فريق أممي يدين نهج السلطات السعودية بالاعتقال التعسفي لنشطاء الرأي
اعتبر الفريق العامل المعني بالاعتقال التعسفي التابع للأمم المتحدة أن حرمان معتقل الرأي سعود الفرج من حريته مخالف للقوانين الدولية والإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وأنه اعتقال تعسفي.
وفي رأي تبناه الفريق بعد تحليل معلومات وصلته من المصدر ورد الحكومة السعودية في قضية الفرج المحكوم بالإعدام، اعتبر أن العلاج المناسب في هذه القضية هو إطلاق سراحه فورًا وتعويضه.
كما حث الفريق الحكومة على ضمان استقلالية كاملة للتحقيق في الظروف المحيطة بالحرمان التعسفي من الحرية بحق الفرج واتخاذ التدابير المناسبة ضد المسؤولين عن انتهاك حقوقه. كما طالب السعودية بموائمة قوانينها وخاصة قانون مكافحة الإرهاب وتمويله مع التوصيات الدولية.
وعلقت المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان بأن رأي الفريق العامل في قضية سعود الفرج يؤكد عدم قانونية حكم الإعدام الصادر بحقه، كما تشير إلى أن التفاصيل الواردة في تحليل القضية، تظهر قصور المعلومات والردود التي قدمتها الحكومة السعودية وانعدام الحجج لديها.
وشددت المنظمة على أن رأي الفريق العامل المعني بالاعتقال التعسفي يضاف إلى عشرات الآراء السابقة التي تؤكد النهج الذي تتبعه السعودية في الاعتقالات التعسفية والذي اعتبر الخبراء أنه قد يرقى ليكون جريمة ضد الإنسانية.
واعتبرت المنظمة أن الاستمرار في تجاهل طلب الفريق العامل زيارة قطرية، إلى جانب تجاهل آرائه، يشكل صورة واضحة عن طريقة تعامل الحكومة السعودية مع الآليات الدولية لحقوق الإنسان التي تدّعي بشكل مستمر أنها تتعاون معها.
وسعود بن محمد بن علي الفرج، من مواليد 1980، رجل أعمال من السعودية يقيم في بلدة العوامية. بين عامي 2011 و2012، شارك الفرج في مظاهرات شهدتها منطقة القطيف، كما حضر جنازات الأفراد الذين قُتلوا على يد القوات الحكومية خلال هذه الاحتجاجات.
في أوائل نوفمبر 2019، طلبت القوات الأمنية من الفرج التعاون معها لتسليم بعض الأفراد إلا أنه رفض ذلك. بعد أسبوعين، داهمت القوات الحكومية إحدى مؤسساته وصادرت معدات البناء.
في 2 ديسمبر 2019، كان الفرج وعائلته في طريق عودتهم إلى منزلهم، وعندما وصلوا إلى حيهم، كانت هناك دبابات متمركزة في شارعهم. تم إطلاق النار على جميع أبواب منزله وتفتيشه. وكتبت سلطات التحقيق التي أجرت البحث تقريرًا يفيد بأنهم عثروا على متفجرات وأسلحة ثقيلة في منزل السيد الفرج، لكن هذه التصريحات لم تكن مدعمة بالأدلة المادية.
لاحقًا، تم اعتقال الفرج من مكان تواجده مع زوجته وطفلته، وتم التعامل معه بوحشية، كما لم تقدم الفرقة التي اعتقلته مذكرة اعتقال ولم تخبره بأسباب اعتقاله. تم تعصيب عينيه ووضعه في سيارة، ثم نقل إلى سجن المباحث العامة في الدمام. سلمته القوة الأمنية إلى المحقق الذي أزال العصبة عن عيني الفرج وجعله يرى زوجته وقال له إنها معتقلة ويجب أن يتعاون معهم لحمايتها.
في اليوم التالي، أمره المحقق بكتابة اعتراف كاذب، لكنه رفض، ما عرضه لتعذيب شديد أدى إلى نقله على كرسي متحرك من منطقة التحقيق إلى مستشفى السجن. كان التعذيب موثقًا بأشرطة صوتية ومرئية التقطها المحققون.
