مقررة أممية: يجب الكشف عمن أمر باغتيال خاشقجي
تتمسك المقررة الأممية الخاصة أنييس كالامار بضرورة الكشف عمن أمر باغتيال الصحفي السعودي البارز جمال خاشقجي مطلع تشرين أول/أكتوبر 2018 وتقديمه للمحاسبة الدولية.
وصرحت كالامار أن التقرير الأميركي عن مقتل خاشقجي، الذي أقر الكونغرس قانونا بشأنه هذا الأسبوع، يجب أن يستند إلى خلاصات أجهزة الاستخبارات، خاصة وكالة الاستخبارات المركزية.
ونقل موقع ميدل إيست آي البريطاني عن كالامار قولها إن التقرير الأميركي يجب أن يشير إلى المسؤولين السعوديين الكبار الضالعين في عملية الاغتيال.
وأضافت أن التقرير الأميركي يجب أن يكشف مَـن أمر بالاغتيال، والأشخاص الذين كانوا على علم به ولم يمنعوه، وأولئك المسؤولين عن توفير الظروف الملائمة للجريمة.
وشددت كالامار على أنه إذا تأكد ضلوع ولي العهد محمد بن سلمان في الاغتيال فينبغي مصادرة أملاكه في الولايات المتحدة وتوجيهها لتمويل صندوق لتعويض ضحايا عمليات الاغتيال.
ووقعت جريمة قتل خاشقجي داخل قنصلية بلاده بمدينة إسطنبول في الثاني من أكتوبر/تشرين الأول 2018.
وكانت الرياض أعلنت -عقب 18 يوما من الإنكار وتقديم تفسيرات متضاربة للحادث- مقتل خاشقجي إثر شجار مع أشخاص سعوديين، وتوقيف 18 مواطنا في إطار التحقيقات، من دون الكشف عن مكان الجثة.
ونشرت المقررة الأممية في يوليو/تموز الماضي تقريرا من 101 صفحة، حمّلت فيه نظام آل سعود مسؤولية قتل خاشقجي عمدا.
وأكدت كالامار آنذاك وجود أدلة موثوقة تستوجب التحقيق مع مسؤولين سعوديين كبار، بينهم محمد بن سلمان.
ووجهت منظمات حقوقية عديدة انتقادات للأمين العام لعدم استخدام سلطاته التي يتيحها له ميثاق الأمم المتحدة، للأمر بتشكيل لجنة تحقيق دولية في مقتل الصحفي السعودي.
ويفضح الغموض الذي يفرضه نظام آل سعود على سير تحقيق العدالة في جريمة قتل خاشقجي عن محاولات النظام المستميتة لدفن القضية والمماطلة في محاسبة القتلة وإبعاد الأصابع الاتهام عن محمد بن سلمان.
ويتمسك نظام آل سعود برفض تدويل القضية مثلما يتمسك بعدم إعلان أسماء المتهمين بقتله أو مقار احتجازهم، أو مقر انعقاد محاكمتهم أو ملابسات وظروف جلساتهم، كحالها في تمسكها بعدم معرفة مكان الجثة، والتأكيد على استقلال ونزاهة قضائها.
ولم تعرف مقررة أممية ووسائل إعلام عن المحاكمة إلا جلستين فقط في يناير/ كانون ثان 2018، وبعدها اختفت الأنباء، باستثناء ظهور مفاجئ لصحيفتين سعوديتين في ذكرى عام على مقتل خاشقجي.
وتحدثتا صحيفتا عكاظ والرياض المحليتان عن وجود جلسات لمحاكمة المتهمين، قدرت بـ 8 جلسات بحضور ممثلين محليين ودوليين، دون تفاصيل أيضا رغم مرور عام على الواقعة.
وهذا الاختفاء المصاحب لتلك القضية التي أثارت ضجة كبيرة بالعالم نهاية 2018، شهد انتقادات لاسيما تركية وأمريكية وأممية.
وتعاملت تركيا ورئيسها رجب طيب أدروغان، مع القضية منذ البداية باهتمام بالغ ودقة كبيرة، أدت إلى تسليط الضوء العالمي على الجريمة، وسط تمسك مستمر بتحقيق العدالة.
