سباق فورمولا 1.. العفو الدولية: لا للتبييض الرياضي والتغطية على جرائم المملكة
أعربت منظمة العفو الدولية عن مخاوفها إزاء استغلال النظام السعودي سباق فورمولا 1، المُزمع إقامته بجدة، العام المقبل، في “التبييض الرياضي” لسجلات حقوق الإنسان في المملكة.
وحذّر مدير حملات منظمة العفو الدولية في المملكة المتحدة، فليكس جاكينز، من أنّ سباق فورمولا 1 يجب أن تُدرك أنّ الجائزة الكبرى السعودية عام 2021 ستكون جزءاً من الجهود المتواصلة للتبييض الرياضي من أجل التغطية على سجل حقوق الإنسان السيئ في البلاد.
وقال جاكينز إنه إبان الاستعدادات للسباق في جدة، “نُطالب جميع سائقي ومالكي وفرق فورمولا 1 بالتفكير في الحديث علناً عن أوضاع حقوق الإنسان بالبلاد. وفي حال المضي قُدماً في السباق، يجب أن تُصر فورمولا 1، على الأقل، على أن تنُص كافة العقود على معايير عمل صارمة في كافة سلاسل التوريد، وأن تُفتح كافة السباقات للجميع دون تمييز”.
واستضافت السعودية سباق فورمولا E في الرياض 2018، كما استضافت البلاد عدة أحداث رياضية دولية خلال اﻷشهر الـ12 الماضية، ومن بينها فعاليات مصارعة وكرة قدم ملاكمة.
وتُمثّل الأحداث الرياضية والترفيهية جزءاً من استراتيجية رؤية 2030 في المملكة، من أجل تنويع اقتصاد البلاد وتحسين سمعتها الدولية.
ولطالما دشّنت منظمة العفو الدولية حملات ضد ما تصفه بأنّه استغلالٌ سعودي للرياضة من أجل صرف الانتباه عن انتهاكاتها على صعيد حقوق الإنسان.
وأكتوبر الجاري، أطلقت منظمة “هيومن رايتس ووتش” الحقوقية حملة عالمية لمواجهة جهود سلطات نظام آل سعود تلميع سجلها “الحقوقي المشين” في إدانة جديدة لانتهاكات النظام.
وقالت المنظمة الدولية، في بيان نشرته على موقعها الإلكتروني، إن المملكة أنفقت مليارات الدولارات على استضافة الأحداث الترفيهية والثقافية والرياضية الكبرى “كاستراتيجية متعمدة لحرف الأنظار عن صورتها كدولة ترتكب انتهاكات متفشية”.
وأضافت: لم يشهد العامان اللذان مضيا على قتل الصحفي جمال خاشقجي بشكل وحشي على يد عملاء سعوديين أي مساءلة لمسؤولين رفيعين متورطين في جريمة القتل.
ولفتت “رايتس ووتش” إلى أنه منذ ذلك الوقت بادرت حكومة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بقوّة إلى تنظيم وتمويل فعاليات رفيعة المستوى شارك فيها كبار الفنانين والمشاهير والرياضيين العالميين، ولديها خطط للمزيد.
ومن بين الذين قدموا عروضهم منذ عام 2018: إنريكي إغليسياس، وماريا كاري، وأندريا بوتشيلي، وجانيت جاكسون، وفيفتي سنت، وجينيفر لوبيز، ودافيد غيتا.
وشملت الأحداث الرياضية الكبرى “رالي داكار” 2020، وبطولة الغولف السعودية، وعروض مدفوعة لـ “مؤسسة مصارعة المحترفين الترفيهية” (WWE). كما ستستضيف المملكة أيضا سباق “فورمولا 1” بدءا من عام 2021م.
وقال نائب مدير قسم الشرق الأوسط في المنظمة “مايكل بَيج” إنه ينبغي أن يتمتع المواطنون والمقيمون في السعودية بالفعاليات الترفيهية والرياضية من الدرجة الأولى، لكن ينبغي أن يتمتعوا أيضا بالحقوق الأساسية مثل حرية التعبير والتجمع السلمي.
