خبير استراتيجي: تحالفات آل سعود شكلية ودعائية
يصف خبير استراتيجي تحالفات آل سعود الإقليمية بأنها شكلية ودعائية في ظل الفشل الذريع الذي لاحقها على مدار أعوام منذ تولى الملك سلمان العرش وتصعيد نجله محمد بن سلمان.
ويقول المحلل والخبير الاستراتيجي اليمني مهدي العسلي، إن تحالفات آل سعود لم تكن مبنية على قاعدة ثابتة، وأغلبها لتحقيق هدف دعائي للملك ونجله.
ويضيف “نحن اليوم في العام الخامس للحرب باليمن، لكن لم نرَ سوى الانسحابات من التحالف العربي الذي تقوده السعودية والإمارات، ودخول اليمن في ظروف صعبة للغاية”.
ويشير إلى الصواريخ الباليستية صارت تطير فوق سماء المملكة بشكل اعتيادي، والضربات ضد المناطق الاستراتيجية في العمق السعودي لم تعد مستغربة ولم تعد مفاجئة، حتى ضُرب قلب صناعة النفط في شركة أرامكو، ومع ذلك لم تفد السعودية أي تحالفات لحمايتها.
ويرى أن هناك عشوائية في هذه التحالفات المعلنة؛ “فلا خطط حقيقية ولا اجتماعات تمهيدية، بل إن كل ما يتم إعلانه ومعرفته عن هذه التحالفات لا يسمع به إلا في الإعلام، دون مزيد من التفاصيل، كما هو حال التحالف الأخير”.
ويؤكد أن “التحالفات غير الرسمية لا تجذب إلا الضعاف؛ نظراً لغياب الالتزامات المطلوبة منها، لأنها دول تبحث عن المال الذي ستقدمه السعودية مع الأسف، في مقابل وجود حكام آل سعود الذين لا يهتمون إلا بالخطوات الشكلية، لذلك تنهار مبادراتها بعد مدة قصيرة”.
وقبل أيام أعلن آل سعود عن تحالف جديد للدول المطلة على البحر الأحمر يضم 8 دول هي: المملكة والسودان وجيبوتي والصومال وإريتريا ومصر واليمن والأردن.
ووفق خبراء، فإن فعالية التحالفات مشروطة بوحدة الهدف والتوجهات والأولويات، وهو ما يفتقده هذا التحالف وما سبقه من تحالفات سعودية خلال السنوات الخمس الأخيرة.
وخلال السنوات الماضية كان هناك 3 تحالفات جميعها اتضح فشلها؛ فتحالف الشرق الأوسط الاستراتيجي، أو “ميسا”، أو ما يعرف إعلامياً “بالناتو العربي”، هو فكرة لإنشاء تحالف أمني طرحتها السعودية على إدارة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، بعد أن كانت قد طرحتها على إدارة باراك أوباما من قبل، فترامب تحمس للفكرة وظل يعمل عليها منذ فترة، لكنها لم ترَ النور.
التحالف كان من المفترض أن يشمل ست دول خليجية؛ هي السعودية والإمارات والكويت والبحرين وعمان وقطر، إضافة إلى مصر والأردن، وبطبيعة الحال ستكون قيادته للولايات المتحدة.
والهدف من تشكيله هو التصدي للهيمنة الإيرانية في المنطقة العربية، “التصدي للعدوان الإيراني والإرهاب والتطرف وتحقيق الاستقرار في الشرق الأوسط”، كما تقول الرياض.
لكن الانقسامات الإقليمية، التي تسببت بها السعودية أصلاً، عرقلت مساعي إنشاء هذا التحالف، وصار الحديث مقتصراً على إبرام صفقات تجارية وإنشاء مراكز تدريب عسكرية مشتركة.
حيث أدت الأزمة بين الدول الخليجية -بحصار قطر من قبل السعودية والإمارات والبحرين ومصر- إلى تعثر الجهود الرامية إلى إنشاء هذا التحالف، كما أن القاهرة أعلنت، في أبريل الماضي، انسحابها رسمياً.
وولد التحالف لآل سعود عام 2015، حين أعلنت الرياض “التحالف العربي في اليمن”، وضم: مصر والمغرب والأردن والسودان والإمارات والكويت والبحرين وقطر (استبعدت من التحالف فيما بعد) إضافة إلى باكستان وماليزيا، ودول ساهمت بقواتها.
وكان الهدف الرئيسي لهذا التحالف إعادة شرعية الرئيس اليمني، عبد ربه منصور هادي، إلى العاصمة صنعاء، وإنهاء وجود الحوثيين، لكن مع مرور نحو 5 سنوات من التحالف دخلت الحرب مرحلة الاستنزاف، وسط انسحاب الكثير من الدول، حتى أقرب حلفاء المملكة.
لكن التحالف فشل على مدار أعوام في حماية الحدود الجنوبية للمملكة وتدمير قوة الحوثيين، أو وقف تقدمهم بعدما سيطروا على العاصمة صنعاء إلى جانب 10 محافظاتٍ أخرى.
كذلك فشل التحالف أيضاً في إعادة الرئيس اليمني إلى بلاده، فهو يباشر أمور الحكم من قصره في الرياض منذ سنوات، كما أنّ وزراءه مشتتون في الأرض، بل ونفذت حليفتها الإمارات انقلاباً على الشرعية اليمنية عبر ما يسمى بـ”الانتقالي الجنوبي”، وأصبحت هي المتحكم بجنوب اليمن.
وتلقت الرياض إلى جانب ذلك هزائم كبرى؛ حيث لم تستطع منظومة الدفاع الأمريكية “باتريوت” صد الصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة، وهو ما تسبب بخسائر كبرى للمملكة، خصوصاً بعد الضربات التي تلقتها شركة أرامكو النفطية.
وبعد نحو 9 أشهر على إعلان التحالف العربي باليمن، سارع محمد بن سلمان، عندما كان ولياً لولي العهد، بإعلان تأسيس التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب، في ديسمبر 2015.
تكون التحالف من 41 دولة، ولم يعقد وزراء الدفاع في هذه الدول أول اجتماع لهم إلا في نوفمبر 2017، وخلال السنوات الماضية لم يقدم التحالف شيئاً يذكر، باستثناء عقد لقاءات واجتماعات فردية.
وفي أبريل الماضي 2019، تقلص عدد أعضاء ما يسمى بـ”تحالف محاربة الإرهاب”؛ بعدما عقد اجتماعاً له بالرياض بمشاركة ممثلين من 13 دولة فقط، من بين 41 دولة شاركت في افتتاحه.
ويكشف ذلك عن نهاية متكررة لفشل تحالفات الرياض التي لم تحقق شيئاً خلال 5 سنوات، بل أرهقت ميزانية المملكة التي تصرف مئات مليارات الدولارات دون تحقيق مرادها.