ازدواجية آل سعود في التعامل مع المقدسات الإسلامية
تتعامل سلطات آل سعود بازدواجية كبيرة مع المقدسات الإسلامية، في وقتٍ تتقدم بخطوات متسارعة نحو التطبيع مع “إسرائيل”، متجاهلةً قضية فلسطين المحتلة والمسجد الأقصى المبارك.
وبينما تشعر شعوب العالم الإسلامي بالغضب من “صفقة القرن” التي أعلن عنها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والتي تمنح دولة الاحتلال الإسرائيلي الحق في المسجد الأقصى، تخرج السعودية عبر أتباع ولي العهد محمد بن سلمان، للتنديد بأصوات ارتفعت من داخل مكة المكرمة تنادي بـ”الروح بالدم نفديك يا أقصى”.
ترديد الهتاف أغضب الماكينة الإعلامية السعودية، التي شنت حملات ضد تركيا لاتهامها بـ”تسييس العمرة”، لكنها تجاهلت سابقاً استخدام الحرم المكي للدعوة إلى الانحلال عن الأخلاق والدعوة إلى الترفيه الذي يقوده بن سلمان، والدعاء للجيش الذي تسبب في مقتل وإصابة آلاف المدنيين في اليمن عبر حرب يشنها منذ نحو 5 أعوام.
هتاف بـ”الروح بالدم نفديك يا أقصى”، الذي أطلقه معتمرون أتراك خلال تأديتهم شعائر السعي بين “الصفا والمروة” في الحرم المكي، انتشر بمقطع فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي منتصف فبراير الجاري، استفز السعوديين فشنوا هجوماً واسعاً على تركيا، إلى جانب غضب من حلفاء الرياض (الإمارات ومصر).
وتحت وسم “#الأتراك_يدنسون_الحرم_المكي”، اعترض الذباب الالكتروني لنظام آل سعود على ما وصفوه بـ”العرض الفاشل والسخيف، والمتاجرة بالدين واستغلال المقدسات في السياسة”.
وفي مقابل ذلك الهجوم اعتبر آخرون أن “الإسلام ليس دين عبادة فقط؛ بل يُفترض بالحج أن يكون مؤتمراً سنوياً لبحث شؤون المسلمين وليس لأداء الفريضة فقط”.
وتساءل البعض عن سبب التركيز على هذه الحادثة وتجاهل حوادث أخرى تعمد فيها نظام آل سعود تسييس إدارة الحرمين.
وعقب إعلان الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، “صفقة القرن” في 28 يناير الماضي، أعلنت الخارجية السعودية عن “تقديرها” لجهود الرئيس ترامب، من أجل “صفقة القرن” المزعومة، داعيةً إلى بدء مفاوضات مباشرة بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
وقالت الوزارة: إنه “في ضوء ما تم الإعلان عنه (الصفقة المزعومة)، تجدد المملكة دعمها الجهود كافةً الرامية إلى الوصول لحل عادل وشامل للقضية الفلسطينية”.
أما الموقف التركي فقد كان واضحاً عبر خطاب للرئيس التركي رجب طيب أردوغان، عبّر فيه عن رفضه للصفقة، قائلاً: إنها “تدمر فلسطين بشكل تام وتحتل القدس بالكامل”.
وأضاف: “أحزن عند النظر إلى مواقف الدول الإسلامية، وعلى رأسها السعودية، حيث لم يصدر منها أي تصريح (رافض لصفقة القرن)، فمتى سنسمع صوتكم؟”.
ولجأ نظام آل سعود خلال السنوات الماضية، إلى استخدام المقدسات الإسلامية لمصلحتها، وسيَّست فريضة الحج، خصوصاً منذ حصار قطر في يونيو 2017، حيث لم يتمكن الحجاج القطريون من الذهاب إلى الأراضي المقدسة، إلا في نطاق ضيق جداً ومثير للجدل.
عدم تمكُّن حجاج قطر من الحج لم يكن سوى الحلقة الأخيرة من مسلسل حالات مشابهة، كان المشترك الوحيد فيها وجود علاقة سيئة بين السعودية والجهة المحرومة من الحج، كما حدث سابقاً مع حجاج إيرانيين.
ومؤخراً بدأ آل سعود بخطوات في تصفية قضية المسلمين الأولى وهي قضية الأقصى المبارك وفلسطين، فيما بات يُعرف بـ”صفقة القرن”، وهو ما بدا واضحاً من خلال تقويض بن سلمان ووالده سلمان بن عبد العزيز للأساس الأيديولوجي للدولة السعودية منذ نشأتها، والرافض لاحتلال دولة فلسطين والتفريط في المقدسات الإسلامية.
كما حاول نظام آل سعود خلال السنوات الأخيرة، انتزاع شرعية الوصاية على المقدسات بفلسطين من الأردن، ودخلت في صراع غير مباشر معه، وسط رفض فلسطيني لتلك التحركات، وترحيب إسرائيلي بتحركات السعودية للوصاية على تلك المقدسات.