أحكام قتل تعسفية جديدة يصدرها القضاء السعودي رغم الإدانات الدولية
قالت منظمة سند لحقوق الإنسان إن القضاء السعودي أصدر أحكاما تعسفية بالقتل بحق معتقلي الرأي وذلك رغم الإدانات الدولية.
وذكرت المنظمة أن الأحكام جاءت بالقتل تعزيرا بحق كل من محمد آل طحنون ومصطفى أبو شاهين وعبدالله غزوي، وذلك ضمن محاكمة جماعية مع المهددين بالقتل أيضاً زهير آل صمخان ومحمد آل مسبح ورضي الشايب.
وبحسب المنظمة ارتفع عدد المهددين بالقتل على يد نظام ابن سلمان إلى 59 شخصا، وسط تجاهل حكومي صريح للنداءات الدولية التي تحذر من تنفيذ أحكام الإعدام التعسفية.
يأتي ذلك تزامنا مع النداءات الأممية التي أطلقها فريق من خبراء الأمم المتحدة يطالبون فيها المملكة بوقف فوري لتنفيذ أحكام الإعدام.
من جهتها قالت منظمة العفو الدولية إن حسين أبو الخير، وهو رجل أردني وأب لثمانية أطفال محكوم عليه بالإعدام منذ عام 2015 بعد إدانته بتهريب المخدرات، مُعرّض لخطر الإعدام الوشيك، في الوقت الذي تستأنف فيه السعودية عمليات الإعدام على خلفية جرائم تتعلق بالمخدرات بعد وقف تنفيذ دام عامين.
وأعدمت السعودية، منذ 10 نوفمبر/تشرين الثاني 2022، 20 مدانًا بتهم تتعلق بالمخدرات، 60% منهم من الرعايا الأجانب. ويُخشى أن يواجه عشرات السجناء الآخرين نفس المصير.
وقالت هبة مرايف، مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال إفريقيا في منظمة العفو الدولية: “إنَّ استئناف تنفيذ أحكام الإعدام في جرائم تتعلق بالمخدرات في السعودية يعني أن تنفيذ حكم الإعدام بحق حسين أبو الخير يمكن الآن أن يتم في أي لحظة”.
وتابعت “لقد سبق أن رأى محتجزين آخرين من منشأته يساقون لتنفيذ أحكام الإعدام الصادرة بحقهم. يجب إنهاء عمليات الإعدام القاسية هذه فورًا، ولا ينبغي لأحد أن يعاني من هذه العقوبة التي تمثل أقصى أشكال العقوبة القاسية واللاإنسانية والمهينة”.
وأكدت أنه “ينبغي على السلطات السعودية أن تخفف فورًا الحكم الصادر بحقه وأحكام الإعدام الصادرة بحق جميع المحكوم عليهم بالإعدام. ويجب عليها أن تعلن على وجه السرعة وقفًا لجميع عمليات الإعدام تمهيدًا لإلغاء التام لعقوبة الإعدام”.
أُلقي القبض على حسين أبو الخير في 18 مايو/أيار 2014 من قبل مسؤولي الجمارك أثناء عبوره من الأردن إلى السعودية بتهمة تهريب حبوب الأمفيتامين، حسبما زُعم.
وقد احتُجز بمعزل عن العالم الخارجي في مكان مجهول لمدة 12 يومًا، ولم يتمكن من الاتصال بأسرته إلا بعد أسبوعين من اعتقاله.
ويقول إنَّ السلطات حصلت على ’اعتراف’ منه بتعليقه مقلوبًا من قدميه وضربه ضربًا مبرحًا لدرجة أنه لم يعد قادرًا على حمل قلم. وفي النهاية، قال إنه لم يتمكن من ’التوقيع’ على الوثيقة إلا باستخدام بصمته.
وفي وقت لاحق تراجع عن هذا ’الاعتراف’ أمام المحكمة الجزائية بتبوك وطلب إجراء كشف طبي، لكنه قال إنه لم يتم التحقيق في مزاعمه بالتعرض للتعذيب. ولم تُتح له إمكانية الحصول على تمثيل قانوني أو مساعدة قنصلية طوال فترة احتجازه السابق للمحاكمة وإجراءات محاكمته.
