كاتب يمني: آل سعود يطلقون الرصاصة الأخيرة على الشرعية اليمنية
هاجم الكاتب اليمني ياسين التميمي نظام آل سعود وأكد أن كل المؤشرات تدل دلالة قطعية على أن المملكة وبالتنسيق الكامل مع الإمارات؛ ماضية في إعادة تكييف اتفاق الرياض، وصولا إلى صيغة تهدف في الأساس إلى تثبيت الوقائع الجديدة في عدن والمناطق المجاورة لها والخاضعة للمجلس الانتقالي الانفصالي المدعوم من الإمارات، وهي أشبه بمن يطلق الرصاصة الأخيرة على جسد جريح يوشك على الموت.
وقال التميمي في مقال له “منذ أيام مضت وصل رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي عيدروس الزبيدي إلى الرياض، في زيارة يقول إعلام الانتقالي إنها جاءت تلبية لدعوة من ولي العهد محمد بن سلمان، ليدخل في بيات لا نعلم مدته، ولكنه يشبه إلى حد كبير البيات الذي دخل فيه ذات الشخص بعد ـن اُستدعي إلى مدينة جدة بعد انقلاب العاشر من شهر آب/ أغسطس 2019”.
وأضاف “اللافت في هذه الزيارة أنها جاءت بعد فترة وجيزة من تصعيد من جانب تحالف آل سعود تضمَّنَ اتهاماتٍ للمجلس الانتقالي بمنع قوات خفر السواحل التابعة للحكومة اليمنية عن القيام بدورها في الرقابة على المياه في خليج عدن، والتي تمثل الرقابة على تهريب الأسلحة للحوثيين واحدة من أهم أولوياتها”.
وأشارت إلى أن الزيارة جاءت بعد أيام من اندلاع المواجهات العسكرية على مشارف مدينة زنجبار عاصمة محافظة أبين، والتي تبعد نحو 30 كيلومترا تقريبا إلى الشرق من مدينة عدن، إثر تقدم للقوات الحكومية باتجاه المدينة.
وبحسب التميمي فإنه كما هو معروف، التصعيد العسكري للقوات الحكومية جاء بعد سلسلة من الخطوات التصعيدية من جانب الانتقالي، ومن بينها رفض عودة الحكومة إلى مدينة عدن لإدارة أزمة كارثة السيول وجائحة كورونا، وإعلانه الإدارة الذاتية للجنوب، وتصعيده العسكري في محافظة أرخبيل سقطرى.
وذكر أن إثارة موضوع خفر السواحل لم يكن سوى غطاء لعملية سياسية خاصة، تسعى إلى تنفيذها خارج سياق الوساطة الدولية المعنية بالأزمة والحرب في اليمن، تريد السعودية إنجازها من وراء استدعاء الزُّبيدي الذي كانت الرياض قد منعته من العودة إلى عدن هو وبقية رفاقه في المجلس الانتقالي، ما اضطرهم إلى البقاء في أبو ظبي، الداعم الرئيس للانتقالي وللمشروع الانفصالي الذي أنشئ هذا المجلس لإنجازه.
واعتبر التميمي أن هناك تخادم عدائي ومكشوف ضد الدولة اليمنية بين آل سعود والإمارات؛ لم تعد الأساليب السعودية المراوغة تستطيع إخفاءه من توزيع الأدوار الممنوحة للمعلقين السياسيين والناشطين المرتبطين بالقرار السعودي، الذين يصدرون مواقف متناقضة؛ بعضها مع الانتقالي وبعضها الآخر مع السلطة الشرعية بما لا يسمح بتقييم التوجهات السعودية النهائية من وراء مهمتها العسكرية في اليمن.
ورأى أن التصريحات الصادرة عن كبار المسؤولين اليمنيين، والتي أظهرت قلقا حقيقيا من أنباء تحدثت عن ملحق جديد باتفاق الرياض يسعى نظام آل سعود إلى فرضه على الحكومة الشرعية، وتم استدعاء عيدروس الزبيدي خصيصا للتوقيع عليه، هي واحدة من الأدلة الخطيرة على المنحى العدائي للمهمة السعودية في الساحة اليمنية.
