنيفة التي تصل لعقوبة الإعدام.
وحتى نهاية 2020، تهدد عقوبة الإعدام في السعودية حياة 47 سجينا على الأقل، معظمهم لم توجه لهم تهما بارتكاب جرائم شديدة الخطورة.
بل إن جزءا منهم، لم توجه لهم تهما باقتراف جرائم تتوافق مع مفهوم القانون الدولي للجرائم، وإنما يواجهون تهما تتعلق بممارسة حقهم في التعبير.
ورأت المنظمة الحقوقية أن الانخفاض الملحوظ في أحكام الإعدام المنفذة خلال العام 2020 لا يعكس توجها جذريا في التعامل الرسمي مع عقوبة الإعدام، واستخدامها الانتقامي وغير العادل.
وأكدت أن هناك العشرات يواجهون عقوبة الإعدام بتهم تتعلق بالتعبير عن الرأي والمشاركة في مظاهرة ومحاكمتهم مستمرة على الرغم من الانتهاكات التي انطوت عليها.
وتعتقد المنظمة أن هناك الكثير من القضايا الأخرى التي لم تتمكن من توثيقها بسبب انعدام الشفافية وتغييب المجتمع المدني في الداخل والتي قد تتضمن معتقلي رأي ومعتقلين سياسيين وافرادا يواجهون تهما ليست من الأشد خطورة.
وختمت بأن العديد من المؤشرات ترجح أن السعودية سوف تتجاوز في ٢٠٢١ الرقم المسجل في ٢٠٢٠ لوجود العديد من الأحكام النهائية التي قد تنفذ في أي وقت.