تراجع مستمر لاستثمارات المملكة في السندات الأمريكية
يتواصل تراجع المملكة باستثماراتها في أذونات وسندات الخزانة الأمريكية بحيث وصلت إلى 178.9 مليار دولار بنهاية أكتوبر الماضي مقابل 187.5 مليار دولار بنهاية سبتمبر من العام ذاته, بانخفاض 1.4%.
ووفقا لتحليل صحيفة “الاقتصادية”، استند إلى بيانات وزارة الخزانة الأمريكية، صعد رصيد المملكة من سندات وأذونات الخزانة الأمريكية بنهاية أكتوبر/تشرين الأول 2019 على أساس سنوي، 4.4% بما يعادل 7.6 مليار دولار، مقارنة برصيدها نهاية أكتوبر/تشرين الأول 2018 البالغ 171.3 مليار دولار.
وتوزعت استثمارات المملكة في سندات الخزانة الأمريكية إلى 135.5 مليار دولار في سندات طويلة الأجل (تمثل 76% من الإجمالي)، فيما 44.4 مليار دولار في سندات قصيرة الأجل (تشكل 24% من الإجمالي).
وواصلت الرياض زيادة استثماراتها في سندات الخزانة الأمريكية 7 أشهر على التوالي في 2019 بمشتريات قيمتها 21.2 مليار دولار، حيث كانت 162.6 مليار دولار بنهاية يناير/كانون الثاني 2019، حتى وصلت و183.8 مليار دولار في أغسطس/آب.
بينما خفضت حيازتها الشهرين الأخيرين إلى 181.5 مليار دولار بنهاية سبتمبر/أيلول، و178.9 مليار دولار بنهاية أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
وفي نهاية أكتوبر/تشرين الأول 2019، احتلت المملكة المرتبة الـ12 بين كبار المستثمرين في سندات وأذونات الخزانة الأمريكية.
والاستثمارات السعودية في سندات الخزانة، لا تشمل الاستثمارات الأخرى في الأوراق المالية والأصول والنقد بالدولار في الولايات المتحدة.
ويعتزم نظام آل سعود بيع سندات دولية جديدة للمملكة قريبا مع تصاعد أزمتها الاقتصادية وتفاقم العجز في موازنتها السنوية.
وصرح مسؤول كبير بوزارة المالية في نظام آل سعود أن المملكة ربما تطرح سندات دولية في موعد قريب ربما يكون في يناير/كانون الثاني المقبل، في إطار خطط لجمع ديون بقيمة 32 مليار دولار في العام المقبل.
وذكر فهد السيف رئيس مكتب إدارة الدين العام في مقابلة، بأنه من المتوقع أن تشكل الإصدارات المحلية 55% من إجمالي خطة إصدار الدين، وأن النسبة المتبقية ستُجمع على المستوى الدولي.
يأتي الإعلان في وقت دخلت شركة أرامكو النفطية الحكومية أمس الأربعاء، رسميا سوق البورصة مع بدء تداول أسهمها محليا بارتفاع بنسبة 10% عن سعرها المحدّد مسبقا، وأصبحت عملاقة النفط السعودي أكبر شركة مدرجة في سوق مالية على مستوى العالم.
وبلغ سعر السهم بعد ثوانٍ من بدء تداوله 35,2 ريال سعودي (9,4 دولار) بزيادة 3,2 ريال (0,85 دولار) عن السعر الرئيسي، ما يرفع قيمة الشركة في يومها التاريخي هذا من 1,71 تريليون دولار إلى 1,88 تريليون دولار.
وقبل أيام أقر نظام آل سعود الميزانية السنوية للمملكة بعجز قياسي من دون أي مراقبة أو ضمان للحد الأدنى من الشفافية المعمول به عالميا.
وتبقى ميزانية المملكة أسيرة أمراضها المزمنة، والتي يتبلور أهم بنودها في غياب مشاركة مجتمع الاعمال والمجتمع الأهلي في التخطيط لها ومراقبتها، ونظرًا لغياب وجود مجلس تشريعي منتخب في السعودية، فلا يمارس مجلس الشورى الحالي هناك اي دور رقابي على الميزانية.
