إخفاء داعية قسرا وتهديد معارض في الخارج
يتعرض الداعية الإسلامي نايف الصحفي للإخفاء القسري ولا يزال مصيره مجهولاً حتى الآن، في ظل الحملة التي يشنها ولي العهد محمد بن سلمان، ضد المنتمين لتيار “الصحوة”.
وقالت مصادر حقوقية إن الداعية الصحفي مختفٍ قسرياً منذ فترة طويلة، ولا يزال مصيره مجهولاً حتى اللحظة، محملة سلطات آل سعود المسؤولية التامة عن حياته وسلامته.
ولم يسبق لنايف الصحفي أن مارس أي نشاط سياسي أو حقوقي، إذ ينحصر نشاطه في ما يسمى بالدعوة الدينية بين المراهقين والشباب الصغار في السن، لكن خطابه المنتمي إلى خط تيار “الصحوة” الديني، جعله عرضة للاعتقال ضمن الحملة الشرسة التي يقوم بها ولي العهد محمد بن سلمان، ضد المنتمين لهذا التيار الذي وُصف بأنه يهدد شرعية حكمه.
وقدمت سلطات آل سعود الداعية سلمان العودة وعلي العمري وعوض القرني، إلى المحاكمة وطالبت النيابة العامة بإعدامهم.
ويتعرض المئات من المعتقلين في المملكة للإخفاء القسري، إذ يعمد النظام إلى إخفاء الكثير من المعتقلين في سلسلة من السجون السرية والشقق التابعة لجهاز أمن الدولة، وسط شكوك بتعرض الكثير من المعتقلين للتعذيب والقتل، كما تقول منظمة “القسط” لحقوق الإنسان في المملكة.
في هذه الأثناء هددت سلطات آل سعود نجل الداعية السعودي المعتقل سلمان العودة بسبب نشاطه الحقوقي الهادف إلى فضح الاعتقالات التعسفية وممارسات التعذيب في بلاده, والسجل الحقوقي الأسود لنظام آل سعود.
وقال عبد الله العودة، في مقابلة مع قناة “PBS” الأمريكية، إن حكومة آل سعود ترسل إليه رسائل باستمرار، تهدده فيها بأن ما يفعله “سوف ينعكس على تعاملهم مع والدي المعتقل”.
وأضاف: “وما زلت أتلقى كل يومٍ تهديدات بالسجن بجانب والدي، من قِبل حسابات بـ (تويتر) مرتبطة بحكومة آل سعود”.
ويقود عبد الله العودة حملة حقوقية واسعة في المحافل الدولية، للمطالبة بالإفراج عن والده، والمعتقلين في سجون سلطات آل سعود، وهو ما يبدو أنه أزعج سلطات المملكة.
ويأتي حديث “العودة”، بعدما نشر مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي “إف بي آي” صور متهمَين سعوديَّين بالتجسس لحساب الرياض، ضمن قائمة مطلوبين، عمِل أحدهم في موقع التواصل الاجتماعي الشهير “تويتر”.
وذكر موقع الـ”FBI”، في وقت متأخر من الخميس، بعض التفاصيل عن المواطنَين السعوديَّين أحمد المطيري وعلي الزبارة، بالإضافة إلى نشره صورهما، متهماً إياهما باستخدام “تويتر” لصالح السلطات في المملكة.
واعتُقل سلمان العودة في سبتمبر 2017، عقب كتابته تغريدة عبَّر فيها عن سعادته بالأنباء عن إجراء اتصال بين أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، وولي العهد محمد بن سلمان آل سعود.
ووجهت النيابة العامة، بقيادة سعود المعجب، إلى “العودة” 37 تهمة خلال جلسة عقدتها المحكمة الجزائية المتخصصة في العاصمة الرياض، سابقاً، بالإضافة إلى الداعية علي العمري، والداعية عوض القرني، اللذين اعتُقلا بعد أيام من اعتقال “العودة”، بتهم “الإرهاب”.
ومنذ تولّي ولي العهد، محمد بن سلمان، ولاية العهد، شنّت سلطات آل سعود موجة من الاعتقالات طالت مئات من المسؤولين والأمراء والدعاة والمعارضين السياسيين، وحتى الناشطين الليبراليين والمتحرّرين.
واستخدم بن سلمان مختلف أساليب الترهيب والترويع ضد من يعارضه، وأحدث كثيراً من التغييرات التي لم يسبقه إليها أحد في بلاده، والتي قوّضت حقوق الإنسان وحرية التعبير بالمملكة.
ويعيش “معتقلو سبتمبر” في ظروف إنسانية سيئة، وفق ما تقول المنظمات الحقوقية المهتمة بملف المعتقلين في البلاد، إذ يعاني الكثير منهم، وعلى رأسهم سلمان العودة، من عدة أمراض مزمنة، ولم تستجب السلطات لنداءات أهالي المعتقلين بالسماح لهم برؤيتهم أو معرفة أماكنهم، لكنها استثنت حالات بسيطة جداً.
وتتحفّظ سلطات آل سعود على معظم “معتقلي سبتمبر” في أماكن مجهولة وشقق خاصة تابعة لجهاز أمن الدولة، وهو الجهاز الذي أنشأه محمد بن سلمان ليدير حملات الاعتقال ضد مناوئيه.
لكن عدداً من المعتقلين يقبعون في سجني الحاير في مدينة الرياض، وذهبان في مدينة جدة، وهما أشهر سجنين سياسيين في البلاد.
وكان قد ذكر تقرير للأمم المتحدة أن المملكة تسيء استخدام قانونها الواسع النطاق لمكافحة الإرهاب بغية إسكات المعارضة السلمية ومنع حرية التعبير وسجن المنتقدين، فضلا عن اتهامات بإخضاع بعض منهم للتعذيب.
وطالب التقرير سلطات آل سعود بتعديل القانون ليتماشى مع المعايير الدولية، وبوقف عمليات الإعدام “الوحشية والعلنية”، وبالتحقيق في مزاعم تعذيب المعتقلين.