وفي 2 أكتوبر/ تشرين أول 2018، دخل خاشقجي قنصلية السعودية بإسطنبول، لاستكمال إجراءات مرتبطة بزواجه من التركية خديجة جنكيز، ولم يخرج.
وبعد 18 يوما من الإنكار والتفسيرات المتضاربة السعودية، أعلنت الرياض مقتل خاشقجي داخل القنصلية إثر “شجار” مع سعوديين، وتوقيف 18 مواطنا في إطار التحقيقات، ثم 3 آخرين، دون الكشف عن مكان الجثة.
وعن إجراءات المحاكمة بالمملكة، قال، محمد جميل، رئيس المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا،: “قضية خاشقجي حازت على اهتمام عالمي ونشر غير مسبوق، لكن سلطات آل سعود تصر على سرية المحاكمة وهذا يجعلها باطلة بالمطلق”.
وأكد أن “المتهمين كان لهم دور في الجريمة ويجب أن يعاقبوا لكن ليس وحدهم، هناك من يجب أن ينضم إليهم،من أعطى الأوامر للتنفيذ فلولاه لما وقعت الجريمة”.
وعادة ما تنكر الرياض مسؤولية أحد من قيادات البلاد، وعلى رأسهم ولي العهد محمد بن سلمان عن تلك الجريمة.
و2 أكتوبر/ تشرين الأول 2019، قال بن سلمان، في تصريحات إعلامية،: “أتحمل المسؤولية كاملةً، لأن ذلك حدث أثناء وجودي في السلطة”.
ورصدت مصادر حقوقية تفاصيل الاختفاء القضائي المثير مع اقتراب ذكرى عام على انعقاد أول جلسة بالرياض، وفق بيانات رسمية وتصريحات صحفية، على النحو التالي:
-3 يناير/ كانون ثان 2019 (انطلاق بلا تفاصيل)
بعد 90 يوما على وقوع الجريمة، انعقدت المحكمة الجزائية بالرياض، أولى جلسات محاكمة قتلة خاشقجي، وعددهم 11 شخصا (لم تسمهم) بحضور محاميهم، وطالبت النيابة بإعدام 5 منهم لم تسمهم أيضا، وفق ما نقلته وكالة الأنباء السعودية الرسمية واس.
وكانت النيابة في 15 نوفمبر/ تشرين ثان 2018، أعلنت 17 بندا رئيسيا بشأن القضية، من أبرزهم طلب إعدام خمسة من بين 11 مشتبهاً به تم توجيه الاتهام لهم في القضية.
وقالت آنذاك إن أسلوب الجريمة هو عراك وشجار وتقييد وحقن خاشقجي بإبرة مخدر بجرعة كبيرة أدت إلى وفاته، مشيرة إلى أن رئيس فريق التفاوض مع الصحفي الراحل هو الآمر بالقتل، من دون ذكر اسمه أيضا.
وأوضحت أن الجثة تمت تجزئتها من قبل المباشرين للقتل، ونقلها إلى خارج مبنى القنصلية، وتم تسليمها لمتعاون، دون ذكر مكانها.
وفي 5 ديسمبر/ كانون أول 2018، أصدر القضاء التركي مذكرة توقيف بحق النائب السابق لرئيس الاستخبارات السعودي أحمد عسيري، وسعود القحطاني المستشار السابق لولي العهد محمد بن سلمان، للاشتباه بضلوعهما في الجريمة، وطالب بتسليم باقي المتهمين.
– 4 يناير/ كانون ثان (انتقاد أممي)
مكتب حقوق الإنسان بالأمم المتحدة، قال، في بيان، إنه لا يستطيع تقييم نزاهة محاكمة خاشقجي، مطالبا بإجراء تحقيق مستقل “بمشاركة دولية”، وهو مطلب تركي لوحت به أنقرة مرارا.
