منظمات حقوقية تفضح استراتيجية محمد بن سلمان لتلميع صورته دوليا
فضحت سبع منظمات حقوقية استراتيجية ولي العهد محمد بن سلمان لتلميع صورته دوليا والترويج لمكانة المملكة في وقت يصعد فيه ممارسات القمع الشامل وحظر الحقوق العامة.
وقالت المنظمات إنه في الوقت الذي تواصل فيه السلطات السعودية ارتكاب انتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان، فإنها تسعى أيضًا إلى إعادة بناء صورتها على الساحة الدولية من خلال مشاريع ضخمة مثل مدينة نيوم.
وكذلك الاستثمارات في الرياضة العالمية مثل شراء الأندية الكبرى، ومحاولاتها استضافة كأس العالم، بالإضافة إلى سعيها للحصول على مقعد في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة.
وأكدت المنظمات أن هذه الجهود السعودية تهدف إلى إخفاء سجلها المروع في مجال حقوق الإنسان. لذلك، يجب على المجتمع الدولي أن يظل منتبهًا للواقع الميداني، المتمثل في تصاعد الإعدامات والقمع الممنهج لحرية التعبير.
وعبرت المنظمات عن القلق العميق إزاء تزايد عمليات الإعدام في السعودية. وفقًا لمعلومات من وكالة الأنباء السعودية، نفذت السلطات إعدام ما لا يقل عن 200 شخص خلال الأشهر التسعة الأولى من عام 2024، وهو عدد يتجاوز ما سُجل في أي عام كامل على مدار العقود الثلاثة الماضية.
وبحسب المنظمات فإن هذا الرقم يعكس تجاهل السلطات السعودية الجسيم للحق في الحياة ويتناقض مع تعهداتها السابقة بتقليص استخدام عقوبة الإعدام.
وخلال الاستعراض الدوري الشامل هذا العام، قبلت السلطات توصية واحدة فقط من بين 22 توصية تتعلق بعقوبة الإعدام، مما يبرز عدم التزامها بإجراء إصلاحات حقيقية.
من بين 214 شخصًا أُعلن إعدامهم علنًا حتى 9 أكتوبر 2024، أُعدم 59 شخصًا بتهم تتعلق بجرائم المخدرات، منهم 46 أجنبيًا.
ويشير هذا إلى زيادة كبيرة مقارنة بعام 2023، الذي شهد إعدام شخصين فقط في قضايا مخدرات، مما يعكس تراجعًا كاملاً عن تعهد سابق بوقف استخدام عقوبة الإعدام في مثل هذه القضايا.
وهذا التصعيد يثير القلق بشأن حياة مئات السجناء المحكوم عليهم بالإعدام بتهم تتعلق بالمخدرات، بما في ذلك 33 مصريًا. وقد أُعدم مواطنان مصريان، هاني محمد وسليمان حميد، في 28 سبتمبر على خلفية تهم متعلقة بالمخدرات.
وتعتبر هذه الإعدامات انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي لحقوق الإنسان، الذي يحظر استخدام عقوبة الإعدام في الجرائم التي لا تصل إلى مستوى الجرائم الأكثر خطورة.
خلال عام 2024، واصلت السعودية تنفيذ عقوبة الإعدام في قضايا غير مميتة، التي تشكل 41% من إجمالي الإعدامات، بما في ذلك 13% (29 شخصًا) أُعدموا بتهم تتعلق بجرائم الإرهاب غير المميتة، مثل المشاركة في الاحتجاجات.
ويمثل الادعاء غير المنطقي بأن عبد المجيد آل نمر، الرجل الشيعي الذي أُعدم في 17 أغسطس، كان جزءًا من خلية إرهابية تابعة لتنظيم القاعدة، مثالًا صارخًا على محاولة السلطات وصف المعارضة السلمية بأنها إرهاب، رغم عدم وجود دليل يثبت ذلك في الوثائق القضائية المتعلقة بمحاكمته.
لطالما كانت السعودية من بين الدول الرائدة في تنفيذ الإعدامات على مستوى العالم. على الرغم من تعهد ولي العهد السعودي محمد بن سلمان في عام 2018 بتقليص استخدام عقوبة الإعدام، فإن معدل الإعدامات استمر في الارتفاع، رغم الهدوء النسبي خلال جائحة كورونا.
وفي مارس 2022، كرر محمد بن سلمان هذا الالتزام، ولكن ذلك لم يمنع تسجيل أكبر عدد من الإعدامات في ذلك العام. في عام 2023، نفذت السلطات ما لا يقل عن 172 عملية إعدام، ويشير الرقم المسجل للأشهر التسعة الأولى من عام 2024 إلى أن هذا العام سيشهد أعلى معدل إعدام في التاريخ السعودي الحديث. في ظل غياب الشفافية، فإن الأرقام الفعلية قد تكون أعلى من ذلك.
كما تفشل السلطات السعودية في الوفاء بوعدها بشأن إلغاء عقوبة الإعدام للقاصرين. حاليًا، يواجه ما لا يقل عن تسعة شبان خطر الإعدام، والعديد منهم مهددون بالإعدام الوشيك بسبب جرائم يزعم أنهم ارتكبوها في مرحلة قصرهم.
وهذا يشكل انتهاكًا صريحًا للقانون الدولي لحقوق الإنسان ويتناقض مع الادعاءات الرسمية بإلغاء هذه الممارسة. جميع الأحكام بحق هؤلاء الشبان صدرت بعد محاكمات غير عادلة لم تلتزم أدنى معايير العدالة، مثل منعهم من الوصول إلى محامٍ، وعدم تمكينهم من الاطلاع على ملفاتهم الجنائية، وقبول الاعترافات المنتزعة بالإكراه.
كما استخدمت السلطات عقوبة الإعدام كأداة لقمع المعارضة على الإنترنت. ففي يوليو 2023، صدر حكم بالإعدام على المعلم المتقاعد محمد الغامدي، البالغ من العمر 55 عامًا، بسبب نشاطه السلمي على وسائل التواصل الاجتماعي.
ورغم تخفيف حكمه إلى السجن 30 عامًا، فإن قضيته تسلط الضوء على كيفية استخدام عقوبة الإعدام لقمع حرية التعبير في البلاد. في الوقت نفسه، تستمر محاكمات الداعية سلمان العودة والباحث الشرعي حسن فرحان المالكي، اللذين يسعى الادعاء إلى تنفيذ عقوبة الإعدام بحقهما استنادًا إلى دعاوى غير محددة، رغم عدم وجود أدلة واضحة، فيما تتأخر محاكماتهما بلا سبب واضح.
وحثت المنظمات الحقوقية السلطات السعودية على وقف فوري لاستخدام عقوبة الإعدام، والعمل على إلغائها بشكل كامل. في انتظار ذلك، يجب على المملكة أن تُزيل من قوانينها أي أحكام تتعلق بعقوبة الإعدام التي تنتهك القانون الدولي لحقوق الإنسان، مثل فرض الإعدام الإلزامي، واستخدامه ضد الأشخاص الذين كانوا قاصرين عند ارتكاب الجريمة أو في القضايا التي لا تصل إلى مستوى الجرائم الأكثر خطورة، كما هو منصوص عليه في المادة 6 (2) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.
يشار إلى أن المنظّمات الموقّعة على البيان هي: القسط لحقوق الإنسان، العفو الدولية، جمعيّة معًا لمناهضة عقوبة الإعدام، المنظّمة الأوروبيّة السعوديّة لحقوق الإنسان، هيومن رايتس ووتش، منَا لحقوق الإنسان، ومنظمة ريبريف.