تفاصيل وفرضيات بشأن اعتقال أمراء كبارا في المملكة
تصدرت أنباء اعتقال ولي العهد محمد بن سلمان أمراء كبارا من العائلة المالكة ومنافسين محتملين له على السلطة تقارير الإعلام إقليميا ودوليا وسط تسريب المزيد من التفاصيل والفرضيات.
وأفادت مصادر حقوقية بأن اعتقال الأمراء تم باقتحام منازلهم وتفتيشها على يد مسلحين مقنعين واتهامهم بـ “الخيانة” في تعمد من بن سلمان إهانتهم والتعسف بهم.
وأبرزت المصادر أن سلطات بن سلمان تتهم الأفراد كيفما تشاء بالخيانة أو الإرهاب، ولا تفرق بين صحفي وناشط ووزير أو أمير بحيث تحاكمهم وتصدر الأحكام منذ اللحظة الأولى للاعتقال، وما يجري مع معتقلي الرأي خير شاهد على ذلك.
ونشرت صحيفتا وول ستريت جورنال ونيويورك تايمز الأميركيتين نقلا عن مصادر مطلعة أنه تم اعتقال الأميرين أحمد بن عبد العزيز شقيق الملك وولي العهد السابق محمد بن نايف.
وقالت الصحيفتان إن الاعتقال شمل أيضا الأمير نواف بن نايف شقيق ولي العهد السابق الأمير محمد بن نايف.
كما تواترت تقارير عن اعتقال بعض الضباط في الأجهزة الأمنية والجيش والحرس الذين يعتقد أن لهم ولاء لأحمد بن عبد العزيز أو محمد بن نايف.
وكان الأمير محمد بن نايف قيد الإقامة الجبرية منذ الإطاحة به كولي للعهد من قبل ولي العهد الحالي محمد بن سلمان.
وتولى كل من الأمير أحمد بن عبد العزيز، والأمير محمد بن نايف، منصب وزير الداخلية، وهو منصب قوي يتولى الإشراف على القوات وجهاز المخابرات السعودي، لكن على مدى السنوات القليلة الماضية، تضاءلت مكانتهما في العائلة المالكة مع تثبيت الملك سلمان ابنه محمد بن سلمان ولياً للعهد و”الحاكم الفعلي” للمملكة.
وتنحي هذه الاعتقالات جانباً رجلين كانا من الممكن أن يكونا منافسين لمحمد بن سلمان على العرش، بحال قرر الملك سلمان (84 عامًا)، التنازل عن العرش، وفق “وول ستريت جورنال”.
وكان الأمير أحمد بن عبد العزيز يمثل لفترة من الوقت “الأمل الكبير لأفراد بالأسرة الحاكمة وغيرهم من النقاد، ممن كانوا يأملون بأن يسعى لمنع صعود محمد بن سلمان إلى العرش، لكنه لم يبدِ أي علامات على قيامه بذلك”، بينما يوصف الأمير محمد بن نايف بأنّه “المفضل لواشنطن” منذ فترة طويلة.
وذكرت صحيفة وول ستريت جورنال أن احتجاز الأميرين أحمد بن عبد العزيز ومحمد بن نايف له صلة بمحاولة انقلاب مزعومة، مشيرة إلى أنه تم اتهامها بالخيانة العظمى، وأنهما يواجهان عقوبة الإعدام أو السجن مدى الحياة.
من جهتها قالت وكالة رويترز العالمية التي أوردت النبأ أيضا إنه لم يتسن لها التأكد من سبب أو خلفية الاعتقالات الجديدة، ولكنها عزت إلى مصدرين تحدثا لها أن بعض أفراد الأسرة الحاكمة سعوا لتغيير ترتيب وراثة العرش معتبرين أن الأمير أحمد أحد الخيارات الممكنة الذي يمكن أن يحظى بدعم أفراد الأسرة والأجهزة الأمنية وبعض القوى الغربية.
ونقلت عن المصدرين قولهما إن بن سلمان أثار استياء بين بعض الفروع البارزة للأسرة الحاكمة بسبب تشديد قبضته على السلطة، وتساءل البعض عن قدرته على قيادة البلاد عقب قتل الصحفي البارز جمال خاشقجي في القنصلية بإسطنبول عام 2018 وتعرض البنية التحتية النفطية لأكبر هجوم على الإطلاق العام الماضي.