– 8 فبراير/ شباط 2019 (جلسة ثانية بدون إعلام)
كشفت أغنيس كالامارد، المقررة الأممية الخاصة لشؤون القتل خارج القضاء، في تصريحاتها لوكالة “أسوشيتيد برس”، الأمريكية، عن عقد السعودية جلسة ثانية لمحاكمة قتلة خاشقجي، في 31 يناير/ كانون ثان 2018، بعيدا عن الإعلام.
– 28 مارس/آذار 2019 (خلف الأبواب المغلقة)
دعت كالامارد، في بيان، إلى محاكمة علنية لقتلة خاشقجي، مشيرة إلى أن نظيرتها الحالية “”خلف الأبواب المغلقة”، لا تنسجم مع المعايير الدولية، و”غير شفافة”، مطالبة أيضا بالكشف عن مصير جثة خاشقجي.
– 21 يونيو/ حزيران 2019 ( إفلات متهمين)
بعد صمت 4 أشهر، وثق تقرير أممي أعدته كالامار، خرج للنور عدم محاكمة السلطات السعودية لـ”سعود القحطاني”، المتهم الرئيسي في ارتكاب الجريمة.
وقالت إنها استندت لمصادر للحصول على أسماء المتهمين وهم:””فهد شبيب البلوي”، و”وليد عبد الله الشهري”، و”تركي مشرف الشهري”، و”ماهر عبد العزيز مطرب”، و”صلاح محمد الطبيقي”، و”منصور عثمان أبا حسين”، و”محمد سعد الزهراني”، و”مصطفى محمد المدني”، و”سيف سعد القحطاني”، و”أحمد عسيري”، و”مفلح شايع المصلح”.
واللافت أيضًا أن سلطات آل سعود لا تحاكم في الرياض القنصل العام السابق محمد العتيبي، المتورط في تخطيط وتنفيذ الجريمة، والذي أجرى تحضيرات من أجل فريق الاغتيال الذي جاء من الرياض قبيل العملية، ونفي أمام وسائل الإعلام وجود خاشقجي بالقنصلية.
ووفقًا للتقرير الأممي، فإن سلطات آل سعود لم تحاكم أيضًا كلًا من المشاركين في فريق الاغتيال المكون من 15 شخصًا: “نايف حسن العريفي”، و”عبد العزيز محمد الهوساوي”، و”خالد عايض الطيبي”، و”مشعل سعد البستاني”، و”غالب الحربي”، و”بدر لافي العتيبي”.
– 30 سبتمبر/ أيلول 2019 (تمسك بالعدالة)
قال صلاح نجل خاشقجي، عبر توتير، إنه لديه “مطلق الثقة في قضاء السعودية في تحقيق العدالة كاملة بمرتكبي جريمة” مقتل والده.
– 3 أكتوبر/ تشرين أول 2019 (8 جلسات)
قالت صحيفة عكاظ السعودية، في الذكرى الأولى لمقتل خاشقجي، إنها علمت من مصادر موثوقة أن القضاء السعودي عقد حتى الآن 8 جلسات للنظر في القضية، حضرها ممثل لعائلة خاشقجي، وممثلون دوليون، دون تفاصيل أيضا.
كما ذكرت صحيفة الرياض، آنذاك أن “المحاكمة التي مازالت منعقدة”، مشككة في الحملات التي تريد النيل من المملكة رغم توضيح كل جهودها في القضية.
30 أكتوبر/ تشرين أول 2019 (انتقاد أمريكي)
قال مساعد وزير الخارجية الأمريكي لشؤون الشرق الأدنى ديفيد شينكر، خلال جلسة استماع للجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب، إنه تم إبلاغ السعوديين بأن هناك تقصيرا في العملية القضائية لمحاسبة المسؤولين عن مقتل خاشقجي، وفق إعلام.
وكحال جثة خاشقجي التي تدور حولها تكهنات متباينة تارة بأنها تم إذابتها أو إحراقها بعد تقطيعها، تمضي قضية خاشجقي أيضا في غموض مشابه، وفق مراقبين، في مقابل نفي سعودي متكرر يتحدث عن شفافية كبيرة واستقلال قضائي.