ونظرًا لذلك لا تتمتع الميزانية السعودية بالشفافية اللازمة، فحديث وزارة المالية عن مكونات الإيرادات على أنها إيرادات ضريبية وإيرادات أخرى، أمر يحتاج إلى تفصيل فالإيرادات الأخرى من المفترض أن تتضمن الإيرادات النفطية، وكذلك العائد من عمليات الخصخصة المستهدفة، وكذلك عوائد الصناديق السيادية السعودية، والتي تمثل ما يمكن أن نطلق عليه “الصناديق السوداء”، فما يتم نشره عن أصولها الرأسمالية، لا يخرج من المؤسسات السعودية، ولكن يأتي من خلال مؤسسة دولية معنية بالصناديق السيادية على مستوى العالم.
ففي ظل هذه المبادرات في المجالات المختلفة، وما يعلن من برامج رؤية 2030، زاد فقر السعوديين، حتى إن نسبة تقترب من 63% من المواطنين السعوديين، تقدموا للحصول على دعم “صندوق حساب المواطن” والذي يقدم دعمًا شهريًا للأسرة بحدود ألف ريال كحد أقصى، لمواجهة الآثار السلبية الناتجة عن الإجراءات التقشفية التي طبقتها الحكومة. هذا بخلاف المستفيدين من برامج الضمان الاجتماعي.
وستظل ميزانية المملكة مجرد شكل إجرائي، لا يعني المواطن السعودي منها شيء، طالما تنفرد الحكومة بإعدادها دون مشاركة مجتمعية، وفي ظل غياب الرقابة والمساءلة، عن كفاءة الإيرادات المالية في المملكة، وكذلك أوجه الإنفاق.
ويجمع مراقبون على وجود مخاطر حسيمة تهدد اقتصاد المملكة وهو ما أكده العجز الحاصل في موازنتها المتوقعة للعام 2020 التي شهدت تقليص شديد في النفقات المتوقعة ضمن عجز من المحتمل أن يرتفع ليبلغ عتبة 50 مليار دولار.
ويأتي العجز الحاصل على خلفية تراجع انتاج النفط وانخفاض أسعاره وتخبط نظام آل سعود في إدارة الشأن الاقتصادي وفساد رموزه فضلا عن فشل رؤية المملكة 2030.
ويتناقض العجز في الموازنة مع ترويج نظام آل سعود إلى سعيه لتمويل خطّة للتحول الاقتصادي ومشاريع كبرى في قطاعات غير نفطية، بينها الترفيه والسياحة.
وبلغت النفقات المتوقعة للسنة المقبلة 1020 مليار ريال، أي حوالى 272 مليار دولار، على أن يصل العجز إلى 131 مليار ريال، أي 50 مليار دولار.
وفي العام 2019، بلغت النفقات الفعلية 1048 مليار ريال، أي 279,4 مليار دولار، بينما وصل العجز إلى 131 مليار ريال، أي 35 مليار دولار، بحسب أرقام وزارة المالية.
وتشهد المملكة عجزا في موازناتها منذ خمس سنوات حين هبطت أسعار النفط بشكل كبير، واستقرّت مؤخرا عند مستوى 50 و60 دولارا. وبين 2014 و2019، وصل مجموع العجز في الموازنات إلى نحو 385 مليار دولار.
واتّفقت المملكة مع دول منتجة أخرى على خفض الانتاج في محاولة لرفع أسعار الخام. والأسبوع الماضي أعلن أعضاء منظمة الدول المصدّرة أوبك وشركاؤهم، بما في ذلك روسيا، بعد اجتماع في فيينا أنهم اتفقوا على زيادة خفض إنتاجهم النفطي بما لا يقل عن 500 ألف برميل إضافية يوميًا لدعم أسعار الخام.
ورفع هذا التخفيض سيرفع الحد من الإنتاج إلى 1,7 مليون برميل يوميًا للمجموعة التي تضم 24 دولة اعتباراً من الأول من كانون الثاني/يناير 2020.