خمسة أعوام على بيعة الملك سلمان.. تغييرات صادمة في المملكة
حملت خمسة أعوام منذ بيعة الملك سلمان بن عبدالعزيز تغييرات صادمة في المملكة في مرحلة عناوينها الأبرز تنصيب نجله محمد حاكما فعليا للمملكة وشن حربا إجرامية على اليمن وانتهاكات داخلية جسيمة لحقوق الإنسان.
وتسلم الملك سلمان في مثل هذا اليوم قبل خمسة أعوام قيادة المملكة عقب وفاة الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز وسط تحديات داخلية وإقليمية.
وعلى مدار سنوات، تركزت أبرز سمات حكم الملك سلمان على ترسيخ حكم نجله محمد وتعزيز سيطرته على مفاصل الحكم إضافة إلى تدهور الوضع الاقتصادي الذي يعتمد أداؤه على النفط.
وأحدث بن سلمان ثورة بنظام الحكم حيث بدأ بالارتقاء سريعا منذ العام 2015 بعد أن شغل مناصب عدة منها وزير الدفاع، ورئيس الديوان الملكي، والمستشار الخاص للملك قبل مبايعته، قبل أن ينقلب على الأمير محمد بن نايف، ويزيحه من منصب ولي العهد ويتولى مكانه.
ومنذ ذلك الوقت غير بن سلمان نظام الحكم بالمملكة الذي يمتد إلى 85 عاما إلى نظام “أوتوقراطي”، يكون فيه الحكم للفرد الواحد وليس للعائلة كلها.
وشهدت المملكة عدّة أحداث أثارت ضجة إعلامية واسعة؛ مثل اعتقال الناشطين والدعاة والعلماء، وجريمة قتل الصحفي البارز جمال خاشقجي، وغيرها من القضايا التي أساءت لسمعة المملكة.
تقارير متواترة تحدثت عن أن الملك سلمان مغيب تقريبا عن الحكم، لصالح نجله محمد وصل إلى حد الرد على المكالمات الهاتفية الموجهة للملك.
وقد لعبت المملكة خلال أعوام حكم الملك سلمان على وتر المرأة ضمن تحولات لافتة على المستوى الاجتماعي، فضلا عن فتح دور للسينما في البلاد، وكان أبرز التحولات المتعلقة بالمرأة، السماح لها بأن تصبح مرشحة وناخبة، وأن تقود السيارة، وتعمل في وظائف كانت محظورة.
لكن هذه الإصلاحات المزعومة جرت بحسب ما تؤكد منظمات حقوقية للتغطية على انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان تمثلت باعتقالات تعسفية واسعة النطاق لدعاة وأكاديميين وصحفيين ومدونين فضلا عن أمراء وأفراد من العائلة المالكة.
وفي مسار السياسة الخارجية، تعثرت السعودية كثيرا في تلك الحقبة، خاصة مع تعقد أزمتها في حرب اليمن، ودخولها في تصادم مرتين مع دولة قطر ما عمق الخلافات الخليجية الداخلية.
كما عرفت علاقات المملكة الخارجية توترات غير مسبوقة مع العديد من الدول فوصلت العلاقات مع إيران حد القطيعة والعداء، والتوتر البالغ مع دول مثل تركيا وكندا ودول أوروبية على خلفية سجلها الحقوقي الأسود وجرائمها في اليمن.
وأبرز ما ميز حكم الملك سلمان ونجله حالة التبعية الكاملة لإدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وتقديم مليارات الدولارات لواشنطن في مقابل تعزيز حكم محمد بن سلمان.
وعززت واشنطن من وجودها العسكري في المملكة ليصل إلى أكثر من ثلاثة آلاف جندي يعملون عمليا على حماية النظام من أي مخاطر داخلية.
وتراجعت مكانة المملكة عربيا وإسلاميا وبدت كأنها فقدت دورها القيادي بفعل اتصاف نظامها الحالي بالصبياني والطائش.
وشهد حكم الملك سلمان إقرار تنظيما جديدا لـ “هيئة الأمر بالمعروف”، يقلص صلاحياتها التي تمكنها من توقيف الأشخاص أو ملاحقتهم.
في مقابل ذلك تم نشر الفساد والانحلال بشكل تدريجي في المملكة عبر هيئة الترفيه التي تثير الكثير من الجدل في البلاد بسبب انقلابها على قيم المجتمع السعودي المحافظ.
فقد تم تبني “رؤية السعودية 2030″، التي تستهدف إيرادات غير نفطية بـ 267 مليار دولار سنويا، فيما عرفت باسم “مرحلة ما بعد النفط”، والتي تستهدف الشق الاجتماعي المرتبط أيضا بالترفيه وتغيير أنماط مجتمعية سابقة.
وشملت رؤية المملكة الاقتصادية المعروفة باسم رؤية 2030 بدء طرح اكتتاب شركة ارامكو النفطية وترويج ذلك بوصفه نقلة نوعية في السوق السعودية لتكون في مصاف الاسواق العالمية وخلق آلاف الوظائف.
لكن الواقع يكذب هذه الادعاءات، إذ تواجه عملية اكتتاب أرامكو تعثرا بالغا دفع المسئولين في النظام إلى إلغاء العروض الترويجية لاكتتاب أرامكو في آسيا وأوروبا وأمريكا.
وألغت الشركة مؤخرا عروضا ترويجية في نيويورك ولندن، بعدما قررت عدم بيع الأسهم مباشرة لمستثمرين في أسواق متقدمة، والمضي قدما في طرح يركز على السوق المحلية إلى حد كبير بدلا من ذلك.
وحددت أرامكو سعرا استرشاديا للصفقة، يُقيّم الشركة بما يصل إلى 1.7 تريليون دولار، ما يقل عن تريليوني دولار كان يستهدفها ولي العهد محمد بن سلمان، لكنه يضعها على المسار لتصبح أكبر طرح عام أولي في العالم.
كما أن هناك فشل في جذب كبار المستثمرين الدوليين وتوقعات الفشل الذريع تخيم على رؤية 2030 في ظل أزمة غير مسبوقة يعانيها اقتصاد المملكة.
إذ يعاني اقتصاد المملكة من تواصل تراجع صادرات النفط الخام إلى 6.67 مليون برميل يوميا، وتراجع الإيرادات المالية نتيجة تراجع أسعار النفط الخام، وسط ارتفاع الدين العام إلى 167 مليار دولار.
وشهدت محاكم المملكة 500 قضية إفلاس لشركات كبرى في ظل تقشف في الخدمات ومغادرة عدد كبير من رجال المال والأعمال، وتراجع احتياط النقد الأجنبي لحوالي 487 مليار دولار فضلا عن تراجع فائض الميزان التجاري بنسبة 6.1% بما يعادل 4 مليارات دولار.
وعلى صعيد جهود خفض البطالة للشباب والشابات، تكشف بيانات هيئة الإحصاء زيفهم 367 سعوي يغادرون سوق العمل يومياً والبطالة في ازدياد.