بعد عودته من المستشفى، تم تعذيب الفرج مجددًا، حيث جُرّد من ملابسه وتعرض للتحرش الجنسي، وهدده المحقق بالاعتداء على زوجته في حال لم يوقع على الاعترافات. قدم الفرج ثلاث شكاوى شفوية إلى أحد أعضاء النيابة العامة بتهمة التعذيب والإساءة من قبل المحققين، في 7 ديسمبر 2020، و24 أغسطس 2021، و20 ديسمبر 2021.
وضع الفرج في الحبس الانفرادي منذ تاريخ اعتقاله في 2 ديسمبر 2019 حتى 8 أغسطس 2021، وحُرم من أي اتصال بأسرته وأصدقائه، وتم احتجازه بمعزل عن العالم الخارجي. بتاريخ 7 يونيو 2020، أرسل قريبه رسالة إلى ولي العهد ووزارة العدل ومجلس النواب يفيد بأنهم لم يسمعوا منه منذ اعتقاله.
طوال فترة حبسه الانفرادي، سُمح له بإجراء مكالمة واحدة مع عائلته، بتاريخ 14 مايو 2021، والتي استمرت بضع دقائق. مع خروجه من الحبس الانفرادي في 8 أغسطس 2021، تم السماح له بالتواصل مع عائلته مرة أخرى. وضعته إدارة السجن في زنزانة خالية من أي زملاء يتحدثون العربية، ورفضوا نقله إلى زنزانة أخرى.
في يونيو 2021، مثل لأول مرة أمام القاضي، حيث وجه له المدعي العام قائمة تهم دون حضور محام.
لاحقًا، حضر الفرج جلسات شرح فيها أمام القاضي ظروف اعتقاله وتعذيبه، وقدم بيانًا مكتوبًا حول المعاملة التي تعرض لها وبراءته من التهم، وطلب إدراجه في ملف القضية، إلا أن ذلك لم يحصل ولم يتم تعيين محام له.
في 22 ديسمبر 2021، وبعد 6 أشهر من تعيين محام له، تمكن لأول مرة من زيارته.
في 3 نوفمبر 2022، حكمت المحكمة الجزائية المتخصصة على الفرج بالإعدام. من بين الأدلة التي تم الاستناد إليها محاضر أفادت بوجود متفجرات وأسلحة ثقيلة في مزرعته. أكد الفرج أنه لا يملك مزرعة، وطلب تقديم أدلة كما طلب إحضار التوثيق الصوتي والمرئي لإثبات التعذيب الجسدي الذي تعرض له، والتقارير الطبية من مستشفى السجن، ليؤكد أنه تم نقله هناك بسبب التعذيب، لإبطال اعترافاته.
ولم يأخذ القضاة في الاعتبار تصريحات الفرج واستندوا في الحكم إلى اعترافه القسري والتقارير المتعلقة بتفتيش المنزل والمزرعة.
في 6 ديسمبر 2022، قدم محامي الفرج استئنافًا أمام محكمة الاستئناف المتخصصة. عقدت جلسة في 31 يناير 2023، حيث حضر الفرج وشرع في شرح كل ما حدث له مرة أخرى.
ومع ذلك، لم تنظر محكمة الاستئناف المتخصصة في أي من ادعاءاته وأيدت عقوبة الإعدام. وحاليًا، الفرج معتقل في سجن الدمام، والقضية أمام المحكمة العليا منذ مارس 2023.
كتب الفرج ما مجموعه ست رسائل إلى قضاة المحكمة الجزائية المتخصصة ومحكمة الاستئناف المتخصصة، كما أرسل رسالة إلى الهيئة السعودية لحقوق الإنسان، إلا أنه لم يتلق جوابًا.
رد الحكومة: في 10 يناير 2024، أحال الفريق العامل الادعاءات من المصدر إلى السعودية التي ردت على المعلومات. أكد الرد أن الفرج اعتقل بناء على أمر ساري المفعول صادر من جهة مختصة ومستقلة، وتم إبلاغه على الفور في نفس يوم القبض عليه عن التهم الموجهة ضده.
