دلائل على تبعية محمد بن سلمان لمحمد بن زايد
تسود انطباعات واسعة لدى الخبراء والمراقبين بأن ولي العهد محمد بن سلمان آل سعود يعيش تحت نفوذ وتأثير نظيره ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد آل نهيان.
وربما كانت اللحظة المفصلية التي أظهرت الإمارات على الساحة السعودية هي صعود بن سلمان إلى ترتيب العرش ثم ولاية العهد، حيث باتت تحركاته وأفكاره تعكس تطابق أفكار وأفعال الإمارات، وتحديداً ولي عهد أبوظبي.
وكشفت مصادر مقربة من الأمير محمد بن نايف ولي العهد السابق، تفاصيل مثيرة حول التدخل الإماراتي في الشأن الداخلي للمملكة، وهو الامر الذي أصبح مثار جدل واسع في الآونة الاخيرة بالمملكة.
وقال حساب مستشار محمد بن نايف في تغريدة”، إن مستشارون إماراتيون يحملون الصفة القانونية، ممثلين عن المجلس الأعلى للقضاء، حضروا سابقاً جلسات التحقيق مع معتقلي الريتز ويحضرون الآن جلسات التحقيق مع المعتقلين من المشايخ والمثقفين، إضافةً إلى جلسات التحقيق في قضية خاشقجي.
وأضاف :” مثالٌ على تدخل الإمارات في الشؤون الداخلية للمملكة “.
ويسيطر محمد بن زايد، على قرارات ولي العهد محمد بن سلمان، حيث جره إلى حرب اليمن التي هرب منها اليوم وتركه وحيداً هناك بدعوى محاربة جماعة أنصار الله وهي الجماعة المدعومة من قبل إيران، التي تقربت منها الإمارات اليوم في مشهد أثار غضب المواطنين بالمملكة.
كما قاد ابن زايد، محمد بن سلمان إلى حصار قطر وتفرقة الصف الخليجي، الامر الذي أدى إلى تمزيق مجلس التعاون الخليجي.
وفي السياق ذاته كشفت صحيفة “فايننشال تايمز” البريطانية، عن دور الإمارات في اعتقال أمراء ومسؤولين ورجال أعمال سعوديين، ضمن ما سميت “حملة مكافحة الفساد” التي أشرف عليها ولي العهد، محمد بن سلمان”.
وخلال الأشهر الماضية، أكدت تقارير إعلامية عن تأمين مرتزقة من شركات تدار من الإمارات لتنفيذ الاعتقالات واستجواب الأمراء ورجال الأعمال السعوديين الذي اعتقلهم بن سلمان ووضعهم في فندق ريتز كارلتون الرياض، الذي سمي حينها بـ”سجن الأمراء”، والذي عاد لفتح أبوابه من جديد.
وأكدت “فايننشال تايمز” في تقريرها على أن الإمارات نقلت 20 سعوديًا يعيشون على أراضيها بطائرات خاصة إلى الرياض، خلال “حملة مكافحة الفساد”.
ونقلت هذه المعلومات عن أكثر من 10 أشخاص تربطهم علاقات وثيقة بعدد من المعتقلين خلال الحملة.
ويجزم العديد من المحللين والخبراء أن الإمارات هي كلمة السر في أعنف أزمة تهزّ الخليج العربي، بعد قطع الرياض والإمارات والبحرين علاقتها مع قطر، وفرض حصارٍ غير مبرّر عليها في يونيو 2017, بحجة “دعم الإرهاب”، في وقت كان من الممكن حل أي قضية خلافية بالوسائل الدبلوماسية.
هذا الأمر أكده تحقيق معمّق لرئيس قسم الشرق الأوسط في صحيفة “نيويورك تايمز”، ديفد كيرك باتريك، إذ جاء فيه أن بن زايد تدخل في معركة ولاية العهد في المملكة, لأنه رأى في الرياض عقبة أمام توسع نفوذ بلاده الإقليمي، وبسبب الخلافات الحدودية بينهما.
وأشارت الصحيفة إلى أن “ولي عهد أبوظبي دشن حملة علاقات عامة في واشنطن لتلميع صورة بن سلمان، حتى يؤمن له الطريق إلى ولاية العهد”، بعد أن أبعد عمّه محمد بن نايف عن المشهد.
