تفاقم أزمة اقتصاد المملكة: 12 مليار دولار خسائر صادرات نفط آل سعود
أظهرت بيانات رسمية، أن قيمة صادرات نفط المملكة انخفضت بنسبة 65.4% في شهر أبريل/نيسان، مقارنة مع الشهر ذاته في 2019، بما يعادل هبوطا بنحو 12 مليار دولار.
وقالت الهيئة العامة للإحصاء، إنه مقارنة مع مارس/آذار، تراجع إجمالي الصادرات، بما في ذلك صادرات السلع غير النفطية مثل المواد الكيماوية والبلاستيك، 23.5% أو نحو 3 مليارات دولار.
وفي ظل انخفاض أسعار النفط والطلب عليه، هوت قيمة صادرات النفط السعودية في الربع الأول من العام 21.9% على أساس سنوي إلى 40 مليار دولار، ما يعادل تراجعا بنحو 11 مليار دولار حسب ما أظهرته بيانات في وقت سابق من الشهر الجاري.
ولم تقتصر حرب أسعار النفط التي أشعلها ولى العهد محمد بن سلمان مع روسيا، في مارس/ آذار المنصرم، على الخسارة الآنية فقط، بل تعدت لفقدان المملكة أسواقا عالمية.
وتراجعت صادرات النفط السعودية نحو الولايات المتحدة الأميركية بمستويات قياسية منذ بداية العام 2020، وشهدت تراجعا ملحوظا مع تفشي فيروس كورونا وحرب أسعار النفط العام.
وأفاد وكالة بلومبيرغ بأن شحنة نفط سعودية واحدة فقط أبحرت باتجاه الشواطئ الأميركية هذا الشهر يونيو/ حزيران، وأن توقعات المراقبين تشير إلى استمرار انخفاض صادرات الخام السعودي إلى الولايات المتحدة بمستويات قياسية، بعد أن تم “إغراق” السوق الأميركي وإرباكه في وقت سابق.
وأظهرت بيانات إحصائية، خسارة المملكة لأسواق الصين، لتصبح روسيا أكبر مصدر للنفط العام خلال إبريل/ نيسان المنصرم.
وتخطت روسيا المملكة لتصبح أكبر مصدر للنفط الخام إلى الصين في إبريل/ نيسان، حسب ما أظهرته بيانات الجمارك، إذ ارتفعت الصادرات 18 في المائة عنها قبل عام مع اقتناص شركات التكرير للمواد الخام بأسعار رخيصة وسط حرب أسعار بين المنتجين.
وبلغت الشحنات الروسية 7.2 ملايين طن خلال إبريل، بما يعادل 1.75 مليون برميل يوميا، وفقا للأرقام الصادرة عن الإدارة العامة للجمارك، مقابل 1.49 مليون برميل يوميا في إبريل/ نيسان 2019 و1.66 مليون برميل يوميا في مارس/ آذار.
وانخفضت الإمدادات من السعودية إلى 1.26 مليون برميل يوميا، من 1.53 مليون برميل يوميا في إبريل/ نيسان 2019 و1.7 مليون برميل يوميا في مارس/ آذار.
وبلغ إجمالي واردات الصين من النفط الخام في إبريل/ نيسان 9.84 ملايين برميل يوميا، ارتفاعا من 9.68 ملايين برميل يوميا في مارس/ آذار، لكن بانخفاض كبير عن 10.64 ملايين برميل يوميا في إبريل/ نيسان من العام الماضي، بحسب بيانات صدرت في وقت سابق من الشهر الحالي.
وعلى الرغم من هذا، زادت واردات الأشهر الأربعة الأولى من العام 1.7 في المائة على أساس سنوي مع استغلال مصافي النفط الصينية لتهاوي أسعار الخام.
وأعلنت شركة أرامكو السعودية، سابقا، أن أرباحها في الربع الأول انخفضت بنسبة 25 في المائة مقارنة بالعام الماضي.
