السعودية: تدابير قمعية سمحت بسجن المعارضين والاحتجاز التعسفي
طبّقت السلطات السعودية تدابير قمعية سمحت بسجن المعارضين والاحتجاز التعسفي وإساءة معاملة السجناء، فيما لا تزال عقوبة الإعدام تشكل مصدر قلق بالغ، حيث تم تنفيذ 198 عملية إعدام هذا العام، وهو أعلى رقم منذ عام 1990 وفقًا لمنظمة العفو الدولية.
وبحسب أوساط حقوقية فإنه بالرغم من الوعود المتكررة بالحد من استخدام عقوبة الإعدام، أجبرت السلطات السعودية الأفراد المسجونين على الاعتراف بالكذب وعززت عمليات الإعدام، بينما فشلت بشكلٍ روتيني في الامتثال للمعايير الدولية.
علاوةً على ذلك، تم التشكيك في لجنة حقوق الإنسان السعودية، التي تم إنشاؤها بشكلٍ مستقل لتعزيز وحماية حقوق الإنسان في البلاد، بسبب انحيازها لمصالح الحكومة والتّستر على الانتهاكات الجسيمة.
وأفادت منظمة ريبريف والمنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان أنه منذ تولي ولي العهد محمد بن سلمان السلطة مع والده الملك سلمان في عام 2015، تضاعف معدل الإعدامات السنوي مع إعدام ما لا يقل عن 1456 شخصًا.
في مارس 2023، تم إعدام حسين أبو الخير بتهمة ارتكاب جريمة تتعلق بالمخدرات بعد أن كان ينتظر تنفيذ حكم الإعدام فيه منذ عام 2015.
وخلال مدة احتجازه قبل المحاكمة، وُضع في عزلة وحُرم من الاستعانة بمستشار قانوني وتعرّض للتعذيب من أجل انتزاع اعتراف منه، وبعد إعدامه، لم تعيد السلطات جثته إلى أسرته. ومنذ مايو 2024، أعدمت السعودية 28 شخصًا بتهم تتعلق بالمخدرات.
ورغم أن مشروع قانون العقوبات يضع العقوبات على الجرائم التي يحددها، فإنه لا يزال يسمح للقضاة بتحديد العقوبة التي يجب تطبيقها وفقًا لما تمليه الشريعة، بحسب ادعاء الحكومة السعودية.
ومع ذلك، فإن الشروط بموجب الشريعة غير واضحة، وبالتالي فإن القاضي حرٌ في تحديد العقوبة. وعقوبة الإعدام هي واحدة من العقوبات الأصيلة إلى جانب السجن والغرامات، وفي حين يحدد مشروع القانون شروط السجن والغرامات، فإنه لا يوضح على أي أساس يتم النطق بالإعدام.
وشملت أحكام الإعدام حالات أفراد كانوا قاصرين عند ارتكاب جرائمهم المزعومة إذا كانت أفعالهم مجرّمة بموجب الشريعة.
وفي هذا الصدد، أفادت المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان أنه منذ عام 2011 أعدمت السلطات السعودية ما لا يقل عن 12 شخصًا يُزعم أنهم ارتكبوا جرائم وهم قاصرين.
وعلى الرغم من أن السلطات السعودية ادّعت أن قانون الأحداث يحظّر عقوبة الإعدام على القصر، إلا أن هذا القانون سمح في الواقع بإعدام مرتكبي الجرائم الأطفال المتهمين بجرائم تعترف الشريعة بعقوبتها.
ومن الأمثلة المثيرة للقلق نذكر جلال لبّاد، الذي حُكم عليه بالإعدام في أغسطس 2022 بناءً على اعترافاته التي ادعى أنها انتُزعت منه تحت التعذيب بتهم ارتكاب جرائم مزعومة عندما كان يبلغ من العمر 16 و17 عامًا فقط.
كما استخدمت السلطات عقوبة الإعدام لإسكات المعارضة السياسية، على سبيل المثال، لمعاقبة المواطنين المشاركين في الاحتجاجات المؤيدة للديمقراطية بين عامي 2011 و2013.
وهذا ما حدث في أغسطس الماضي لعبد المجيد النمر، وهو ضابط شرطة مرور متقاعد، الذي حُكم عليه بالإعدام بتهمة ارتكاب جرائم تتعلق بالإرهاب بينما أفادت وثائق محاكمته أنه متهم بدعم الاحتجاجات الديمقراطية.
وعلى الرغم من التأكيدات من السلطات السعودية على الحد من استخدام عقوبة الإعدام، فإن مشروع قانون العقوبات ينص على الإعدام كواحدة من العقوبات الأساسية ويسمح للقضاة بسلطة تقديرية واسعة لفرض أحكام الإعدام.
ولا يقتصر الأمر على استمرار استخدام عقوبة الإعدام فحسب، بل إن الإلحاح في انتهاكات حقوق الإنسان من قبل السلطات السعودية قد يصبح أقل أهمية الآن بعد أن تحوّل التركيز العالمي نحو التوترات في الشرق الأوسط، وبالتالي، قد تتصاعد عمليات الإعدام.
في هذا الإطار، حثت منظمة أمريكيون من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان في البحرين السلطات السعودية على تقديم معلومات دقيقة وواضحة للسجناء حول وضع قضيتهم وضمان محاكمة عادلة.
كما دعت المنظمة السلطات السعودية إلى ضمان تحديد جميع العقوبات مثل عقوبة الإعدام بما يتماشى مع المعايير الدولية وتدعو المجتمع الدولي إلى الدعوة إلى إلغاء عقوبة الإعدام في السعودية، وخاصةً بالنسبة للجرائم البسيطة والأعمال غير العنيفة.