التجسس عبر مواقع الانترنت..سلاح آل سعود وحلفائه للقمع والاضطهاد
تلاحق الفضائح نظام آل سعود وحلفائه بشأن استخدامه التجسس عبر مواقع التواصل الاجتماعي على الانترنت كوسيلة للقمع والاضطهاد بحق مواطني المملكة متنافسا في ذلك مع غيره من الأنظمة الاستبدادية.
وما الإعلان الاسبوع الماضي عن اعتقال السلطات الأمريكية عناصر تجسس لصالح نظام آل سعود إلا الفصل الأخير في مسلسل طويل من فضائح النظام في التجسس والمراقبة الالكترونية.
وأظهرت شكوى من وزارة العدل الأمريكية أن اثنين من الموظفين السابقين في تويتر ورجلا ثالثا من المملكة يواجهون اتهامات بالتجسس لصالح نظام آل سعود من خلال البحث عن بيانات شخصية خاصة بمستخدمين وتقديمها لمسؤولين سعوديين مقابل أموال.
وربما يعتبر هذا النوع من التجسس اهون كثيرا من أشكال أخرى منه، تمارسه الدول المتحالفة ضمن ما يسمى “قوى الثورة المضادة”. فما يقوم به نظام آل سعود وحلفائه في الإمارات والبحرين ومصر من اعمال تجسسية على مواطنيها يفوق ممارسات الدول الشرقية التي كانت منضوية ضمن “الاتحاد السوفياتي”.
فما أكثر الكتب التي صدرت حول تلك الأجهزة وشراستها خلال الحرب الباردة، بعضها توثيقي واغلبها خيالي، حتى اصبحت اسماء تلك الأجهزة مثيرة للخوف الشديد في نفوس الكثيرين حتى من غير مواطني تلك الدول ومنها “كي جي بي” الروسية.
ومع أن الجانب الأكبر من نشاط الأجهزة الأمنية في المملكة وحلفائها المذكورين موجها لخصومها من الدول واختراق انظمتها إلا أن جانبا كبيرا من نشاطها كان موجها للمواطنين العاديين خشية تمرد البعض على الانظمة القمعية آنذاك.
غير أن الملاحظ أن التوسع الاستخباراتي في المملكة ليس ناجما عن يقظة عميقة للدفاع عن مصالح المملكة وشعبها، بقدر ما هو تعبير عن تشكل عقل لدى عائلة آل سعود يهدف لتوسيع النفوذ من جهة، وضرب المنافسين الاقليميين من جهة ثانية، واضطهاد المواطنين ومنع قيامهم باية حراكات سياسية ثالثا.
ولذلك فعندما اعلنت واشنطن عن اعتقال الموظفين الثلاثة العاملين ضمن أجهزة تويتر للتجسس على حسابات النشطاء ونقل ذلك للاستخبارات السعودية، كان امرا مفاجئا للبعض بسبب الاعتقاد السائد بأن السعوديين لن يمارسوا انشطة استخباراتية داخل امريكا التي لا تسمح بذلك عادة.
توجهت المملكة نحو سياسات جديدة تهدف لتوسيع النفوذ الاقليمي والدولي من جهة والسيطرة المطلقة على المواطنين لمنع اي حراك ذي طابع سياسي من جهة أخرى.
ومنذ صعود محمد بن سلمان توجهت المملكة نحو سياسات جديدة تهدف لتوسيع النفوذ الاقليمي والدولي من جهة والسيطرة المطلقة على المواطنين لمنع أي حراك ذي طابع سياسي من جهة أخرى، وادخال الرعب في نفوس مسؤولي دول مجلس التعاون الأخرى التي تصغرها سكانا ومساحة واقتصادا.
ومع ذلك ما تزال الأجهزة السعودية بدائية جدا، فسرعان ما تنكشف خططها وتغضب اصدقاء الرياض.
وجاءت جريمة اغتيال الاعلامي جمال خاشقجي العام الماضي لتؤكد هشاشة النظام الأمني السعودي، ففي غضون ساعات من الجريمة اكتشف قدر كبير من تفصيلاتها وعناصرها.
وما أكثر المقاطع المرئية التي تنتشر هذه الايام لممارسات أجهزة الامن السعودية، وما تمارسه من ذبح للنساء والرجال على أساس تهم لا تصمد امام التحقيق الموضوعي. فهل هناك اخفاق استخباراتي أكبر مما حدث في الاعوام الاخيرة؟.
