نظام آل سعود استغل الإغاثة الدولية لإطالة أمد الحرب في اليمن
قال مركز دراسات يمني إن نظام آل سعود والنظام الحاكم في دولة الإمارات استغلا وكالات الإغاثة الدولية لإطالة أمد الحرب في اليمن.
وفي تقريره الشهري ذكر مركز صنعاء للدراسات (غير حكومي) أن “السعودية والإمارات استغلتا كونهما أكبر المساهمين في جهود الإغاثة الإنسانية في اليمن، بالادعاء بإنقاذ أرواح اليمنيين، بينما تدمران اقتصاد البلاد وبنيته التحتية”.
وأضاف التقرير أن توفير أموال الإغاثة يسمح للسعودية والإمارات بالاستمرار في تغذية الحرب، سعيا وراء تحقيق غاياتهما، وأن الدولتين توظفان المساعدات الإنسانية في الحرب.
كما اتهم التقرير جماعة الحوثي بتطويق وكالات الأمم المتحدة والمنظمات الدولية، حتى أصبحت جهود الإغاثة، التي بلغت كلفتها حوالي أربعة مليارات دولار عام 2019، مصدرا رئيسيا لدخل الجماعة.
واعتبر التقرير أن الوكالات والمنظمات الدولية تنازلت عن مبادئها لمحاولة تأمين الوصول إلى المحتاجين بإرضاء سلطات الحوثيين، مما ساهم في نهاية المطاف بتوفير مصادر دخل الجماعة، حيث تفرض الأخيرة أوامرها في كيفية تخزين ونقل المعونات، وأين ومتى وعلى من توزع.
كما أوضح التقرير أن عجز الأمم المتحدة عن إقناع الحوثيين بعدم التدخل دفع المانحين إلى التهديد علنا بسحب التمويل، وفي حال جرى ذلك فإنه سيضغط بشكل كبير على قيمة العملة المحلية، إذ تعد المساعدات الخارجية مصدرا رئيسيا للعملات الأجنبية في البلاد.
وينافق آل سعود في ترويجهم المستمر بشأن تقديم مساعدات إنسانية إلى اليمن في محاولة للتغطية عن كونهم المتسبب الرئيسي فيما يعانيه البلد من ويلات ومآسي.
وسبق أن انتقد مسؤول المساعدات بالأمم المتحدة، مارك لوكوك، أل سعو وحلفائهم في الإمارات بسبب تقديمهما “نسبة متواضعة” من مئات الملايين من الدولارات التي تعهدتا بتقديمها قبل نحو خمسة أشهر للمساهمة في جهود إنسانية في اليمن.
وقال لوكوك لمجلس الأمن الدولي إن “من أعلنوا أكبر التعهدات -جيران اليمن في التحالف- لم يقدموا حتى الآن سوى نسبة متواضعة مما وعدوا به”، موضحاً أنه نتيجة لذلك جمعت المنظمة 34% فقط من قيمة التعهدات، مقارنة بنسبة 60% في نفس الفترة من العام الماضي.
وفي تشرين أول/أكتوبر من 2018 كشفت صحيفة “ذا غارديان” البريطانية أن آل سعود وحلفائهم في الإمارات ضغطتا على وكالات الإغاثة العاملة في اليمن من أجل توفير “دعاية ملائمة”، والترويج لدورهما في تقديم مساعدات إنسانية بحسب ما أثبتت وثيقة داخلية للأمم المتحدة.
وتتضمن الوثيقة التي تحمل عنوان “خطة الرؤية”، وحصلت عليها الصحيفة البريطانية، شروط ميزانية العمل الإنساني لعام 2018 لليمن، وتُظهر إلى أي مدى تعرض مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، لضغوط من جهات تربط العلاقات العامة بالمال، سواء من آل سعود أو الإمارات.
وقدّم الطرفان ما يقرب من ثلث إجمالي ميزانية الأمم المتحدة الإنسانية لليمن لهذا العام. وعلى الرغم من أنّ العديد من الجهات المانحة تسعى للحصول على الدعاية مقابل المنح المالية، إلا أنّ حدود الطلب السعودي، وصلت، إلى حد كبير، إلى درجات غير معتادة، بحسب الصحيفة.