وبالإضافة إلى ذلك، أشار سعد الفقيه رئيس الحركة الإسلامية للإصلاح السعودية الذي يعيش في المنفى إلى روايتين أخريين حول أسباب ما جرى هما:
بعض المعتقلين سعوا عند الملك للشفاعة للمعتقلين من آل سعود من أجل الإفراج عنهم، وأنهم خلال حديثهم مع الملك قسوا عليه، فبادر بن سلمان لاعتقالهم.
المعتقلون تذاكروا فيما بينهم بشأن قرار إيقاف العمرة والطواف حول الكعبة المشرفة، في حين تستمر حفلات الترفيه وتأشيرات السياحة، وأن ذلك قد يشكل خطرا جراء موقف العالم الإسلامي وهو يشاهد الحرم المكي خاليا من الطائفين، فأحس بن سلمان أن هناك ما يشبه التحرك للانقلاب عليه جراء ذلك، فأمر بإيداعهم السجن.
وقال إن بن سلمان يؤمن فقط بالقوة، وليس لديه حسابات الحكام السعوديين القدماء الذين يزنون الأمور، ولذلك بطش بالعلماء ورجال القبائل، واعتقل رئيس أكبر قبيلة في البلد ورماه شهرين في السجن، كما استدعى كبار العلماء ووبخهم لأنهم قدموا له نصيحة في السر.
ولفتت صحف غربية منها نيويورك تايمز إلى أن الاعتقالات الجديدة تأتي في ظرف خاص وحساس جدا سواء بالنسبة للسعودية والعائلة المالكة أو للإقليم بشكل عام.
وذكرت الصحيفة الأميركية أن قرار بن سلمان وقف الزيارات الدينية للحرم المكي جراء فيروس كورونا أثار تبرما.
من جهتها أشارت غارديان البريطانية في تقرير إلى أن اعتقال السلطات السعودية ثلاثة أمراء من العائلة المالكة يأتي في وقت حساس، حيث تمنع السعودية المسلمين من زيارة أقدس المواقع بسبب تفشي فيروس كورونا.
وقالت المحللة السياسية بمؤسسة راند الأميركية بيكا فاسر إنّ الاعتقالات تعد خطوة أخرى من جانب بن سلمان لتكريس سلطته، ورسالة إلى أي شخص بما في ذلك أفراد العائلة المالكة ومن تسول له نفسه معارضة ولي العهد.
وتضيف أن بن سلمان كان أزال من أمامه بالفعل أي تهديدات تعيق صعوده للسلطة، وسجن أو قتل منتقدي نظامه دون أي تداعيات.
وفي نفس الموضوع، كتب جيفري مارتن بمجلة نيوزويك الأميركية أن الاعتقالات تشير إلى أن بن سلمان يشدد قبضته على السلطة مع هبوط عائدات النفط.
وأشار الكاتب إلى أن بن سلمان ومنذ صعوده كولي العهد يسعى لترسيخ سلطته بالمملكة عبر سجن معارضيه السياسيين.
وسبق أن احتجزت سلطات آل سعود العشرات من الأمراء وكبار المسؤولين والوزراء الحاليين والسابقين والمسؤولين ورجال الأعمال في فندق ريتز كارلتون بالرياض بأوامر من ولي العهد محمد بن سلمان في نوفمبر/تشرين الثاني 2017.
وكان من بين الموقوفين وزير الحرس الوطني المقال الأمير متعب بن عبد الله نجل الملك الراحل عبد الله، وشقيقه أمير الرياض السابق تركي بن عبد الله، والأمير الملياردير الوليد بن طلال، والأمير فهد بن عبد الله بن محمد نائب قائد القوات الجوية الأسبق.
ولاحقا، وسعت سلطات آل سعود حملة الملاحقات، وأمرت باعتقالات جديدة شملت نخبا سياسية ودينية ورموزا في عالم المال والأعمال بالمملكة، وامتدت الحملة لتشمل المزيد من أبناء عمومة ولي العهد محمد بن سلمان وأبنائهم وأسرهم.