الكشف عن وصول أول شحنة أسلحة من آل سعود لميليشيات حفتر
كشفت مصادر ليبية ومصرية أن أول دفعة من السلاح المموّل من نظام آل سعود وصلت إلى شرق ليبيا الأسبوع الماضي تحت إشراف مصري لدعم ميليشيات خليفة حفتر في محاولته الانقلاب على حكومة الوفاق الوطني.
ونقلت صحيفة “العربي الجديد” الصادرة من لندن عن مصادر لم تسمها إن الدفعة الجديدة من الأسلحة تأتي ضمن تعهدات من قِبل ولي العهد محمد بن سلمان، للواء المتقاعد خليفة حفتر، في إطار دعمه في المعركة العسكرية المندلعة بهدف السيطرة على العاصمة طرابلس الواقعة تحت سيطرة حكومة الوفاق الليبية.
وذكرت المصادر أن الشحنة التي دخلت إلى شرق ليبيا عبر الحدود المصرية، تضمّنت سيارات من ماركة “تويوتا” رباعية الدفع، التي تعد الاستخدام الأمثل لعدد من المليشيات في أماكن الصراع المختلفة، نظراً لسهولة الحصول عليها، إذ لا تُعتبر ضمن الآليات العسكرية الخاضعة لقرارات الحظر.
وأوضحت المصادر ذاتها أن الشحنة تضمّنت أيضاً تجهيزات متطورة للسيارات، بخلاف أسلحة خفيفة، وبنادق آلية، تستخدم في التسليح الشخصي للأفراد.
ويعتقد أن نظام آل سعود هو من موّل اتفاقاً جرى بين حفتر والأردن لشراء 6 طائرات مسيّرة صينية الصنع، وذلك بعدما ذكرت تقارير إخبارية دولية أن الإمارات هي من موّلت تلك الصفقة بين عمّان وقائد مليشيات شرق ليبيا.
وبحسب المصادر، فإن مساعدات آل سعود تضمّنت أموالاً سائلة لحفتر، لدفع رواتب المقاتلين الأجانب الذين ينشطون في صفوف مليشياته، لضمان الاستقرار داخلها، وذلك بعدما تسبّب تأخر حصول عدد من المقاتلين التشاديين في حالات تمرد بمحاور القتال في الفترة الماضية.
وقالت المصادر إن السعودية والإمارات لا تزالان متمسكتين بالحسم العسكري للأزمة في محاولة لإلحاق الهزيمة بتركيا، رافضتين المسار السياسي، في وقت تسعى فيه الأمم المتحدة إلى التوصل لاتفاق دائم لوقف إطلاق النار، عبر مباحثات 5+5 في جنيف.
وتأتي خطوة آل سعود في وقت تعهدت فيه الدول الداعمة لطرفي النزاع، بوقف عمليات التسليح التي تأتي مخالفة للقرار الأممي بحظر السلاح على ليبيا.
ويتحمل نظام آل سعود جزءً كبيرا من مسئولية ما يتم ارتكابه من جرائم حرب وانتهاكات بحق المدنيين في ليبيا على خلفية الدعم الخفي لمليشيات حفتر.
ففي يوم 27 مارس/آذار 2019، زار حفتر المملكة، حيث استقبله الملك سلمان بن عبد العزيز وولي عهده محمد بن سلمان، وأجرى أيضا مباحثات مع وزير الداخلية ورئيس جهاز الاستخبارات العامة.
جاءت الزيارة -كما اتضح لاحقا- قبيل عملية عسكرية كبرى كان يعد لها حفتر، تقضي بالهجوم على العاصمة طرابلس، وبالتالي السيطرة على المنطقة الغربية والهيمنة على الدولة الليبية وفق ما خطط له.
وأشارت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأميركية -في عددها ليوم 12 أبريل/نيسان 2019- إلى أن الرياض وعدت حفتر بعشرات ملايين الدولارات للمساعدة في دفع تكاليف العملية العسكرية التي أطلقها في طرابلس يوم 4 أبريل/نيسان.
ونقلت الصحيفة عن مسؤول سعودي بارز -لم تسمه- قوله “لقد كنا كرماء معه”، في إشارة إلى تلقي اللواء الليبي المتقاعد دعما ماليا سخيا من المملكة لإنجاز مهمته العسكرية في ليبيا.
إضافة إلى المساعدة المالية، كان حفتر يطمح من خلال تلك الزيارة لتدخل سعودي لدى واشنطن لإقناعها بحملته على طرابلس، وأن تستخدم أيضا نفوذها على بعض الدول العربية لطمأنتها بشأن العملية وتوابعها.
عاد حفتر إلى ليبيا بعد تلقيه الدعم المالي والتطمينات اللازمة، وحصل على الضوء الأخضر لبدء الهجوم على طرابلس وتنفيذ ما يراه الجزء الأخير من مشروعه العسكري والسياسي.
قبل سنوات، كانت الرياض قد انضمت عمليا إلى كل من الإمارات ومصر في تبني مشروع حفتر في ليبيا، ففي أغسطس/آب 2017 اعتقلت ثلاثة من القياديين المحسوبين على حكومة طرابلس أثناء تأديتهم العمرة، وسلمتهم إلى سلطات شرق ليبيا الموالية لحفتر استجابة لطلب من الإمارات.
وجاء هذا الاصطفاف السعودي إلى جانب حفتر باعتبار المملكة جزءا من هذا التحالف الذي يناهض الثورات الشعبية في المنطقة ويدعم سيطرة العسكر على الحكم، كما أنه يشكل امتدادا لتحالف التيار المدخلي السلفي ذي الخلفية الوهابية في ليبيا مع اللواء المتقاعد والقتال إلى جانبه.
فحينما أطلق حفتر عام 2014 ما عرف بعملية الكرامة، أفتى الشيخ السلفي السعودي ربيع المدخلي لأتباعه في ليبيا بالقتال ضمن قوات حفتر، باعتباره “ولي أمر شرعيا” مخولا من “ولي الأمر” -أي البرلمان المنعقد في طبرق- وبناء على ذلك انضمت المئات من هذا التيار للقتال في صفوف قوات حفتر في معارك بنغازي ودرنة وغيرها، ضمن ما عرف بـ”كتائب التوحيد”.
وبالإضافة إلى مئات المقاتلين الموزعين على محاور القتال، سمح حفتر بتغلغل أتباع التيار المدخلي في معظم الأجهزة والإدارات في مناطق سيطرته شرق ليبيا، وخاصة بوزارة الأوقاف ودار الإفتاء، وبالتالي سيطروا على المساجد والمنابر.
ومنذ بدء حملته العسكرية المسماة “عملية الكرامة” ببنغازي في مايو/أيار 2014 تواترت الأدلة عن حصول حفتر على أسلحة من الإمارات ومصر ودول أخرى رغم الحظر الأممي فضلا عن الدعم المالي من نظام آل سعود.
لكن هجوم حفتر على طرابلس التي بدأه في 4 أبريل/نيسان 2019 وما تلاها من محاولات اقتحام العاصمة كشف عن دعم هائل وترسانة كبيرة من هذه الأسلحة مصدرها الأساسي الإمارات ومصر، يسندهما دور فرنسي وروسي نشط على اختلاف طريقة الإسناد والغايات.