فقد شن آل سعود الحرب على اليمن بعد معلومات خاطئة اقنعت السياسيين والعسكريين بإمكان هزيمة اليمنيين. ولا تقل الدول الأخرى المتحالفة ضمن قوى الثورة المضادة إنفاقا على أجهزة الأمن.
فهذه الأجهزة ليست مؤسسة على عقيدة راسخة بضرورة حماية المجتمع المدني وتوفير الأمن للمواطنين العاديين، بل ان هدفها الاول الترصد للنشطاء ومنعهم من القيام باي حراك يحرج السلطات.
وفي شهر يناير الماضي بثت وكالة أنباء رويترز تقريرا طويلا حول انطلاق مشروع تجسس الكتروني اماراتي بادارة الامريكية لوري ستراود بعد ترك وظيفتها كمحللة استخبارات بوكالة الأمن الوطني الأمريكية.
هذه السيدة التحقت بما سمي “مشروع ريفين” المكون من فريق سري يضم أكثر من 12 فردا من العاملين السابقين في الاستخبارات الأمريكية وذلك لمساعدة الإمارات العربية المتحدة في عمليات مراقبة حكومات أخرى ومتشددين وناشطين في مجال حقوق الانسان ممن ينتقدونها.
وكانت مهمة ستراود وفريقها استخدام ما تعلموه من وسائل خلال العمل عشر سنوات في عالم الاستخبارات الأمريكية لمساعدة الإمارات في اختراق هواتف أعدائها وكمبيوتراتهم.
وقد انضمت ستراود للفريق من خلال شركة في ولاية ماريلاند تعمل في مجال الأمن السيبراني لمساعدة الإمارات في إطلاق عمليات اختراق إلكتروني، ولكن الإماراتيين نقلوا مشروع ريفين إلى شركة إماراتية تعمل في مجال الأمن الإلكتروني اسمها دارك ماتر.
تكشف قصة المشروع ريفين كيف استغل متسللون سابقون في الحكومة الأمريكية أحدث وسائل التجسس الإلكتروني لحساب جهاز استخبارات أجنبي يتجسس على نشطاء حقوق الإنسان وصحافيين وخصوم سياسيين.
ووفقا لتقرير رويترز فقد استغل أعضاء الفريق ترسانة من الأدوات الإلكترونية من بينها منصة تجسس حديثة جدا تعرف باسم (كارما) يقولون إنهم تجسسوا من خلالها على هواتف الآيفون لمئات من النشطاء والقيادات السياسية وأفراد تحوم حولهم شبهات أنهم إرهابيون.
اما البحرين فلدى حكومتها باع طويل في التجسس على المعارضين وقمعهم بالاستعانة بخبراء اجانب. بدأت القصة باستقدام الضابط الاستعماري البريطاني ايان هندرسون في ابريل 1966 لإدارة القسم الخاص بجهاز الاستخبارات قبل الانسحاب البريطاني من المنطقة.
واختير هذا الشخص بعد تجربته الطويلة في تعقب نشطاء حركة “ماو ماو” الكينية الذين قادوا عملا مسلحا ضد الوجود البريطاني في جبل كينيا آنذاك.
أما التجسس الالكتروني من حكومة البحرين على المعارضين فقد ظهر الى العلن في 2014 بعد اختراق نشطاء حقوقيين موقع شركة بريطانية ـ المانية زودت حكومة البحرين بنظام “فين فيشر”.
وقد استطاع فريق الاختراق تحديد اجهزة كومبيوتر تابعة لثلاثة من المعارضين لاجئين في لندن، وحدثت ضجة إعلامية حول موضوع الاختراق الالكتروني من قبل حكومة البحرين.
وبدلا من مراجعة سياساتها استمرت تلك الحكومة في توسيع دائرة تجسسها فاستعانت بشركة إسرائيلية لمساعدتها على اختراق نظام واتس أب بهواتف المعارضين وغيرهم. ويعتبر التطبيع الذي قامت به الدول الثلاث مع إسرائيل بوابة لتكثيف التجسس على المواطنين بوسائل الاختراق الإلكترونية.
هذا التجسس لا يهدف لاستباق اعمال غير قانونية قد يقوم بها هؤلاء، بل انها رسائل للمعارضين بان الحرب معهم مفتوحة على كافة الجبهات والاحتمالات.