محمد بن سلمان.. قصة حاكم يسيطر عليه هوس الانتقام
منذ تولي محمد بن سلمان مقاليد ولاية العهد في المملكة, عقب إزاحته بن عمه محمد بن نايف في انقلاب أبيض في يونيو 2018.
فور تعزيز قبضته في الحكم حرم بن سلمان أجهزته الأمنية وعلى رأسها جهاز أن الدولة بشن حملات اعتقال واسعة ضد الناشطين والدعاة والحقوقيين والكفاءات داخل المملكة من مختلف التيارات.
لدى بن سلمان هوس في الانتقام من مخالفيه, ولا يتعامل معهم بعقلية رجل الدولة, وإنما توحش وتنكيل وعدم رحمة في الإجرام.
أمر بقتل الصحفي جمال خاشقجي لمجرد أنه انتقده.
وقتل الداعية سليمان أحمد الدويش تعذيبا لمجرد تغريده انتقده فيها.
عذب لجين الهذلول لكي لا ينسب لها فضل قيادة المرأة بدلا عنه.
أخفى الكاتب تركي الجاسر قسريا لنشاطه في تويتر.
ومازال هوس الانتقام مستمر إلى حد هذه اللحظة لدى بن سلمان.
وحملة الاعتقالات مازالت مستمرة بحق النشطاء والمعارضين, فقد أمر بن سلمان بالاعتقال والتعذيب والتنكيل وتلفيق التهم والقتل والتقطيع لكل من يخالفه أو ينتقده.
وفي 7 سبتمبر/أيلول 2017، اعتقلت سلطات آل سعود الشيخ العُودة، البالغ من العمر 61 عاماً, من منزله دون أمر قضائي, وذلك بعد ساعات قليلة من نشره تغريده دعا فيها إلى الصلح بين قطر والسعودية.
واعتُقلت لجين في 15 مايو/أيّار من عام 2018 ضمنَ حملة اعتقالات شملت ناشطين وناشطات في مجال حقوق الإنسان بمن في ذلكَ عزيزة اليوسف وإيمان النفجان.
ظلّت أسباب الاعتقال مجهولة إلّا أنّ وسائل الإعلام التابعة لنظام آل سعود قد تداولت أخبارًا تُفيد بأنّ سبب الاعتقال هوَ “تجاوز الثوابت الدينية والوطنية” وكذَا “التواصل مع جهات أجنبية مشبوهة”.
بعدَ أيام قليلة فقط من تسرب خبرِ اعتقال الناشطة الحُقوقيّة, شنّت وسائل الإعلام التابعة لآل سعود في المملكة هجمةً اعتبرتها منظمة العفو الدولية “شرسة” في حقّ الناشِطة لجين الهذلول وباقي المُعتقلات في سجون آل سعود حيثُ نُشرت صور الناشطات على الصفحة الأولى في بعض جرائدِ المملكة مع كلمة “خائنات” باللون الأحمر الكبير.
وكشفت تقارير جديدة قدمها أعضاء من البرلمان البريطاني, عن استمرار تعرض الناشطة السعودية المعتقلة لجين الهذلول, المعتقلة منذ شهور, للتعذيب.
اللجنة البريطانية تأكدت بعد التحقيقات من صحة تلك المعلومات, وحذرت بأن مسؤولية ما يحصل لها يمكن أن تقع على عاتق ولي العهد محمد بن سلمان, ووالده الملك سلمان بن عبد العزيز.
وأخر التسريبات التي وصلت لعائلة الهذلول, إضافة لتعرضها للتعذيب, كان محاولة إيهامها بأنها تغرق بالماء, بحضور سعود القحطاني, مستشار ولي العهد, الذي شهد جلسات التعذيب والتهديد بالاغتصاب والتحرش والقتل.
وتعرضت في قبو الفندق للتعذيب وتهديدات بالاغتصاب والموت, وهدد أحد السجناء الآخرين بإلقائه في نظام الصرف الصحي.