وتورد الوثيقة أنّ المنح المستقبلية التي يوزعها مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، للوكالات الإغاثية الأخرى، يجب أن تكون مرتبطة بقيمة “الدعاية المفيدة” الممنوحة إلى آل سعود والإمارات.
وتطالب الوثيقة المكتب الأممي، بالسعي لعرض “دعاية داعمة” للجهود الإنسانية السعودية والإماراتية في اليمن، في صحف مثل “نيويورك تايمز” الأميركية و”ذا غارديان” البريطانية.
وتحدد الوثيقة أيضاً كيف يجب على جميع الوكالات التي تتلقى مساعدات من آل سعود والإمارات، أن تشارك في دعايتها حول التمويل.
وتضيف الوثيقة: “نحن نعتبر أنّه من المهم للغاية، التأكد من أنّ جميع زملائنا اليمنيين الأعزاء على علم بتبرعاتنا. وينبغي التركيز بشكل أكبر على تعزيز خطة الرؤية المحلية، من خلال إشراك وسائل الإعلام المحلية… حتى يحصل المانحون على اعتراف جدير بالاعتبار وألا يتم حجبه من خلال رؤية الوكالات المتلقية” للمنح السعودية والإماراتية.
ووفق الخطة الموضوعة، ستقوم الأمم المتحدة، بعقد فعاليات في مقرها بنيويورك، تركّز على الاستجابة الإنسانية في اليمن، وتأثير جميع تمويل الجهات المانحة، مع التركيز على الاعتراف بدور أل سعود والإمارات.
كما تطالب الوثيقة، الوكالات التي تتلقى المساعدات، بتوثيق الأنشطة المدعومة من أل سعود والإمارات في اليمن، في صور فوتوغرافية ومواد فيديو.
ثم تحدّد الوثيقة 48 خطوة معينة، وافقت وكالات الأمم المتحدة على اتخاذها هذا العام، للتعريف بالنشاط السعودي الذي يشمل خمس وكالات مختلفة مرتبطة بالمنظمة الأممية، بما في ذلك برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، ومنظمة الصحة العالمية، و”يونيسيف”.
وتظهر الوثائق المسربة أيضاً الضغط الذي قام به أل سعود والإمارات على الأمم المتحدة، لرفع مكانتها كجهات خيرية مانحة.
وينص أحد المطالب على ما يلي: “يتوقع المرء من مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية أو أي وكالة مستلمة، نشر مقالات في صحف يومية معترف بها مثل نيويورك تايمز، أو ذا غارديان، لتسليط الضوء على مساهمتنا”.
على الرغم من أنّ الوثائق تظهر أنّ مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، قاوم بعض المطالب السعودية والإماراتية، إلا أنّه امتثل لطلب آل سعود يتضمن أن “يتم تعيين شخص متخصص من قبل المكتب، ليكون نقطة مركزية، من أجل ضمان تنفيذ الخطة من قبل كل الوكالات المستلمة وتوحيد التقارير”.
ورداً على تقرير “ذا غارديان”، قال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، في بيان، إنّ “معظم المانحين في اليمن، وأماكن أخرى، لديهم متطلبات الرؤية التي يتم الاتفاق عليها بشكل ثنائي مع الجهة المانحة الفردية”.
وتابع: “ولأنّها اتفاقيات ثنائية، فإنّنا لا نناقش تفاصيل الاتفاقيات الفردية علناً… على مدى سنوات النزاع في اليمن، كانت الأمم المتحدة واضحة وثابتة وعلنية في دعوتها جميع أطراف النزاع للوفاء بالتزاماتها بموجب القانون الإنساني الدولي، ﺑﻤﺎ ﻓﻲ ذلك الالتزام ﺑﺤﻤﺎﻳﺔ المدنيين واﻟﺒﻨﻴﺔ اﻟﺘﺤﺘﻴﺔ، وسنواصل القيام بذلك”.
ويُعتبر التدخل العسكري لآل سعود والإمارات في الحرب باليمن، على نطاق واسع، السبب الأول للكارثة الإنسانية التي شهدت مقتل أكثر من 10 آلاف مدني، وتركت الملايين أمام مخاطر المجاعة.
وتصف الأمم المتحدة الوضع في اليمن، حيث أودت الحرب الدائرة منذ أربعة أعوام بحياة عشرات الآلاف وتركت الملايين على شفا المجاعة، بأنه أسوأ أزمة إنسانية في العالم.