مجلس جديد من شخصيات تابعة للنظام لهيئة حقوق الإنسان لتجميل سمعة المملكة
أصدر الملك سلمان بن عبد العزيز، قرارا بإعادة تشكيل مجلس هيئة حقوق الإنسان، برئاسة عواد بن صالح العواد، في دورته الرابعة لمدة أربع سنوات في محاولة لتحميل سمعة المملكة الملطخة بانتهاكات حقوق الإنسان.
ولوحظ أن أعضاء المجلس الجديد يعتبرون من المقربين للنظام الحاكم فيما تضمن تعيين 13 امرأة في مجلس الهيئة، بما يمثل نصف عدد أعضاء المجلس في محاولة للتغطية على انتهاكات حقوق الإنسان بحق النساء في المملكة.
يأتي ذلك بعدما أضحت المملكة دولة بوليسية، تقمع وتقتل وتأسر وتلاحق الكبار والصغار، تحاول اليوم إنفاق ملايين الدولارات غربا وشرقا لرسم صورة جديدة عن النظام القائم.
وسعت سلطات آل سعود خلال الفترة الماضية لإصدار سلسلة قوانين لمنح المرأة بعض حقوقها كالسماح لها بقيادة السيارة أو السفر دون إذن والسماح لهن بدخول ملاعب كرة القدم في المقابل تعتقل عشرات الناشطات الحقوقيات وسط انتقادات دولية.
وأصدرت سلطات آل سعود مؤخرا قرار إلغاء عقوبة الجلد التعزيزية، واستبدالها بالسجن أو الغرامة أو بهما معا، وخاصة بعد اتهام منظمات حقوقية لسلطات المملكة بأنها تستخدم العقوبات التعزيرية لدوافع سياسية.
ويركز ولى العهد محمد بن سلمان على “استراتيجية التبيض الرياضي” عبر إنفاقه ملايين الدولارات خارج المملكة وشراء بعض النواد والشركات الإعلامية للمساعدة في تحسين صورة المملكة القمعية والإجرامية السائدة في الدول الغربية.
ووفقا لوكالة أنباء السعودية تشكّل المجلس الجديد لهيئة حقوق الإنسان من الأعضاء المتفرغين، وهم: إبراهيم البطي، الدكتورة آمال الهبدان، الدكتورة الجوهرة الزامل، الدكتورة خلود الكثيري، زهير الزومان، الدكتورة سارة العبد الكريم، سلمى آل ربيع، الدكتورة شريفة الراجح، ضحى آل إبراهيم، الدكتور عبد العزيز القاعد، عبد الرحمن الشبرقي، الدكتور غفون اليامي، محمد النجيدي، الدكتور مشاري النعيم، الدكتور ناصر المهيزع، الدكتورة هند خليفة، الدكتورة هند آل الشيخ، ووليد اليحيا.
أما الأعضاء غير المتفرغين فهم: الدكتور صالح آل الشيخ، الدكتور طلال الحربي، عبد المحسن خثيلة، لمى غزاوي، منيرة العصيمي، الدكتورة مها الميمان، نقاء العتيبي، الدكتورة نورة العمرو.
عقب صدور أمر ملكي بتشكيل مجلس جديد لـ #هيئة_حقوق_الإنسان ..
الدكتور العواد @AwwadSAlawwad يشكر القيادة ويؤكد:
تعيين مجموعة من الكفاءات الوطنية في المجلس نصفهم من السيدات يأتي استكمالاً لما تقوم به قيادة المملكة من جهود لدعم #حقوق_الإنسان.#السعودية pic.twitter.com/3uyAvi2LYQ— هيئة حقوق الإنسان (@HRCSaudi) July 2, 2020
ورئيس المجلس العواد هو قريب من الديوان الملكي، وعين سابقًا وزيرًا للإعلام في المملكة حتى 27 ديسمبر 2018، وكان سفيرًا لها لدى جمهورية ألمانيا الاتحادية، منذ أكتوبر 2015، كما كان رئيسًا لمركز التنافسية الوطني، ومستشارًا مكلفًا بديوان أمير منطقة الرياض للشؤون الاقتصادية والمالية.
