الحظر السعودي على المنتجات التركية يهدد الماركات العالمية
ألقى قرار سلطات آل سعود بالحظر على جميع المنتجات والسلع التركية بظلاله السلبية على ماركات الأزياء العالمية في ظل تخبط النظام بقراراته الغريبة.
وقال موظف في مجموعة “مانجو” للملابس للموردين الأتراك، في رسالة بريد إلكتروني اطلعت عليها “فايننشال تايمز”، إن “السعودية حظرت جميع الواردات من المنتجات المصنوعة في تركيا”.
وذكرت الشركة الإسبانية، وهي واحدة من الشركات في أوروبا والولايات المتحدة الذين لديهم مرافق تصنيع في تركيا، إن فرقها “تبحث عن بدائل لتوقف العمليات المخصصة لمختلف المنتجات ذات الأصل التركي في السعودية”.
وقال “مصطفى غولتيبي”، رئيس اتحاد مصدري الملابس في إسطنبول، إن جميع التجار والمنتجين في تركيا والمصدرين إلى الدولة الخليجية قد تأثروا.
وأضاف لصحيفة “فايننشال تايمز”: “نتحدث هنا عن جميع العلامات التجارية العالمية التي لها متاجر في السعودية وتنتج في تركيا وتبيع للسعودية”.
واشتكى المصدرون الأتراك من أن المنتجات واجهت تأخيرات طويلة في الجمارك السعودية خلال الشهر الماضي.
وتنظر الشركات إلى المشاكل على أنها محاولة من جانب الرياض وحليفتها الوثيقة الإمارات لمعاقبة أنقرة على ما يعتبرونه تدخلات مزعزعة للاستقرار في العالم العربي.
ويمثل الخلاف التجاري تصعيدا كبيرا للتوتر بين الخصمين الإقليميين.
وقال أحد الخليجيين المطلعين على هذه القضية: “حظرت البلاد أي شيء يصنع في تركيا أو يأتي عبر تركيا”.
في حين قالت سلطات آل سعود إنها “لم تفرض أي قيود على البضائع التركية”، مضيفة أن التجارة بين البلدين “لم تشهد أي تراجع ملحوظ، باستثناء الأثر العام لتداعيات جائحة كوفيد-19”.
لكن “عجلان العجلان”، رئيس الغرفة التجارية بالرياض، دعا هذا الشهر إلى “مقاطعة كل شيء تركي ردا على العداء المستمر للحكومة التركية ضد قيادتنا وبلدنا ومواطنينا”.
وأصبحت علاقات تركيا مع السعودية والإمارات، أكبر اقتصادين في الشرق الأوسط، أكثر توترا من أي وقت مضى؛ حيث يتهمان الرئيس “رجب طيب أردوغان” بالتدخل في الشؤون العربية ودعم الجماعات الإسلامية.
ويدعم الخصمان الفصائل المتعارضة في الحرب الأهلية في ليبيا، حيث أدى التدخل العسكري التركي هذا العام إلى سلسلة من الهزائم للوكيل الليبي للدولتين الخليجيتين، الجنرال “خليفة حفتر”.
وسعت المملكة في السابق إلى استخدام الإجراءات الاقتصادية ضد الحكومات لممارسة ضغوط دبلوماسية.
وفي عام 2017، أعلنت الرياض وأبوظبي فرض حصار شامل على قطر، وقدمت تركيا الدعم لقطر في هذا النزاع، مع تسريع “أردوغان” لنشر قوات تركية في قاعدة قطرية لدعم الدوحة.
وتصاعدت التوترات بشكل أكبر بعد مقتل الصحفي جمال خاشقجي على يد عملاء سعوديين في قنصلية المملكة في إسطنبول عام 2018.
وغضب المسؤولون السعوديون مما اعتبروه جهود “أردوغان” لتسييس مقتل الصحفي لإضعاف موقف ولي العهد محمد بن سلمان، حاكم الأمر الواقع في المملكة.
ونشرت 8 جمعيات أعمال تركية بارزة، السبت، رسالة أعربت فيها عن استيائها من “الموقف السلبي المتزايد للسعودية تجاه الشركات التركية”.
ودعت إلى حوار لحل النزاع، محذرين من أنه “سيلحق ضررا باقتصاديات وشعبي البلدين”.
وتعد تركيا واحدة من أكبر منتجي المنسوجات في أوروبا والشرق الأوسط، حيث قامت بتصدير ما قيمته 17.7 مليار دولار من الملابس الجاهزة في عام 2019.
وكان لدى أنقرة فائض تجاري مع السعودية العام الماضي، حيث صدرت سلعا وخدمات بقيمة 3.2 مليار دولار، في حين استقرت قيمة الواردات عند 1.9 مليار دولار.
وقللت “مانجو”، التي لديها ما يقرب من 50 متجرا في المملكة، من تأثير القيود، قائلة: “لا يمثل هذا مشكلة كبيرة للعلامة التجارية حيث إن الإنتاج متنوع ومرن، ونحن على ثقة من أننا سنكون قادرين على الاستمرار في الأعمال التجارية في السعودية”.
وقالت شركة “إتش آند إم” السويدية إنه “من السابق لأوانه التعليق على قيود التجارة التي تم الإبلاغ عنها وتقييم آثارها بالنسبة لأعمالنا”.
ورفضت “ماركس وسبنسر” البريطانية و”إنديتكس” الإسبانية، اللتان تحصل على بعض منتجاتهما من تركيا ولديهما متاجر في السعودية، التعليق.
وكانت شركة “بوهو”، وهي شركة بيع بالتجزئة عبر الإنترنت مقرها المملكة المتحدة تسعى إلى التوسع في الشرق الأوسط، تعمل على تحديد ما إذا كانت ملابسها المصنوعة في تركيا ستتأثر، وفقا لما ذكره شخص مطلع على هذا الجهد.
وكتبت “ميرسك”، أكبر خط شحن حاويات في العالم، إلى العملاء الأتراك الشهر الماضي لتحذيرهم من المشاكل المتزايدة في الجمارك السعودية، وأوصت “باتخاذ الاحتياطات اللازمة لتقليل الخسائر المحتملة”.
وأثرت التوترات على قطاع الطيران أيضا، وسعت الخطوط الجوية التركية وطيران الإمارات للحصول على موافقة الجهات التنظيمية لاستئناف رحلات (دبي -إسطنبول) التي تم إغلاقها خلال جائحة فيروس “كورونا”.
لكن مسؤولين غربيين قالوا إن سلطات الطيران المدني في البلدين رفضت الموافقة على استئناف الخدمات بالكامل.
وقال مسؤول إماراتي: “إنها مقاطعة غير رسمية”، مضيفا أن جائحة فيروس “كورونا” توفر غطاء لهذه الخطوة.
وقد امتنعت الخطوط الجوية التركية، وهيئة الطيران المدني التركية، و”طيران الإمارات” عن التعليق على الأمر.