انتقادات شديدة لقرار إدارة بايدن منح الحصانة لمحمد بن سلمان
قوبل قرار إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن منح ولي العهد محمد بن سلمان الحصانة من الدعاوي القضائية ضده بانتقادات شديدة من وسائل إعلام أمريكية ونشطاء حقوق الإنسان ومعارضين سعوديين.
ويتعلق قرار إدارة بايدن اعتبار محمد بن سلمان، لديه حصانة قانونية من الملاحقة القضائية في دعوى مرفوعة ضده في قضية مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي في 2018.
ونددت صحيفة New York Times الأمريكية بقرار إدارة بايدن واعتبرته تخليا عن مبادئ تحقيق العدالة والمحاسبة على الجرائم.
وأشارت الصحيفة إلى أنه عندما أراد محمد بن سلمان تقوية مطالباته للحصول الحصانة من مساءلة المحاكم الأمريكية في قضية خاشقجي؛ نقل الملك سلمان لقب رئيس الوزراء إلى ابنه بشكل مؤقت في سبتمبر 2022.
من جهتها أبرزت صحيفة وول ستريت جورنال أن العار كان يلاحق محمد بن سلمان، وتم نبذه دولياً بعد حادثة اغتيال خاشقجي؛ لذا فقد كان مستميتاً للحصول على الحصانة من المحاكم الأمريكية.
وذكرت الصحيفة أن وزارة الخارجية الأمريكية أشارت إلى أن “مبادئ القانون العام لحصانة محمد بن سلمان، لا تعكس حكماً على السلوك الأساسي محل الخلاف في التقاضي”.
فيما أكدت صحيفة واشنطن بوست، أن على محمد بن سلمان أن يُدرك بأن قرار منح الحصانة لا يُسقط الدعوى المرفوعة ضده حول اغتيال خاشقجي، لأن الحصانة فقط تحميه من الإجراءات القانونية بشأن القضايا المتعلقة بحظر السفر للولايات المتحدة.
وشددت الصحيفة على أن منح الإدارة الأمريكية الحصانة لمحمد بن سلمان كان تنازلاً غير مستحق، لأن ذلك سيشجعه على مواصلة قمعه وانتهاكاته القاسية.
فيما لفتت وكالة الأسوشيتد برس، أن إعلان إدارة بايدن باعتبار محمد بن سلمان محصناً قضائيا هو قرار غير ملزم للمحكمة الأمريكية، وسيقرر القاضي في النهاية ما إذا كان سيمنحه الحصانة أم لا.
وقد انتقد نشطاء حقوق إنسان ومعارضون سعوديون قرار منح الحصانة لمحمد بن سلمان، بينما أكدت واشنطن أن “القرار يستند إلى القانون العام، ولا يمس بمضمون وجوهر قضية مقتل خاشقجي”.
واعتبرت المديرة التنفيذية في لمنظمة “الديمقراطية الآن للعالم العربي” (DAWN)، التي أسسها الصحفي جمال خاشقجي لتعزيز حقوق الإنسان والديمقراطية بالمنطقة، سارة ليا ويتسن أن نتيجة طلب الحصانة “مروعة وهي تنازل هائل للسعودية”.
وقالت سارة ليا ويتسن لشبكة “سي إن إن”: “النتيجة أتت عكس ما وعد به الرئيس الأميركي جو بايدن بمحاسبة قتلة جمال خاشقجي”.
وأشارت إلى أن “تعيين محمد بن سلمان رئيسا للوزراء كانت حيلة لتأمين ما يسمى بحصانة رئيس الدولة”.
إلا أن أستاذ القانون في كلية الحقوق بجامعة كاليفورنيا ديفيس، ويليام دودج، شرح أنه “بعد أن أصبح محمد بن سلمان رئيسا للوزراء، ترتب على الحكومة أن توصي بأنه يحق له التمتع بالحصانة”.
وأوضح دودج أن “الأمر شبه تلقائي”، لذلك اعتقد أن السعودية عينته لهذا السبب رئيسا للوزراء.
بدوره، انتقد الأمين العام لحزب التجمع الوطني عبد الله العودة، القرار الأمريكي وقال إن “النضال لاسترداد حق خاشقجي وحقنا جميعا لن يتوقف”.
وتابع في تغريدة نشرها على موقع تويتر أن “هذا الموقف القانوني في المحكمة هو فضل صغير لفضح المتورطين في مقتل خاشقجي، وكيف أنهم استخدموا كل الوسائل لأجل تحاشي حكم العدالة”.
كما انتقدت خديجة جنكيز، الخطيبة السابقة لخاشقجي، إعلان وزارة العدل الأميركية عن “حصانة” ولي محمد بن سلمان. وبعد دقائق من نشر الخبر، قالت خديجة جنكيز، عبر حسابها على موقع “تويتر”، “مات جمال مرة أخرى اليوم”.
وتتجاوز القضايا القانونية للأمير محمد بن سلمان في المحاكم الأميركية قضية خاشقجي، فقد ورد اسمه أيضا في دعوى رفعها سعد الجابري، المسؤول الاستخباراتي السابق، الذي اتهمه بمحاولة إغوائه بالعودة إلى المملكة من كندا، وادعى أن ولي العهد “نشر فرقة اغتيال” لقتله على الأراضي الكندية.
لكن قاضيا طلب رفض القضية حينها، قائلا إن محكمته ليس لها اختصاص على جميع المتهمين الواردين في دعوى الجابري.
وبعد التوصية الأميركية، قال خالد الجابري، لـ”سي أن أن”: “(..) لم تحمي إدارة بايدن ولي العهد من المساءلة في المحاكم الأميركية (..) بل أعلنت أنه لن يُحاسب أبدا”.
وفي 27 سبتمبر، تم تعيين الأمير محمد، الذي شغل سابقا منصب نائب رئيس الوزراء ووزير الدفاع، رئيسا للوزراء بموجب مرسوم ملكي، مما أثار قلق نشطاء في مجال حقوق الإنسان من أن التعيين سيحمي الامير الشاب من تبعات أي قضايا أمام محاكم أجنبية.
وقال محامو ولي العهد في التماس إلى المحكمة الفدرالية الأميركية بواشنطن يطلب إسقاط الدعوى، مستشهدين بقضايا أخرى أقرت فيها الولايات المتحدة بحصانة زعماء دول أجنبية “المرسوم الملكي لا يترك مجالا للشك في أن ولي العهد تحق له الحصانة بناء على منصبه”.
وطلبت المحكمة من وزارة العدل الأميركية إبداء الرأي في موقف الحصانة للأمير محمد، وحددت 3 أكتوبر موعدا نهائيا للحصول على رد، وقالت وزارة العدل، بعد تعيين الأمير محمد رئيسا للوزراء، إنها طلبت تمديدا 45 يوما لإعداد ردها على المحكمة “في ضوء تلك الملابسات المتغيرة”.