وهاجم العواد، وقت اشغاله منصب وزير الثقافة والإعلام، دولة قطر إبان فرض الحصار عليها 2017م، ودعا جميع الكتاب السعوديين وغيرهم عدم الوقوف على الحياد.
وروج العواد سابقا لرؤية ولى العهد محمد بن سلمان 2030 التي تواجه تحديات جمة وسط توقعات بانهيارها، وقال: “لا يقلق الشعب في أي دولة لديها رؤية؛ فلدينا رؤية المملكة 2030 يقودها ولي العهد تنفذ من خلال استراتيجية متكاملة مرتبطة بخطة تنفيذية واضحه بدأ تنفيذها على أرض الواقع في كافة المجالات والبرامج، وتحتوي على مؤشرات ومقاييس أداء تعمل الحكومة على إنجاحها”.
والدكتورة آمال الهبدان، مقربة من الملك سلمان وتعمل وكيلة جامعة الأميرة نورة بنت عبدالرحمن للدعم الأكاديمي والخدمات الطلابية، ومستشارة مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية.
وأما الدكتورة الجوهرة الزامل فسرعان ما تقدمت بالشكر إلى خادم الحرمين الشريفين، على حسابها الرسمي على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر». وقالت «أتقدم إلى مقام سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ـ حفظه الله ـ بالشكر والعرفان بمناسبة صدور أمره الكريم بتعييني عضوًا متفرغًا في مجلس هيئة حقوق الإنسان».
والدكتورة خلود الكثيري، فهي ابنة راشد بن حمد الكثيري عضو مجلس الشورى السعودي.
وتملك الدكتورة شريفة الراجح علاقات واسعة مع المؤسسات الأمريكية التي يسعى ولى العهد إلى غزوها في سبيل التعاون معها ومدها بالأموال للتوقف عن انتقاده وفضح جرائمه.
كما تمتلك ضحى آل إبراهيم علاقات واسعة مع شركات دولية ولديها خبرة في الدعاية والإعلام الرقمي، وهو أمر يحاول ولى العهد تعزيزه والاعتماد عليه لـ”تبيض صورة المملكة”.
وتعتبر الدكتورة هند بنت محمد آل الشيخ، من أشد المدافعات عن النظام السعودي فيما يتعلق بملف الحقوق وحقوق المرأة خاصة، رغم وجود ناشطات حقوقيات داخل سجون المملكة.
وروجت هند لرؤية المملكة 2030، وقالت إنها “جعلت من الإنسان السعودي محور اهتمامها، بوصفه عنصراً رئيسياً في تحقيق أهداف التنمية والحفاظ على مكتسباتها”.
وتجدد منظمة العفو الدولية دعوتها بين الحين والآخر لنظام آل سعود بضرورة إطلاق سراح الناشطات المعتقلات داخل سجون المملكة على خلفية حرية الرأي والتعبير.
واعتقل نظام آل سعود في 15 مايو/ أيار 2018 عشرات الناشطات البارزات في مجال حقوق الإنسان والداعيات إلى الإصلاح وضمان الحريات العامة.
وقالت المنظمة الدولية، في بيان، بمناسبة الذكرى الثانية لاعتقال الناشطات “لقد كن يدافعن سلمياً منذ سنوات عن حق المرأة في المملكة في قيادة السيارات، فضلاً عن إجراء إصلاحات أوسع نطاقاً تتعلق بنظام ولاية الرجل القمعي”.
وأكدت أن الناشطات السلميات في المملكة تعرضن لحملة قمع وتشهير واسعها شنها آل سعود في ذات الشهر من 2018.
وأضافت “في السجن، عانى العديد منهن من الضغط النفسي والبدني، بما في ذلك التعذيب، والاعتداء الجنسي، والحبس الانفرادي. ولا يزال عشرات أخريات، رغم الإفراج عنهن، يواجهن المحاكمة استناداً إلى تهم تتعلق بنشاطهن السلمي”.