وكانت منظمة هيومن رايتس ووتش قد طالبت المملكة بالسماح لمراقبين مستقلين دوليين بالوصول إلى ناشطات معتقلات منذ مايو/أيار الماضي، للتأكد من سلامتهن.
وأعلنت المنظمة في بيان لها أنها تلقت يوم 28 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي تقريرا من “مصدر مطلع” يشير إلى تعرض ناشطة حقوقية للتعذيب، وأنه بالاستناد إلى مصادر مختلفة فإن تعذيب الناشطات قد يكون مستمرا.
في الثاني من تشرين الأول/أكتوبر، دخل جمال خاشقجي مبنى القنصلية السعودية في اسطنبول، بحسب صور التقطتها كاميرات مراقبة, ووفق خطيبته، فإنّه توجّه إلى هناك في سياق استكمال إجراءات زواجهما.
تمت الجريمة على يد فريق اغتيالات تابع لولي العهد، وبتوجيه مباشر من المستشار في الديوان الملكي سعود القحطاني ونائب رئيس الاستخبارات أحمد عسيري (قال آل سعود إنهما أقيلا من منصبيهما عقب الجريمة، ولكن المعطيات تؤكد كذب هذه الرواية على الأقل في ما يتعلق بالقحطاني)، وقيام فريق الاغتيال بتقطيع جثة خاشقجي وإخفائها، بسبب مواقفه العلنية التي تطالب بالإصلاح.
القتل الوحشي لجمال خاشقجي، والذي هو للأسف مجرد حالة واحدة من الحالات الكثيرة التي تتخذ فيها المملكة إجراءات متطرفة لإسكات المعارضة، يستمر في تقييد أهداف “رؤية 2030”.
اعتقلت سلطات آل سعود الصحافي تركي الجاسر بتاريخ 15 آذار/ مارس الماضي لإنشائه حسابًا على تويتر اسمه “كشكول”، والذي نشر فيه عن انتهاكات لحقوق الإنسان ارتكبتها السلطات والعائلة المالكة.
وذكرت تقارير صحافيّة أن الصحافي والكاتب السعودي المعارض، تركي الجاسر، قتل تحت التعذيب في أحد سجون آل سعود بعد اعتقاله بسبب كتاباته المعارضة في موقع “تويتر”.
وقالت مصادر إنّ الجاسر توفي تحت التعذيب، لكنّ السلطات آل سعود لم تعلّق على الخبر، مستغلةً عدم وجود تسريبات لأدلةٍ تشير لاغتياله أو حتى اعتقاله داخل البلاد.
لكنّ مغردين معارضين لنظام آل سعود، مثل عمر بن عبدالعزيز الزهراني، أحد المقربين من الصحافي الراحل جمال خاشقجي، أكّد هذه المعلومة على موقع تويتر.
ويعد الجاسر واحداً من أهم الكتاب والمفكرين المنتمين لتيار “الصحوة”، أحد أكبر التيارات الدينية في البلاد، والذي هاجمه ولي العهد محمد بن سلمان بشكل قوي وقام باعتقال رموزه في ما عرف بـ”حملة سبتمبر”، وكان من أبرزهم الدكتور سلمان العودة والدكتور عوض القرني.
وشارك الجاسر في عدد من المؤتمرات الفكرية وتنقل في كتابة المقالات المؤيدة للفكر الإسلامي في عدد من الصحف العربية. كما شارك في تحليل ظاهرة صعود الجماعات الإسلامية المتطرفة عبر عمله الصحافي.
وإلى هذه اللحظة لم تنتهي ممارسات نظام آل سعود ضد منتقديهم ومعارضيهم بل أنها تزيد في حدة ممارساتها, وهناك الكثير من المعتقلين في سجونهم اعتقلوا ظلما ولفقت لهم تهماً فضفاضة وغير مقنعة ويعانون من التعذيب والتنكيل بهم.