ثم تم اتهامه وإدانته لارتكابه جرائم إرهابية بموجب قانون مكافحة الإرهاب وتمويله، بما في ذلك قتل ضابط أمن باستهداف مركبات أمنية بالأسلحة النارية المتفجرة، ومحاولة القتل، وإطلاق الأسلحة والمقذوفات الموجهة على أفراد الأمن ومركباتهم عمدًا وإلقاء القنابل الناسفة وإطلاق النار على المقرات الأمنية ونقاط التفتيش.
وكانت الإجراءات والضمانات المعتمدة في قضية الفرج متوافقة مع المعايير الدولية للمحاكمة العادلة والإجراءات القانونية الواجبة، كما أن أحكام المحاكم الابتدائية مدعمة بالأدلة الكافية. المدعى عليه اعترض على الحكم وطلب الاستئناف أمام المحكمة العليا التي لا يزال النظر في قضيته قائمًا حاليًا.
كرر الرد أن عقوبة الإعدام تفرض على أخطر الجرائم وفي إطار القانون في أضيق الحدود ولا تتم إلا بعد انتهاء كافة الإجراءات القضائية مع محاكمة عادلة والإجراءات القانونية الواجبة، بما يتوافق مع التزامات المملكة الدولية بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان.
نفت السعودية أن يكون الفرج قد تعرض للتعذيب أو لأي شكل آخر من أشكال سوء المعاملة، واعتبرت أن التعذيب جريمة خطيرة وتتخذ التدابير الفعالة لمواجهته والتحقيقات.
وقال الرد إن قانون مكافحة الإرهاب يضمن أن الحبس الانفرادي لا يفرض إلا في ظروف استثنائية محددة يحددها القانون ولفترة محددة، ويتم ذلك دون انتهاك الحق في إبلاغ أقارب المتهم لاحتجازهم، ولا حق المتهم في التواصل مع محاميه.
وأوضح أن الفرج يتلقى الرعاية الطبية اللازمة منذ اعتقاله كغيره من السجناء، ويحافظ على صحة جيدة ورفاهية عقلية، ويستشير المتخصصين بانتظام في عيادات طبية يتم فيها توفير الأدوية اللازمة، ويخضع للفحوصات الروتينية.
اعتبر الرد أنه تتم صياغة تقرير يراعي جميع الأفراد بشكل صحيح ويضمن عدم معاملة أي شخص معاملة سيئة لأي سبب.
من جهته أشار الفريق الأممي إلى أن الحكومة لم تدحض العديد من المزاعم ولم تقدم تفسيرًا مقنعًا للنقاط التي أثارها المصدر، خاصة فيما يتعلق بتفتيش المنزل واحتجاز زوجته وتعذيبه واحتجازه بمعزل عن العالم الخارجي، بالإضافة إلى حرمانه من الرعاية الطبية. كما أنه لم يطعن في المعلومات المتعلقة بالتفتيش والاعتقال والتعذيب.
لاحظ الفريق أن الحكومة لم تقدم أي معلومات حول التهم أو الأدلة التي تم الاستناد إليها لتوجيه الاتهامات إليه، ولم تقدم أي مذكرات اعتقال أو أوامر توقيف ضد السيد الفرج، ما يشير إلى أن الاعتقال لم يكن متوافقًا مع القوانين المحلية أو الإجراءات القانونية المنصوص عليها في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، لاسيما المواد 9 و10 و14، كما ورد في قرار الجمعية العامة 67/1.
أكد الفريق الأممي أن الفرج حرم من الحرية بسبب ممارسة حقوقه في حرية التعبير والتجمع السلمي، والتي تضمنها المواد 19 و20 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والمواد 19 و21 و22 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.
وعليه، اعتبر الفريق أن حرمان الفرج من حريته تعسفي ويقع تحت الفئات الأولى والثانية والثالثة من أسس الحرمان من الحرية.
في ظل هذه المعطيات، يرى الفريق العامل المعني بالاعتقال التعسفي أن العلاج المناسب في هذه القضية هو الإفراج الفوري عن السيد الفرج ومنحه حق التعويض، وفقًا للقانون الدولي.