وقال إن هذا الملحق إن صحت المعلومات حوله، سيلغي كل الضمانات التي كانت قد جعلت من اتفاق الرياض مدخلا لإعادة تمكين الشرعية من سلطتها في المحافظات الجنوبية، رغم أنه أقر بوجود المجلس الانتقالي كطرف سياسي جنوبي مؤثر.
وأضاف “تواجه السعودية والإمارات حزمة من القرارات الصادرة عن مجلس الأمن، والتي تؤكد على سلامة التراب الوطني للجمهورية اليمنية، وعلى أن الوحدة خطا أحمر لا يمكن المساس به، لكن ذلك لم يمنع الدولتين من المضي قدما في التصرف عكس ما أقرته الإرادة الدولية”.
ورأى الكاتب اليمني أن الخطورة تكمن في أن نظام آل سعود والإمارات يعملان على تثبيت وقائع على الأرض في جنوب البلاد، تتماثل إلى حد كبير مع الوقائع التي ترسخت في شمال البلاد، حيث يمثل فيها الحوثيون قوة أمر واقع من شأن أي تسوية سياسية مقبلة أن تُبقي هذه القوة طرفا مؤثرا في تقرير مستقبل اليمن.
والفارق هنا هو أن الطرف المتمرد والانقلابي الذي يسيطر على مدينة عدن، العاصمة السياسية المؤقت للبلاد، لم يكن شيئا قبل تدخل التحالف، ولم يكن يمتلك هذه الترسانة الحديثة من الأسلحة التي حصل عليها من التحالف، ولم يكن بوسعه السيطرة على عدن وعلى أي منطقة أخرى في جنوب البلاد بدون هذا الدعم الإماراتي السعودي المفتوح بحسب التميمي.
وأكد أن دعم كهذا يجعل من المكاسب الظاهرة للمجلس الانتقالي الجنوبي، بما في ذلك الترسانة العسكرية وعشرات الآلاف من الجنود، مجرد هدية خالصة حصل عليها من هذا التحالف، وإن لم يكن ذلك عملا عدوانيا، فأي اسم مناسب ينطبق عليه؟
وأمام هذا النهج العدواني الواضح يبرز السؤال التالي: ما جدوى الاستمرار في الادعاء بأن التحالف السعودي الإماراتي هو “تحالف دعم الشرعية”، كما لا يزال إعلام التحالف ومعه إعلام الشرعية نفسه يردده؟
وقال إن كل ما تحرص عليه السعودية والإمارات وفق مؤشرات السلوك الميداني للبلدين في الأراضي اليمنية، هو أنهما يثبتان للمجتمع الدولي بأن مساعيهما لتقسيم البلاد ليست عدائية، ولا تعكس أطماعا جيوسياسية مباشرة، بقدر ما تعبر بدقة عن إرادة الأطراف اليمنية نفسها، وفي المقدمة منها السلطة الشرعية التي حولها هذا التحالف إلى أضعف الأطراف، وحاصرها بالأعداء الداخليين، وبخطاب عدائي كالَ لها كل المساوئ والاتهامات بالفساد والفشل على كافة المستويات.
وأضاف “حاليا يقبع هرم السلطة الشرعية: الرئيس ونائبه ورئيس الحكومة رهن الإرادة السعودية في الرياض، مما يضاعف المخاوف من إمكانية أن يُجبَر الرئيس ومعه قيادة الدولة المنفية على التنازل على القوة الوحيدة المتاحة لدى هذه السلطة، وهي القدرة المبنية على الصلاحيات الدستورية، والتي بوسعهم من خلالها رفض أي خطط أو اتفاقات من شأنها أن تؤثر على كيان الدولة اليمنية ومركزها وسلامة أراضيها”.