استئناف إنتاج النفط المشترك بين المملكة والكويت غدا وهذه أهداف آل سعود
كشف مسؤول كبير في قطاع النفط الكويتي، عن أن الكويت والمملكة ستستأنفان غداً الأحد، إنتاج النفط من حقل الوفرة، في إطار خطة لعودة الإنتاج من الحقول المشتركة خلال فبراير/شباط الجاري، وذلك بعد أكثر من خمس سنوات من التوقف إثر نزاع حول الإمدادات.
ونقلت وكالة بلومبرغ الأميركية، عن هاشم هاشم، الرئيس التنفيذي لمؤسسة البترول الكويتية، قوله: “ستستأنف العمليات في الوفرة ابتداءً من الأحد، مع احتمال تدفق الصادرات خلال ثلاثة أشهر”، مضيفاً أن الإنتاج من حقل الخفجي سيبدأ أيضاً بنهاية الشهر الجاري.
وكانت الكويت والمملكة قد وقعتا في ديسمبر/ كانون الأول 2019، اتفاقاً يستهدف إنهاء نزاعهما الذي دام خمس سنوات بشأن المنطقة المقسومة، التي تضم حقول النفط المشتركة، وتمثل ما يصل إلى نحو 0.5 في المائة من إمدادات النفط العالمية.
وفي أكتوبر/ تشرين الأول 2014، قررت المملكة إغلاق حقل الخفجي البحري، لدواعٍ بيئية، وفق ما ذكرت حينذاك، وبعدها بعام أُوقف الإنتاج من حقل الوفرة، بسبب مشكلات تشغيلية.
وجاءت هذه التطورات في خضم خلاف بين البلدين، بعد أن جددت المملكة العقد مع شركة شيفرون الأميركية للعمل في حقل الوفرة حتى عام 2039 من دون التنسيق مع الجانب الكويتي الذي لم يكن راضياً عن ذلك، وفق بلومبرغ.
وحقل الوفرة تديره الشركة الكويتية لنفط الخليج، وشيفرون نيابة عن السعودية، وكان إنتاجه قبل الغلق يصل إلى نحو 220 ألف برميل يومياً من الخام العربي الثقيل.
والخميس الماضي، أعلنت شركة شيفرون في بيان، أنها بدأت عمليات إعداد لاستئناف الإنتاج في حقل الوفرة، وذلك بعد أيام من تأكيد مسؤول في قطاع النفط بالكويت لرويترز، بدء الأعمال التحضيرية لاستئناف الإنتاج التجريبي من حقل الخفجي، وكذلك قرب نهاية الشهر الجاري.
ووفق المسؤول، سيبدأ الإنتاج من حقل الوفرة بواقع 10 آلاف برميل يومياً، ومن المتوقع أن يزيد إلى 80 ألف برميل يومياً من الحقل بعد ستة أشهر، من بدء الإنتاج التجريبي، بينما سيبدأ إنتاج نحو 10 آلاف برميل من حقل الخفجي في حدود 25 فبراير/ شباط، لتزيد إلى نحو 60 ألف برميل بحلول أغسطس/ آب.
وتغطي المنطقة المقسومة مساحة 5770 كيلومتراً مربعاً، ويمكن أن تضخ نحو 500 ألف برميل يومياً، بما يعادل 0.5 في المائة من الإمدادات العالمية.
ويثير استئناف إنتاج النفط في حقلي الوفرة والخفجي، علامات استفهام حول جدواه في هذا التوقيت، ولا سيما في الوقت الذي تسعى فيه السعودية، أكبر مصدر للنفط في العالم، إلى خفض الإنتاج من أجل دعم الأسعار، التي تتهاوى مجدداً مع تضرر الاقتصاد الصيني، أكبر مشترٍ للنفط في العالم، بسبب تفشي فيروس كورونا الجديد.
وهوت أسعار خام برنت بأكثر من 20 في المائة منذ منتصف يناير/ كانون الثاني الماضي، لتصل إلى نحو 57 دولاراً للبرميل، بينما تحتاج السعودية للإبقاء على سعر الخام فوق مستوى 84 دولاراً للبرميل، حتى لا تعاني من عجز في الموازنة السنوية كما حدث العام الماضي، وفق تقرير نشره أخيراً موقع “أويل برايس” الأميركي المتخصص في أخبار الاقتصاد والنفط.