كما هوت عائدات تصدير النفط خلال الربع الأول بنسبة 24% على أساس سنوي إلى 34 مليار دولار، وتراجعت الأصول الاحتياطية للمملكة إلى أدنى مستوى منذ 9 سنوات، إلى 473.3 مليار دولار.
وسبق أن هبطت احتياطيات العملات الأجنبية في البنك المركزي في مارس/آذار بأسرع معدل منذ 20 عاما على الأقل ولأدنى مستوى لها منذ 2011.
ولم تخرج المملكة، أكبر مصدر للنفط في العالم من دائرة الانكماش، التي تسيطر على الاقتصاد منذ أشهر طويلة، حيث ذكرت مؤسسة “أي اتش اس” ماركت العالمية للأبحاث، في تقرير لها، أن مؤشر مديري المشتريات في المملكة انخفض إلى مستوى 44.4 نقطة، مقابل 42.4 نقطة في مارس/ آذار.
ويعني انخفاض المؤشر عن مستوى 50 نقطة أن ثمة انكماشاً، في حين أن تخطيه هذا المستوى يشير إلى النمو.
ويستند مؤشر مديري المشتريات إلى خمس ركائز رئيسة، هي الطلبيات الجديدة ومستويات المخزون والإنتاج وحجم تسليم المُوردين، وبيئة التوظيف والعمل.
وكان الرئيس الأميركي دونالد ترامب عمل سريعا على إقناع المملكة وروسيا الموافقة على خفض إنتاج النفط في نيسان/إبريل. ولم ينفع الاتفاق في إنقاذ أسعار النفط حيث كانت المحاولة قليلة ومتأخرة.
ووجهت المملكة شركة النفط الوطنية (أرامكو) إلى تخفيض إنتاجها من النفط الخام ليونيو/حزيران بقدر طوعي إضافي يبلغ مليون برميل يوميا، فوق التخفيضات التي تعهدت بها المملكة سابقا بموجب اتفاق (أوبك بلس).
وتواجه المملكة بأسعار 30 دولارا للبرميل أسوأ أزمة اقتصادية وإمكانية خسارة الحامي الأمريكي.
وعلقت صحيفة “لوموند” الفرنسية، قائلة إن أحلام ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، في عام 2020، قضي عليها بفعل الانفجار المفاجئ لفيروس كورونا.
وأوضحت الصحيفة أن بن سلمان كان يراهن على قمة العشرين، في تشرين الثاني/نوفمبر المقبل، وستتحول القمة إلى لقاءات عن بعد، عبر الإنترنت، وهو ما يخلق واقعا جديدا له، يضعف من آماله وطموحاته والمشاريع التي روج لها بوصفها حداثة.
ورأت الصحيفة أن إعلان وزير الاقتصاد السعودي تجميد عدد من المشاريع الكبرى الخاصة بالتنمية، ورغم عدم إعلان أسمائها، إلا أن مشروع “نيوم” الذي كان سيكلف 500 مليار دولار سيكون الضحية الأولى.
وأشارت إلى أن المشاريع السياحية، التي جعل منها بن سلمان شعارا آخر لمخطط انفتاحه، ستشهد بطئا.
وقال الدبلوماسي الفرنسي السابق فرانسوا توازي، إن الموجة الثانية من إجراءات التقشف في المملكة، مثل تجميد المساعدات المباشرة، التي كان يتم تقديمها للمحتاجين والرفع من الضريبة المضافة من 5% إلى 15%، كلها ستؤدي إلى “نهاية دولة الرفاهية”، وهو منعطف حقيقي في السعودية.
وأشارت الصحيفة الفرنسية إلى أن الكثير من الإجراءات الأخيرة، تعود إلى تهاوي سعر البترول دون 30 دولارا للبرميل بعدما كان في بداية آذار/مارس يفوق 50 دولارا، علما أن البترول يشكل 70% من مداخيل المملكة، وبهذا تجد البلاد نفسها أمام أزمة غير مسبوقة منذ عقود.