وقالت مديرة البحوث للشرق الأوسط في منظمة العفو الدولية لين معلوف: “من المحزن أن عامين قد مرا الآن ولازال هؤلاء النساء الشجاعات خلف القضبان، لا سيما وأن النساء السعوديات خلال هذه الفترة يتمتعن ببعض الحقوق الجديدة التي ناضلن من أجلها ببسالة”.
وأكدت معلوف أنه “حان الوقت لأن تتوقف السعودية عن استخدام القضاء كسيف مسلط على رقاب الناشطات. فلا يمكن اعتبار (حملة الإصلاح) في المملكة العربية السعودية ذات مصداقية طالما أن هؤلاء النسوة وغيرهن من الناشطات السلميات ما زلن مستهدفات بسبب عملهن”.
ودعت المنظمة الدولية آل سعود إلى الإفراج فوراً، ودون قيد أو شرط، عن جميع سجناء الرأي والمدافعين والمدافعات عن حقوق الإنسان المحتجزين لمجرد ممارستهم السلمية لحريتهم في التعبير، وتكوين الجمعيات أو الانضمام إليها، والتجمع.
وتعتقل سلطات آل سعود 13 ناشطةً في مجال حقوق المرأة يحاكمن على نشاطهن الحقوقي. ومن بين هؤلاء، لا يزال خمسة منهن رهن الاحتجاز وهن: لجين الهذلول، سمر بدوي، نسيمة السادة، نوف عبد العزيز، مياء الزهراني.
وأفرجت مؤخرا بشكل مؤقت عن الناشطات الثماني الأخريات، إلا أنهن ما زلن عرضة لخطر الحكم عليهم بالسجن بموجب تشريع “مكافحة جرائم الإنترنت” في المملكة.
وهؤلاء الثماني هن: إيمان النفجان، عزيزة اليوسف، أمل الحربي، الدكتورة رقية المحارب، شدن العنزي، الدكتورة عبير النمنكاني، الدكتورة هتون الفاسي، وناشطة أخرى مجهولة.
وبحسب العفو الدولية تعرضت ما لا يقل عن 10 ناشطات لانتهاكات حقوق الإنسان أثناء وجودهن في السجن، بما في ذلك التعذيب والاعتداء الجنسي، وغيرها من ضروب المعاملة السيئة.
وخلال الأشهر الثلاثة الأولى من اعتقالهن، احتُجزن بمعزل عن العالم الخارجي دون إمكانية الاتصال بالأسرة أو المحامين. كما تعرض العديد منهن لفترات طويلة في الحبس الانفرادي.
ومنذ تولى سلمان بن عبد العزيز آل سعود، الحكم في المملكة وولي ولي عهده نجله محمد، بدأت الأجهزة الأمنية التابعة بشكل مباشر لمكتب الأخير، وعلى رأسها جهاز أمن الدولة الذي أسس حديثا، بشنّ حملات اعتقال ضد الناشطين السياسيين والاجتماعيين والحقوقيين من مختلف التيارات.
ووثقت المنظمة الأوربية السعودية لحقوق الإنسان اعتقال السلطات الأمنية 87 امرأة منذ ولاية سلمان وابنه حكم المملكة (2015-2020).
ولا تعد هذه الحملة الأولى من نوعها ضد ناشطي حقوق الإنسان، لكنها الأكثر قسوة من بينهم والأوسع نطاقا، حيث كانت هذه المرة الأولى التي تستهدف فيها السلطات الناشطات استهدافا جماعيا.
وذكرت المنظمة الأوربية السعودية أن هناك 50 معتقلة حاليا في سجن “ذهبان” بمدينة جدة، فيما أفرجت السلطات عن ٨ لكن محاكمتهن لا زالت قائمة، و8 نساء أفرج عنهن نهائيا.
وقالت إن مصير واحدة من المعتقلات ما زال مجهولا.
وتوفيت المعتقلة حنان الذبياني داخل سجن “ذهبان” في 10 أكتوبر 2016م، الأمر الذي قوبل بتنديد حقوقي دولي واسع ومطالبات بالإفراج عن معتقلات الرأي.