وفي يونيو/حزيران 2021، شارك حسين أبو الخير أنباءً إيجابية مع عائلته بعد أن أبلغته السلطات بتعليق حكم الإعدام الصادر بحقه وأنه يجري مراجعته في ضوء توجيه أصدره الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، والذي ينص على أنه سيتم العفو عن بعض المحتجزين بتهم تتعلق بالمخدرات.
وعلى الرغم من أنه لم يتضح ما إذا كان هذا الأمر سينطبق على المحكومين بالإعدام، فقد تم إطلاق سراح بعض المحتجزين داخل منشأته.
لكن منذ ذلك الحين، لم تقل السلطات أي شيء لحسين عن وضع قضيته، ومع تكثيف السعودية مرة أخرى من استخدامها لعمليات الإعدام في ما يخص جرائم تتعلق بالمخدرات، تعيش عائلة حسين في عذاب لعلمها أنه يمكن إعدامه في أي لحظة.
وقالت زينب أبو الخير، شقيقة حسين، لمنظمة العفو الدولية: “اتصل بنا حسين أمس وأخبرنا أنَّ سلطات السجن أخذت سعوديًا من عنبره لإعدامه بالأمس، وأنه قبل أسبوعين اقتيد أردنيان لإعدامهما. شعرنا وكأنه كان يحضّرنا لموته الوشيك، كما لو كان يقول لنا ’وداعًا’. لا نعرف ماذا سيكون مصير حسين، ولكن كيف يُعقل أن السلطات قد تنفّذ الإعدام بحقه في أي لحظة دون إخبارنا؟ لا يمكن للكلمات أن تعبّر عن مدى غضبنا ويأسنا”.
وجد فريق الأمم المتحدة العامل المعني بالاحتجاز التعسفي أن حسين محتجز تعسفيًا وأن حرمانه من الحرية “يفتقر إلى أساس قانوني”، قبل أن يوصي السعودية “بإلغاء حكم الإعدام الصادر بحقه” و”الإفراج عنه فورًا ودون قيد أو شرط”.
وأعرب خبراء الأمم المتحدة اليوم، في 1 ديسمبر/كانون الأول، عن قلقهم من أنَّ حسين أبو الخير “قد يُعدم قريبًا”، وطالبوا الحكومة السعودية بفرض وقف رسمي على جميع عمليات الإعدام تمهيدًا للإلغاء الكامل لعقوبة الإعدام.
وفي يناير/كانون الثاني 2021، قالت هيئة حقوق الإنسان السعودية إنَّ البلاد فرضت وقفًا على تنفيذ عمليات الإعدام في ما يخص الجرائم المتعلقة بالمخدرات، وإن “المملكة ونظامها القضائي يركزان أكثر على إعادة التأهيل والوقاية”.
وبين فبراير/شباط 2020 وأكتوبر/تشرين الأول 2022، لم تنفذ السعودية أي عمليات إعدام على خلفية جرائم تتعلق بالمخدرات، لكن وقف تنفيذ أحكام الإعدام لم يكن مكرسًا أبدًا في القانون، الذي ينص على أن تهريب المخدرات أو الجرائم ذات الصلة يعاقب عليها بالإعدام تعزيرًا (بحسب تقدير القاضي).
وأعدمت السلطات السعودية بين عامي 2016 و2020 ما لا يقل عن 987 شخصًا، بينهم 232 مواطنًا سعوديًا وأجنبيًا أُدينوا بجرائم تتعلق بالمخدرات.
وقد نفذت السلطات السعودية بالفعل 148 عملية إعدام هذا العام. ففي مارس/آذار، أعدمت السلطات 81 شخصًا في يوم واحد – وهي أكبر عملية إعدام جماعي منذ سنوات – بينهم 41 شخصًا من الأقلية الشيعية في البلاد.
كما استمرت السلطات في إصدار أحكام الإعدام بحق رجال ينتمون إلى هذه الأقلية، بمن فيهم أولئك الذين كانوا دون سن 18 عامًا وقت ارتكاب جرائمهم المزعومة.