انخفاض الطلب على النفط وفشل رؤية 2030 يهددان المملكة
تواجه المملكة تحديات اقتصادية صعبة في ظل انخفاض الطلب على النفط من جهة فشل رؤية 2030 الخاصة بتنويع اقتصادية المملكة وإنهاء الاعتماد على النفط.
يأتي ذلك فيما تتفاقم الأزمة الاقتصادية في المملكة أصلا بفعل فساد نظام آل سعود وحرب اليمن الإجرامية ومؤامراتهم الخارجية بما في ذلك إنفاق المليارات على إدارة دونالد ترامب فقط لضمان استمرار دعمه لمحمد بن سلمان.
وقدمت منظمة الدول المُصَدِّرة للنفط “أوبك” توقعات متشائمة لسوق النفط للفترة المتبقية من عام 2019، مع تباطؤ النمو الاقتصادي، وسلطت الضوء على تحديات 2020، في الوقت الذي يضخ فيه المنتجون المنافسون المزيد من الخام، مما يبرر الإبقاء على اتفاق تقوده أوبك وحلفاؤها لكبح الإمدادات.
وفي تقرير شهري، خفضت المنظمة توقعاتها لنمو الطلب على النفط في 2019، بمقدار 40 ألف برميل يوميا إلى 1.10 مليون برميل يوميا، وأشارت إلى أن السوق ستسجل فائضا طفيفا في 2020.
هذه التوقعات المتشائمة، التي ترجع إلى تباطؤ الاقتصاد في ظل النزاع التجاري بين الولايات المتحدة والصين، وانفصال بريطانيا عن الاتحاد الأوروبي “بريكسِت”، قد تعزز مبررات أوبك وحلفائها بمن فيهم روسيا، للإبقاء على سياسة خفض الإنتاج لتعزيز الأسعار.
وألمح مسؤول سعودي إلى اتخاذ خطوات أخرى لدعم السوق.
وجاء في تقرير المنظمة “بينما تبدو توقعات العوامل الأساسية للسوق متشائمة نوعا ما لبقية العام، بالنظر إلى ضعف النمو الاقتصادي، والمشكلات التجارية العالمية الجارية وتباطؤ نمو الطلب على النفط، يظل من المهم المتابعة الوثيقة للتوازن بين العرض والطلب ودعم استقرار السوق في الأشهر المقبلة”.
وبعد نشر التقرير قلص النفط مكاسب حققها في وقت سابق وجرى تداوله دون 59 دولارا للبرميل.
وعلى الرغم من التخفيضات التي تقودها أوبك انخفض النفط من ذروة سجلها في أبريل/نيسان 2019 عند ما يزيد عن 75 دولار بفعل ضغوط من مخاوف التجارة والتباطؤ الاقتصادي.
وتنفذ المنظمة وروسيا ومنتجون آخرون اتفاقا منذ أول يناير/كانون الثاني لخفض الإنتاج 1.2 مليون برميل يوميا. ومدد التحالف المعروف باسم “أوبك+” الاتفاق حتى مارس/آذار 2020 لتفادي ارتفاع المخزونات مما قد يؤثر سلبا على الأسعار.
وأبقت أوبك على توقعاتها لنمو الطلب على النفط في 2020 عند 1.14 مليون برميل يوميا، بارتفاع طفيف مقارنة مع العام الجاري. لكنها أضافت أن توقعاتها للنمو الاقتصادي لعام 2020 تواجه مخاطر نزولية.
وقال التقرير “المخاطر المتعلقة بالنمو الاقتصادي العالمي تظل تميل إلى الجانب النزولي… التطورات المتعلقة بالتجارة على وجه الخصوص بحاجة إلى إعادة نظر شاملة في الأسابيع المقبلة، مع وجود احتمال إجراء مراجعة نزولية أخرى الشهر المقبل”.
وقلصت المنظمة توقعاتها لنمو الاقتصاد العالمي إلى 3.1 في المئة من 3.2 المئة، وأبقت على توقعاتها لعام 2020 عند 3.2 المئة في الوقت الحالي.
كما جاء في التقرير ان مخزونات النفط في الدول المتقدمة زادت في يونيو/حزيران، مما يشير إلى اتجاه قد يعزز مخاوف المنظمة بشان تخمة نفطية محتملة.
وتجاوزت المخزونات في يونيو متوسط خمس سنوات، وهو معيار تتابعه أوبك عن كثب، بمقدار 67 مليون برميل.
يأتي هذا على الرغم من تخفيضات الإنتاج التي تنفذها “أوبك+” وفاقد إضافي غير طوعي في إنتاج إيران وفنزويلا، وهما عضوان في المنظمة يخضعان لعقوبات أمريكية.
وأظهر التقرير ان أوبك عززت تخفيضاتها في يوليو/تموز. ووفقا لبيانات من مصادر ثانوية، انخفض إنتاج دول المنظمة البالغ عددها 14 بمقدار 246 ألف برميل يوميا مقارنة مع الشهر السابق إلى 29.61 مليون برميل يوميا مع تعزيز السعودية لخفض الإمدادات.
وتكبح أوبك وشركاؤها الإمدادات منذ 2017، للمساهمة في التخلص من تخمة المعروض التي تكونت في الفترة بين 2014 و2016. غير ان تلك السياسة تعطي دعما مستمرا للنفط الصخري الأمريكي وإمدادات بقية المنافسين.