وأضاف بيج: عندما تتقاضى مجموعة من نجوم هوليوود والرياضيين الدوليين وغيرهم من المشاهير العالميين أموالا حكومية لأداء عروضهم في السعودية، بينما يسكتون عن السجل الحقوقي للحكومة، فإنهم يعززون استراتيجية لتلميع انتهاكات بن سلمان.
وأوضحت “رايتس ووتش” أنه بموجب رؤية 2030، استثمرت المملكة بكثافة في إنشاء صناعة ترفيه محلية وجذب أفضل المواهب من جميع أنحاء العالم.
ولفتت إلى أن مثل هذه الأحداث يمكن أن تُستخدم لمواجهة التدقيق المنتقد لانتهاكات الحكومة السعودية لحقوق الإنسان، بما فيها قتل خاشقجي، وتقويض الجهود المبذولة لمحاسبة المسؤولين السعوديين.
وأكدت أنها ستسعى إلى مواجهة الجهود السعودية لتلميع انتهاكاتها من خلال حملة لتوعية قطاعَي الترفيه والرياضة بسجل حقوق الإنسان في السعودية، بمن فيهم كبار المشاهير، وفناني الأداء، والشخصيات الرياضية.
وستسعى حملة عالمية بهذا المستوى أيضا إلى التواصل مع المنظمين والمشاركين في الأحداث الدولية الكبرى التي ترعاها المملكة، وتدعوهم إلى التحدث علنا عن قضايا الحقوق، أو إلى عدم المشاركة عندما يكون تلميع سجلها الحقوقي غرضها الأساسي.
يشار إلى أنه منذ قتل خاشقجي، رفض عدد من المشاهير والمؤثرين على وسائل التواصل الاجتماعي السفر إلى السعودية، معللين ذلك بسجلها الحقوقي المريع، من بينهم: “نيكي ميناج”، و”إميلي راتايكوسكي”، و”مارثا هانت”، و”جون سينا”، و”دانييل بريان”.
كما علق “ريتشارد برانسون” شراكته مع السعودية في مشروعه للسياحة الفضائية، وأعادت وكالة المواهب “إنديفر” استثمارا بقيمة 400 مليون دولار من قبل صندوق الثروة السيادي السعودي.
وأكدت “رايتس ووتش” أنه لا ينبغي للشركات الدخول عمدا في علاقة عمل يكون هدفها الوحيد أو الأساسي إنكار انتهاكات حقوقية أو التستر عليها، تماشيا مع مسؤولياتها الحقوقية بموجب المبادئ التوجيهية للأمم المتحدة.
وأضافت: ينبغي للشركات أيضا الامتناع عن الأنشطة التي من شأنها تعزيز سمعة الكيانات أو المسؤولين الحكوميين الذين اتُهموا مؤخرا وبشكل موثوق بارتكاب انتهاكات خطيرة.
وزادت: كما يجب ألا توافق الشركات على أي شروط تعاقدية صريحة أو ضمنية تقيّد قدرتها على التحدث علنا أو سرا عن مثل هذه الانتهاكات؛ كونها منفصلة عن المتطلبات المعيارية للسرية.
ووفق تقارير حقوقية، تهمش السلطات السعودية أي شخص يقف في طريق الصعود السياسي لـ”بن سلمان”، وتشن حملات اعتقال لرجال دين بارزين، ومثقفين، وأكاديميين، وناشطين حقوقيين، بعد انتقادهم السلمي لسياسات الحكومة أو لنشاطهم الحقوقي.
كما تواجه السعودية انتقادات بسبب الحرب التي يشنها التحالف العربي بقيادتها في اليمن، والتي شهدت انتهاكات للقانون الإنساني الدولي ترقى إلى جرائم الحرب.