ووفق الموقع الأميركي، فإن آخر شيء قد تحتاجه المملكة في الوقت الحالي، هو زيادة الإنتاج، وبالتالي انخفاض الأسعار، خاصة أن الطلب على الذهب الأسود قد يتراجع في الفترة المقبلة بسبب فيروس كورونا الذي انتشر في الصين.
وأصاب الفيروس مختلف القطاعات الإنتاجية والخدمية في الصين بالشلل على مدار الأسابيع الثلاثة الماضية، وزحف إلى خارج أسوار العملاق الآسيوي، ليصيب اقتصادات عالمية أخرى ترتبط بشكل وثيق بالتصنيع والتجارة مع بكين.
وذكر “أويل برايس” أن الرواية السعودية حول دوافع إغلاق حقل الخفجي عام 2014 كانت تشير إلى إحداثه أضراراً بيئية جسيمة، لكن الرواية الأخرى تفيد بأن هذا الحقل الذي كان حينها يوفر إنتاجاً ضخماً من النفط والغاز، وقد أُغلق للضغط على الكويت والتحكم في سياستها النفطية، خاصة بعد أن باتت تبيع نفطها لأهم زبائن السعودية في آسيا، وبأسعار مخفضة.
وبحسب الموقع الأميركي، فإن الحرص السعودي على إعادة استغلال الحقول النفطية المغلقة، يعود بحسب مصادر متعددة إلى هجمات 14 سبتمبر/ أيلول الماضي التي تعرضت لها منشآت شركة أرامكو، وتبناها الحوثيون في اليمن.
ويقول الكاتب سايمون واتكينز في تقرير نشره موقع “أويل برايس” الأميركي المتخصص في أخبار الاقتصاد والنفط، إن إنتاج هذا الحقل سوف يكون في البداية 10 آلاف برميل فقط يوميا، إلا أنه سيصل بحلول أغسطس/آب المقبل إلى 60 ألف برميل.
ويضيف الكاتب أن الإنتاج التجريبي في الجزء الكويتي من هذه المنطقة سينطلق أيضا في أواخر مارس/آذار المقبل، وسيكون في البداية 10 آلاف برميل يوميا، ليصل إلى 80 ألفا بحلول نهاية سبتمبر/أيلول.
وهنالك مخططات للوصول بالإنتاج في حقل الخفجي إلى 175 ألف برميل يوميا، وفي حقل الوفرة إلى 145 ألف برميل يوميا في غضون 12 شهرا، وفق الكاتب.
وتساءل الكاتب عن الدافع وراء هذا الحرص السعودي على إعادة تشغيل حقول النفط في المنطقة المقسومة بين البلدين، خاصة أن المملكة تحتاج للإبقاء على سعر خام برنت فوق مستوى 84 دولارا للبرميل، حتى لا تعاني من عجز في الموازنة السنوية كما حدث العام الماضي.
ويوضح الكاتب أن آخر شيء قد تحتاجه المملكة في الوقت الحالي هو زيادة الإنتاج وبالتالي انخفاض الأسعار، خاصة أن الطلب على الذهب الأسود قد يتراجع في الفترة المقبلة بسبب فيروس كورونا الذي انتشر في الصين.
ويضيف الكاتب أن السعودية لا تزال تعاني من تبعات الإستراتيجية الفاشلة التي وضعتها في 2014 من أجل خفض الأسعار عمدا، بغاية تدمير قطاع إنتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة.
وهي خطة فشلت تماما، حيث واصل الأميركيون إنتاج النفط الصخري مع الضغط على الكلفة، وتضررت دول منظمة أوبك من هذا القرار السعودي، بحسب الكاتب.
ويذكر الكاتب أن الرواية السعودية حول دوافع إغلاق حقل الخافجي عام 2014 كانت تشير إلى تسببه بأضرار بيئية جسيمة، لكن الرواية الأخرى تفيد بأن هذا الحقل الذي كان حينها يوفر إنتاجا ضخما من النفط والغاز، تم غلقه من أجل الضغط على الكويت والتحكم في سياستها النفطية.