ويشير التقرير إلى أن العالم سيحتاج إلى كمية نفط أقل بكثير من أوبك العام المقبل، ويُقدِّر ان الطلب على نفطها سيبلغ في المتوسط 29.41 مليون برميل يوميا العام المقبل، بانخفاض 1.3 مليون برميل يوميا مقارنة مع العام الجاري. لكنه يرفع توقعات 2020 بمقدار 140 ألف برميل يوميا مقارنة مع التوقعات الصادرة في الشهر الماضي.
ويشير التقرير إلى أنه سيكون هناك فائض في المعروض في 2020 بمقدار 200 ألف برميل يوميا، إذا واصلت أوبك ضخ النفط بالمعدل المسجل في الشهر الماضي، مع بقاء بقية العوامل متساوية. وكان تقرير الشهر الماضي قد أشار إلى فائض أكبر عند ما يزيد عن 500 ألف برميل يوميا.
يأتي ذلك فيما توقعت وكالة “موديز” الأمريكية للتصنيف الائتماني أن ترفع المملكة من حجم الإنفاق وتؤجل الإجراءات التقشفية خلال الفترة القادمة، وهو ما قد يؤدي إلى تراكم الديون في بيئة معتدلة لأسعار النفط.
وأشارت “موديز”، إلى أنه بالرغم من تدابير السياسة المالية لدول الخليج خصوصا المملكة منذ عام 2014، التي أبطأت التدهور المالي المرتبط بانخفاض أسعار النفط، فإن هذا التقدم كان بطيئاً وغير منتظم.
وبدأت المملكة في الفترة الأخيرة خفض عجز الموازنة، وذلك بعد ارتفاع إجمالي الإنفاق الحكومي وسط توقعات بعدم انخفاض في فواتير الأجور الحكومية التي تمثل الجزء الأكبر من الإنفاق على المدى المتوسط.
وقال نائب رئيس وكالة “موديز”، ألكساندر بيرجيسي، إن أسعار النفط المنخفضة منذ عام 2014 أضعفت بشكل كبير المالية العامة لسكان دول الخليج خصوصا المملكة.
وتابعت موديز: إن زيادة الإنفاق وزيادة الإيرادات غير النفطية في بيئة معتدلة لأسعار النفط ستشهد استمرار أعباء الديون في الارتفاع بالنسبة لمعظم دول الخليج مما يضع ضغوطاً إضافية على ارتفاع أسعار الفائدة.
وعانت المملكة من هبوط أسعار النفط وارتفع العجز فيها إلى مستويات قياسية، وتوقفت المشاريع فيها، فضلاً عن تبنيها سياسات لإعادة هيكلة اقتصاداتهم.
وقبل يومين توقَع صندوق النقد الدولي أن يرتفع عجز الموازنة في المملكة إلى 7% من الناتج المحلي الإجمالي خلال عام 2019، بسبب ارتفاع الإنفاق العام.
وقال الصندوق: إن “تقديراتنا تستند إلى افتراض بلوغ متوسط إنتاج النفط السعودي 10.2 ملايين برميل يومياً ومتوسط سعر النفط 65.5 دولاراً للبرميل في 2019”.
وأضاف في بيان له، بعد زيارة فريق خبرائه للمملكة، أن على الحكومة السعودية النظر في رفع نسبة الضريبة البالغة 5%، وهي نسبة منخفضة مقارنة بالمعايير العالمية.
وتابع: “خفض فاتورة الأجور الحكومية والتركيز على زيادة الإنفاق الرأسمالي، وتوجيه المنافع الاجتماعية للفئات المستحقة، سيؤدي إلى تحقيق وفرة في المالية العامة”.
واعتبر صندوق النقد أن زيادة الإنفاق الحكومي دعمت النمو وتنفيذ الإصلاحات، لكنها زادت من المخاطر المالية على المدى المتوسط.
وأشار إلى أنه من المتوقع أن يتسارع النمو غير النفطي الحقيقي إلى 2.9%، معزِّزاً النمو الاقتصادي ليصل إلى 1.9%، بارتفاع طفيف عن تقديراته السابقة البالغة 1.8%.
ورأى الصندوق أن التطورات المستقبلية في سوق النفط يصعب تقييمها حالياً، نظراً إلى عدم اليقين بشأن حجم الإنتاج في بعض البلدان المصدِّرة الأساسية.
ويتوقع نظام آل سعود عجزاً في الموازنة نسبته 4.2% من الناتج المحلي الإجمالي هذا العام، مقارنة مع 4.6% في 2018.
وارتفع الدين العام السعودي (محلياً وخارجياً) في نهاية 2018 إلى 560 مليار ريال (149.3 مليار دولار)، تمثل 19.1% من الناتج المحلي.
ويُتوقع أن يرتفع الدين العام إلى 180 مليار دولارٍ العام المقبل، وهو ما يعادل 22% من إجمالي الناتج المحلي.
يشار إلى أن المملكة أعلنت موازنة 2019 بإنفاق يقارب 300 مليار دولار، مقابل إيرادات بـ260 ملياراً، متوقعة عجزاً قيمته 35 مليار دولار.