أرقام وحقائق: كيف حول محمد بن سلمان المملكة إلى دولة جباية؟
عمد ولي العهد محمد بن سلمان إلى تحويل المملكة إلى دولة جباية عبر فرض قائمة طويلة من الضرائب الحكومية للتغطية حجم الفساد الكبير والعجز المالي المتصاعد.
ومنذ انطلاق رؤية 2030 لجأ بن سلمان إلى التغطية على فشله الاقتصادي من جيب المواطن عبر فرض الضرائب لسد العجز في الميزانية الذي بلغ في 2020 حوالي 80 مليار دولار.
ومن أبرز الخدمات والسلع التي فرض عليها محمد بن سلمان الضرائب المواد الغذائية، وتأجير العقار التجاري والنقل المحلي والتعليم الأهلي، والرعاية الصحة في المراكز الخاصة.
كما شملت الضرائب قطاع النفط والمشتقات النفطية، وتوريد المعادن المخصصة للاستثمار، والاتصالات والخدمات الالكترونية، والتأمين الصحي، العمولة أو أي رسم على الوساطة أو السمسرة، والخدمات الاستشارية والإدارية.
يضاف إلى ذلك فرض الضرائب على بيع أصول الأعمال الأخرى، وبيع العقار السكنى والتجاري وغيرها الكثير من الخدمات.
ويبرز المراقبون أنه على الرغم من فرض كل هذه الضرائب على المواطن لكن مازالت الخدمات المتقدمة إليه في تراجع مستمر وارتفاع في أسعارها.
ويتصاعد الغضب في السعودية من مواصلة السلطات فرض الضرائب الباهظة على الرغم من تضاعف إيرادات النفط في المملكة وتحقيق أرقاما قياسية.
وكشفت بيانات رسمية عن أعلى سعر لبرميل النفط السعودي وصل إلى 131.13 $ في الربع الأول من 2022.
وأظهر التقرير الشهري لمنظمة أوبك أن إنتاج السعودية من براميل النفط تجاوز 10 ملايين برميل لتصل قيمة صادرات النفط 255 مليار دولار.
ونقلًا عن معهد التمويل الدولي، فإن مقابل كل زيادة قدرها 10 دولارات في سعر برميل النفط، ستجني السعودية 40 مليار دولار إضافية سنويًا، ولهذه اللحظة لا يزال سعر برميل النفط مرتفعًا.
وفي جهة أخرى من ميزانية الدولة في الإيرادات الغير نفطية (ضرائب القيمة المضافة في السلع والخدمات-ضرائب دخل الشركات والمنشآت الأجنبية -الرسوم الجمركية) سجلت السعودية أعلى إيرادات نفطية على الإطلاق حوالي 930 مليار ريال في الربع الأخير من 2021.
وتظهر تقديرات من خبراء الاقتصاد أن الإيرادات غير النفطية في المملكة خلال 2022 ستواصل النمو أعلى من العام الماضي.
لكن في ظل التعافي الاقتصادي السعودي لا تزال ضريبة القيمة المضافة عند ارتفاعها 15٪ على السلع من المواد الغذائية إلى أسعار الأدوية والخدمات المقدّمة.
يضاف إلى ذلك ارتفاع سعر البنزين إلى حد عالٍ لم تصله السعودية من قبل، إلى رفع الدعم عن الكهرباء والماء، إلى إلغاء بدل المعيشة والبدلات والعلاوات، إلى قصقصة دعم مستفيدي الضمان الاجتماعي.
ويتساءل المراقبون “كل الأموال التي تم توفيرها بهذه القرارات الجنونية إلى أين تذهب بينما المواطن السعودي غرق في وحل الأزمات لوحده ؟ “.
يقود صاحب القرار السياسي إلى صنع أزمة بفساده أسمها “الاكتئاب السياسي” وهو مرض عمره قصير ابتدأ منذ تولي ولي العهد محمد بن سلمان زمام القرارات وتصدّر قيادة الدولة لوحده والتحكّم بمصير الملايين بانعدام في الخلفية السياسية والإلمام الاقتصادي.
ويعتمد بن سلمان عدم إشراك الخبراء المعنيّين في هذه الشؤون إلى دراسة الوضع بشكل شفاف وحقيقي، لذا كان بعض الخبراء الاقتصاديين مثل عصام الزامل تحدث بطريقة أنّه سحب الستار عن ضبابية المشهد وأعطى بلغة الأرقام التي لا يستخدمها صاحب القرار السياسي.
وأوّضح الزامل إلى أي هاوية تتجه المملكة وأي قائد كفيف تهرّول خلفه، بل نفض مزاعم الرؤية الخيالية التي لن تحقق أي تقدم إلى في الرصيد البنكي لهذا الفاسد.
وقد اعتقل الزامل وغيّب صوته وصوت كل من شرح هذه الحفرة المهولة التي وقعنا بها، وامتزجت أصوات بقية الاقتصاديين مع رأي صاحب القرار السياسي، وأسدل ستار الحقيقة مرة أخرى واستمتع هذا الفاسد الأرعن في الثروات لوحده دون شعبه.
من انخفاض سلّم الرواتب المتدني إلى المتعطّلين عن العمل، إشكالية كبيرة جدًا وكارثية تواجهها الدولة في هذا الملف مقارنةّ ببقية الملفات الأخرى التي دارت ظهرها لها، وانشغلت في كيفية صنع ترفيه لا يُعالج العلّة ولا يشفي من ظلمات هذا المرض، ولا يتسق مع الوضع المادي للفرد.
فقد تجمعوا العاطلين وتحدثوا في وسائل التواصل الاجتماعي عن عدد إهدار السنوات في انتظار فرص وظيفية، وإظهار كفاءاتهم العلمية المهدرة في تعطيّلهم مما انقبضت الحكومة خوفًا من هذا الحراك الإلكتروني وتوجهت لخلق فرص وظيفية وهمية بأعداد كبيرة لتخفيف حنق المتعطّلين وانشغالهم في وهم انتظار القبول الذي لن يحصل للأسف.
لكن سرعان ما تفلتت أيديّ المسؤولين من كبح الغضب الذي زاد في إعلان كتبت عنه بلومبيرغ في الفرص الوظيفية بالقطاع الخاص عن 256 ألف وظيفة لغير السعوديين، بينما المواطنين اقتصر العرض على 83 ألف وظيفة التي لن تشكل تغيّر ملحوظ في معدل البطالة.
وعن معدل البطالة التي تتحكم في تغييره الحكومة دون النظر لمصداقية الأرقام، فكل مرة يخرج متحدث يزعم بشائر عن انخفاضه لوجود سحابة كبيرة تمطر علينا بوظائف لا مرئية.
والحديث يطول عن عطوب وعيوب هذا النظام الذي لا يفقه بحقوق المواطنة، ولا يعوّل عليه في الإصلاح، الذي ما أن يصدر قرار، تُصاب مجموعة من المواطنين على إثره باكتئاب سياسي متأصل ومتجذّر عن دهس إنسانيتهم وتغييّبهم عن المشهد واحتقار مطالبهم والتقليل من قيمتهم داخل بلادهم، وسحق أحلامهم، وتخويفهم من أي تجمع سلمي مطالبين الدولة بحقوقهم السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي سلبت وسرقت بيد من حديد.