وكانت المملكة قد اعتبرت -في الشهور السابقة لذلك القرار- أن الكويت قد تجاوزت حدودها حين زادت من منافستها للسعودية في الأسواق الآسيوية، لدرجة أنها باتت تبيع نفطها لأهم زبائن السعودية في آسيا وبأسعار مخفضة، وفق ما ذكر الكاتب.
كما فرضت الكويت حينها عوائق على العمليات السعودية في حقل الوفرة الموجود هو أيضا في المنطقة النفطية المقسومة بين البلدين، لمنع الرياض من تجديد ترخيص شركة شيفرون للعمل في هذه المنطقة.
ويقول الكاتب إن قرار غلق هذه الحقول عام 2014 تسبب بضرر للكويتيين أكثر من السعوديين، على مستوى طاقة الإنتاجية.
كما عطلت السعودية التوصل إلى أي اتفاق حول هذا الموضوع، خاصة في ظل حرص ولي العهد محمد بن سلمان على عدم إعادة فتح هذه الحقول النفطية، لأن رفع الإنتاج سيؤدي لانخفاض الأسعار مجددا، وهو ما سيسلط ضغطا إضافيا على الاقتصاد السعودي.
ويؤكد الكاتب أن السبب وراء القرار السعودي المفاجئ إعادة استغلال هذه الحقول النفطية المغلقة، يعود -بحسب مصادر متعددة تحدث إليها موقع أويل برايس- إلى هجمات 14 سبتمبر/أيلول الماضي التي تعرضت لها منشآت شركة أرامكو، وتبناها الحوثيون.
ويقول الكاتب إن تلك الهجمات التي استهدفت معملين أحدهما هو أكبر معمل في العالم، لم يكشف السعوديون عن الحقيقة بشأنها، وخاصة عن الحجم الحقيقي للضرر الذي لحق بمنشآتها النفطية.
ونقل الكاتب تصريح محلل شؤون الطاقة في مؤسسة إنرجي أسبيكتس الأميركية ريتشارد مالينسون، الذي قال إثر تلك الهجمات إن من اللافت جدا ما ورد في تصريح وزير الطاقة عبد العزيز بن سلمان، الذي ركز على مسألة “الطاقة الإنتاجية” ثم لاحقا حول “تزويد السوق”، “إذ إنهما العبارتان اللتان استخدمهما السعوديون لتجنب الحديث عن الإنتاج الفعلي، باعتبار أن الطاقة الإنتاجية والتزويد لا يشيران إلى الإنتاج الفعلي في الآبار النفطية”.
وأضاف مالينسون في تعليقه على التصريحات السعودية، أن “ما يحاول السعوديون فعله من خلال عدم كشف الحقيقة، هو حماية سمعتهم كمزود موثوق به، خاصة لدى زبائنهم المهمين في آسيا، ولذلك فإن كل ما يصدر عنهم حاليا يجب عدم الأخذ به كحقيقة مسلم بها”.
وتابع أن “المهندسين الذين تحدثنا إليهم أخبرونا أنه بعد حادث من هذا النوع قد يستغرق الأمر عدة أسابيع لتقييم الأضرار فقط، ناهيك عن بداية القيام بالأشغال وأعمال الصيانة. إلا أن السعوديين تحدثوا عن بضعة أيام فقط استغرقوها لوضع خطة والشروع في تنفيذها لاستعادة الطاقة الإنتاجية كاملة”.
وأدت الهجمات إلى توقف نصف إنتاج النفط الخام من السعودية مؤقتاً، وفق السلطات السعودية، حيث فقدت آنذاك 5.7 ملايين برميل نفط يومياً.
وهوت صادرات النفط السعودي بنسبة 13.2 في المائة، على أساس سنوي، في الأشهر الـ 11 الأولى من العام الماضي، ما أدى إلى تراجع الفائض التجاري لأكبر مصدر للنفط في العالم بأكثر من الربع.
وأظهرت بيانات صادرة عن الهيئة العامة للإحصاء الحكومية، في يناير/ كانون الثاني الماضي، هبوط قيمة الصادرات النفطية إلى 184.8 مليار دولار، في الفترة من يناير/ كانون الثاني حتى نهاية نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي.
وفي نوفمبر/ تشرين الثاني وحده، تراجعت الصادرات النفطية بنسبة 15.4 في المائة على أساس سنوي، مسجلة نحو 16.6 مليار دولار، مقابل 19.6 مليار دولار في الشهر ذاته من 2018.