الإفساد بالترفيه.. أسلوب آل سعود لجمع المزيد من الأموال
يعمد نظام آل سعود إلى إفساد المملكة بالترفيه المشبوه مستفيدا في ذلك في التغطية على جرائمه الداخلية وما يعانيه المجتمع من أزمات قمع وحكم بالحديد والنار، فضلا عن الرغبة في جميع المزيد من الاموال.
ومنذ اليوم الأول، بعد كشف مشاركة النظام بقرار اغتيال الصحفي السعودي البارز جمال خاشقجي قبل أكثر من عام، تم الاتجاه إلى ما يبعد الشبهات، وتحويل مسار الإعلام عن القضية التي لا تزال خيوطها تُكشف تباعاً، عبر المساهمة في زيادة منسوب الأنشطة الفنية وتمويلها من دون حدود.
وكانت محاولات نظام آل سعود تسعى إلى ذر الرماد في العيون، بهدف الإلهاء عن قضية اغتيال الصحافي خاشقجي التي لم يكن مر عليها سوى شهرين.
في الثامن والعشرين من ديسمبر/كانون الأول 2018، وقفت المغنية اللبنانية ماجدة الرومي على مسرح العلا، ضمن “مهرجان شتاء طنطورة” الذي أقيم في المملكة.
وبلغت مصاريف حفل ماجدة الرومي في “شتاء طنطورة” قرابة عشرة ملايين دولار، لتبدأ بعدها مجموعة من الحفلات، وذلك بعد تشكيل الحكومة الجديدة، وتولي تُركي شبانة حقيبة الإعلام.
ولمن لا يعرف تُركي شبانة؛ فهو مستشار الوليد بن طلال، وعمل أيضاً في محطة “إم بي سي” MBC، قبل أن يعود نهائياً لتولي مهام تلفزيون “روتانا”، بتكليف من الوليد بن طلال. ويُقال إن بن طلال هو من رشّح تركي شبانة، لتولي مهمة وزارة الإعلام، بعد استشارات تمت بينه وبين محمد بن سلمان نفسه.
لكن، ماذا عن هذه الحفلات؟ هل نستطيع تصنيفها بأنها إضافة لمطلقيها؟ ما الذي حققته؟ الواضح أن حالة من الفوضى تسود الشركات المنظمة لهذه الحفلات داخل المملكة، وتمثّل انقلاباً على بعض المتمولين الصغار الذين كانوا ينظمون مثل هذه الحفلات، لكنها تقام في أماكن خاصة، إذ لم يكن مسموحاً إقامة أي نشاط فني علني داخل المملكة.
الانقلاب هذا تولاه سالم الهندي، مدير “روتانا للصوتيات”، إذ كان الرجل الذي فُرض على تُركي آل الشيخ باقتراح من الأمير الوليد بن طلال أيضاً، وذلك لقيام جبهة متعهدين فنية، تُقاسم هيئة الترفيه عائدات هذه الحفلات، في حال كان بإمكانها أن تجني الأرباح، وبالتالي تفعيل اسمها أكثر كي تبقي قبضتها على السوق، أو تصبح معظم الحفلات الخاصة والعامة بيد الهيئة عن طريق بعض العملاء، أو في المهرجانات التي بدأت قبل عام واحد تحت مسميات وعناوين كثيرة.
من الواضح أن معظم المهرجانات الغنائية التي أقيمت داخل المملكة لا تعدو كونها مجرد هروب إلى الأمام في انتظار معرفة متطلبات السوق. وتؤكد المعلومات الواردة من هنالك، أن معظم الحفلات تأتي بناء على مصالح أو رسائل شخصية يحاول المنتج السعودي توظيفها لمصلحته.
ودخول تركي آل الشيخ في حروب صغيرة قلل من أهمية مشاريعه المشار إليها، خصوصاً أن الخليج العربي شهد على مهرجانات تستحق الوقوف عندها، وذلك قبل الأزمة الأخيرة التي تعهدت بمقاطعة دولة قطر التي نظمت لسنوات واحداً من أبرز المهرجانات الغنائية في العالم العربي، وهو “مهرجان الدوحة الغنائي”.
وقبل أيام، وضمن ما يُسمى موسم الرياض، كرمت هيئة الترفيه مجموعة من المغنين العرب، تقدّمهم عمرو دياب، وراغب علامة، وعاصي الحلاني، ونوال الزغبي، وأحلام وأصالة.
مهرجان لا تُعرف أسباب إقامته، خصوصا أن الفنانين المذكورين كانوا قبل أيام قليلة يحيون الحفلات داخل المملكة من دون ضجة، إذ كانت مجرد حفلات عادية.
في حين يحاول الفنانون المدعوون تلبية الدعوة بسرعة. لا مجال للرفض، خصوصاً أن أجرة المشاركات تتراوح بين خمسين ألف دولار، ومائة ألف دولار.
ويحاول تُركي آل الشيخ اليوم فرض نفسه كحاكم وحيد بأمر الحفلات في المملكة، ومن خلال الشركات التي يساهم في اتخاذ القرار فيها، إن لم نقل إنه يسيطر أو يفرض السيطرة عليها، كروتانا وMBC، وبالتالي يأتي العمل الفردي لتركي بعيداً عن أي مغزى يرفع من قدرة الانفتاح داخل المملكة، وبالتالي يزيد الرجل نفوذاً من دون أن يؤسس لقاعدة أو استقطاب المملكة لفعاليات فنية لا طعم لها ولا لون، ومعظمها لا يتعدى الإطار التجاري والتصوير لصالح شركة و”تلفزيون” روتانا، إن لم يكن على شاشة المحطات السعودية المحلية.
في النهاية، تسعى كل هذه الماكينات والمؤسسات الإعلامية إلى إبراز دور المملكة بوصفها المناصر للفن والغناء، والتنوير! وبهذا، أصبحت تُشكل نقطة ضعف بالنسبة للعديد من المغنين العرب، الذين يضعفون أمام سلطة المال والنفوذ.
أسئلة كثيرة حول الهدف والمبتغى الذي تريده هذه الحفلات، لكن لا إجابات سوى أن المملكة تحاول أن تدخل عصر الانفتاح عبر حفلات عشوائية، الأهم أن يُكرم الفنان ويقف إلى جانب المستشار معلناً الولاء التام.