ونقلت عن دبلوماسيين ومصادر مطلعة، بينها من هي مقربة من بن زايد، أنه “يشعر بالحرج من الرياض بعد خلاصة لوكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية” أكدت أن بن سلمان هو من أمر بقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي، و”حوّل تدخل أبوظبي والرياض في اليمن إلى مستنقع”، بحسب تعبير الصحيفة.
ويرى محللون أن السياسة التي تحاول الإمارات أن تمارسها تنبع من مخاوف استراتيجية متوسطة أو بعيدة المدى، خصوصاً من قوى الإسلام السياسي؛ فالخطاب الرسمي الإماراتي يرى أن الإسلاميين يرغبون باحتكار السلطة حتى لو تم انتخابهم ديمقراطياً، وأنهم ذوو فكر متمدّد؛ أي لا يؤمنون بالدولة الوطنية الحديثة، وهو نفس الخطاب الذي بات بن سلمان يتبناه وبشدة.
وتربط بين ولي عهد أبوظبي والرياض علاقة شخصية، وتم التداول في وسائل الإعلام الأمريكية حول تبعية بن سلمان لبن زايد ودور الثاني في إقناع الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، بدعم الأمير الشاب لإيصاله إلى العرش، وكيف يريد كل منهما السيطرة على الخطاب السياسي وعلى استراتيجية المنطقة بكاملها.
هذه العلاقة لقيت دعماً أمريكياً بشكل كبير، وقد ظهر ذلك في بدايات الأزمة الخليجية، إلى جانب العمليات العسكرية التي شنها الطرفان في اليمن، بالإضافة إلى توحدهما ضد ثورات الربيع العربي، خصوصاً في مصر.
وقال حسن الدقي، أمين عام حزب الأمة الإماراتي المعارض: إن “هناك اعتماداً أمريكياً كاملاً على الدور الإماراتي الذي يلعبه محمد بن زايد، والذي استوعب المخططات الأمريكية منذ زمن بعيد، ومن تلك المخططات العمل على التغيير العقائدي والأخلاقي في الرياض، وضرورة العبث بالجينات الوراثية العقائدية”.
وأضاف، “إن حكومات آل سعود المتعاقبة لا تقوم بالدور الكافي في هذا الشأن، فاتحدت الرغبة الأمريكية مع رغبة بن زايد لتزعُّم المنطقة ووضع بن سلمان تحت نفوذه الكامل”.
وتابع الدقي قوله: “صحيح أن هناك تقسيماً للأدوار بين الحكومتين الإماراتية والسعودية في إدارة الثورة المضادة، سواء في مصر أو اليمن، لكن لا توجد إرادة سعودية مستقلة، وإنما تنفيذ للأجندة التي يمليها بن زايد على بن سلمان”.
ويرى مراقبون أن بن سلمان بحاجة إلى بن زايد في هذه المرحلة التي يثبت فيها أقدامه في الحكم، خصوصاً في المجال الاقتصادي، حيث كل الشركات العالمية التي تدخل المملكة لها فروع إقليمية كبرى في الإمارات، صاحبة الخبرة الواسعة في الاستثمارات العالمية.
ومع ذلك، فإن ثمة من يعتقد أن الدور الإماراتي في بسط النفوذ خارجياً “سيبقى محدوداً وإلى حين”؛ بحكم عدم امتلاك الدولة الصغيرة لقوة عسكرية واقتصادية وديمغرافية كالتي تمتلكها المملكة.
ويظهر ذلك جلياً في أزمة سقطرى، عندما حاولت الإمارات احتلالها في أبريل الماضي، لولا تدخل الرياض التي أخرجت قواتها من هناك ودعمت إبقاءها تحت قيادة السلطة الشرعية برئاسة عبد ربه منصور هادي.
هذا فضلاً عن الخلافات الحدودية والنفطية بينهما، لكن شخصاً صعد للحكم كمحمد بن سلمان ربما يكون ضالة الإمارات وولي عهد أبوظبي المنشودة للسيطرة على أكبر الدول الخليجية.