انتقادات حقوقية للاعتقالات الواسعة للمهاجرين الأثيوبيين في السعودية
أعرب المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان عن بالغ قلقه إزاء حملة الاعتقالات التي يشنها النظام السعودي بحق المهاجرين الأثيوبيين المقيمين في المملكة.
وأبدى المرصد الحقوقي تخوفه من ظروف الاحتجاز الصعبة التي يعيشونها في سجون المملكة.
وقال المرصد ومقره جنيف الشرطة السعودية بدأت منذ 11 يونيو/حزيران الماضي حملة اعتقالات استهدفت أحياء يسكنها المهاجرون الأثيوبيون، دون تمييز بين من يملكون وثائق قانونية وأولئك الذين لا يملكون أي وثائق.
وأكد أن حملات الاحتجاز والترحيل الجماعية ضد المهاجرين الأثيوبيين الحاملين للوثائق القانونية وغير الحاملين لها دون مبرر قانوني، من شأنه أن يفاقم أوضاعهم المتردية أصلًا.
وأوضح الأورومتوسطي أن الاعتقالات وقعت في المدن الكبرى وفي المناطق الريفية، حيث استخدمت الشرطة السعودية في حملتها العنف وعبارات عنصرية مثل “الأحباش” بالإشارة إلى الأثيوبيين.
ورافقت عمليات الاعتقال احتجاز أموال وهواتف ومجوهرات وغيرها من المتعلقات لبعض المعتقلين.
وبيّن المرصد الأورومتوسطي أن أكثر المناطق تضرراً كانت منطقة كيلو 8 في جدة، لكونها تضم جالية أثيوبية كبيرة.
وشهدت المنطقة يوم 15 يونيو/حزيران حصارًا لأحد المباني بواسطة سيارات الشرطة السعودية التي أغلقت المكان بالكامل، واعتقلت عددًا من المهاجرين الأثيوبيين من داخل المبنى بعد تعنيفهم، ومنعت المارة من التصوير.
إفادات
وجمع المرصد الأورومتوسطي إفادات لمهاجرين أثيوبيين تعرّض واحد أو أكثر من أفراد أسرتهم للاعتقال في مدينة جدة.
وقالوا إنّ الشرطة اقتحمت البيوت بشكل عنيف، واعتقلت بشكل عشوائي رجال ونساء وأطفال.
وناشد هؤلاء القنصلية الأثيوبية في جدة بالعمل بشكل سريع على الإفراج عن المحتجزين وتأمين عودتهم إلى الوطن.
وفي إفادته لفريق المرصد الأورومتوسطي، قال المهاجر الأثيوبي “أ.ت”، (25 عامًا)، ويعيش في مدينة جدة إنّ الشرطة السعودية اعتقلت زوجته مع مولودها الذي لم يتجاوز عمره 30 يومًا.
وتحتجز الشرطة السعودية الأم مع مئات آخرين في ظروف صعبة للغاية في أحد مراكز الاحتجاز في المدينة، مع عدم وجود بوادر للإفراج عنهما أو حتى ترحيلهما إلى أثيوبيا.
وفي إفادة لفريق المرصد الأورومتوسطي، قالت “ز.أ” زوجة أحد المهاجرين الأثيوبيين المحتجزين:
“اعتقل رجال الأمن زوجي من أمام بيتنا في مدينة جدة بعد أن اعتدوا عليه بالضرب ونعتوه بأوصاف عنصرية. نجحت بالتواصل معه بعد أكثر من يوم، أخبرني أنّ ظروف الاحتجاز سيئة للغاية”.
وبحسب المعتقل: يتكدس أكثر من 40 محتجزًا في زنزانة صغيرة، ولا يُقدم لهم الطعام سوى مرة واحدة في اليوم، ويتعرّضون للاعتداء والإهانة من الحرّاس في حال طلبوا الطعام أو الذهاب إلى دورة المياه”.
وأضافت “لا نريد أن نموت بسبب هذه الظروف المذلة، أناشد الحكومة الأثيوبية أن تعيدنا إلى وطننا بأقرب وقت”.
ولفت المرصد الأورومتوسطي إلى أنه بعد يومين من شن الحملة، أعلن دبلوماسيون أثيوبيون عن تمكنهم من الحصول على قرار بالإفراج عن 600 محتجز أثيوبي في المدينة المنورة يملكون وثائق قانونية سارية المفعول.
وكذلك94 آخرين كانوا محتجزين في مدينة جازان، إلا أن الحملة ظلت مستمرة مع ارتفاع كبير في أعداد المعتقلين.
حملات سابقة
وأشار الأورومتوسطي إلى أن حملة الاعتقال ضد الأثيوبيين ليست الأولى من نوعها، حيث شهدت المملكة حملة مماثلة في 2013، أدت إلى اعتقال وترحيل حوالي 100 ألف أثيوبي من المملكة.
ونفّذت الشرطة في سبتمبر/أيلول الماضي حملة احتجزت فيها آلاف الأثيوبيين وأودعتهم في سجون مختلفة.
أحدها كان يضم حوالي 16 ألف محتجز يعيشون في ظروف غير إنسانية أدت إلى وفاة البعض منهم بسبب نقص التغذية والاكتظاظ والحرارة الشديدة إلى جانب الاعتداء والضرب.
وبحسب المنظمة الدولية للهجرة، فإن حوالي 500 ألف أثيوبي كانوا يتواجدون في المملكة العربية السعودية حينما بدأت السلطات السعودية حملات الاعتقال والترحيل بحقهم والتي بدأت في 2013.
وتجددت في نوفمبر/تشرين الثاني 2017، حيث رحُّل منهم 260 ألفاً في المدة من مايو/أيار 2017 إلى مارس/آذار 2019.
ودعا المرصد الأورومتوسطي النظام السعودي إلى وقف حملاتها العشوائية ضد المهاجرين الأثيوبيين، والإفراج الفوري وغير المشروط عن المحتجزين منهم، واحترام حقوقهم المكفولة في القوانين الدولية ذات العلاقة.
وحث المرصد الأورومتوسطي الحكومة الأثيوبية على تكثيف التعاون مع الحكومة السعودية لمتابعة أوضاع رعاياها في المملكة، والتأكد من أنّهم يحظون بمعاملة تحفظ كرامتهم الإنسانية.
بالإضافة إلى المساعدة في توفير الدعم القانوني للمحتجزين، أو العاملين الذين يواجهون مشكلات قانونية في المملكة العربية السعودية.