فضائح الفساد والتبذير تلاحق رموز نظام آل سعود
رغم تفاقم الأزمة الاقتصادية والعجز المالي للمملكة، فإن فضائح الفساد والتبذير لا تزال تلاحق نظام آل سعود ورموزه ومن ذلك شراء أمير “الإقامة الذهبية” في قبرص قبل الحصول على جنسيتها.
ويسارع الأمراء والمسؤولين في نظام آل سعود بشتى الوسائل والأساليب للهروب من المملكة ونظامها القمعي في وقت تعيش المملكة حاليا أسوأ أزمة مالية منذ تأسيسها، وتكتظ سجونها بمئات المعتقلين والمعتقلات والدعاة ورجال الأعمال؛ تحت ذرائع واهية.
وكشف موقع متخصص بالإبلاغ عن الجريمة المنظمة وقضايا الفساد حول العالم، النقاب عن قيام أمير سعودي بارز – من أعضاء هيئة البيعة – اشترى وعائلته ما يعرف بـ”الإقامة الذهبية” في قبرص، وسعى للحصول على جوازها.
وأفاد موقع “OCCRP” في تقرير، اليوم السبت، أن أمير حائل السابق، سعود بن عبد المحسن بن عبد العزيز (ابن أخ العاهل سلمان)، اشترى الإقامة الذهبية في قبرص، هو وزوجته وخمسة من أبنائه، وذلك بعد شهور تلت إعفاءه من منصبه كأمير لمنطقة حائل (نيسان/ أبريل 2017).
وقدم الأمير سعود (73 عاما)، تصريحا للهجرة ليمكّنه من الحصول على الجواز القبرصي، بخلاف الإقامة الذهبية التي حصل عليها، ومن شروطها الاستثمار بمبلغ مليوني يورو بالحد الأدنى.
وتلبية لشروط الإقامة الذهبية، ذكر “OCCRP” أن الأمير سعود وجّه أبنائه لشراء أو بناء قصرين في قبرص، إضافة إلى المساهمة في عدة شركات.
وحصل الموقع على وثيقة، تفيد بأن عبد العزيز أحد أبناء الأمير سعود، عيّن مديرا لشركة تدعى “Casipa Ltd”، وأخرى تدعى “Romolo Ltd”، وهما شركتان مساهمة محدودة.
وذكر أن وزارة الداخلية القبرصية قدمت طلب الأمير سعود وعائلته إلى مجلس الوزراء، إلا أن التخوف يكمن في أن قبرص باتت تملك علاقات جيدة مع السعودية، تبلورت بزيارات متبادلة بين الطرفين، نظرا لصراع البلدين مع تركيا.
واللافت أن الأمير سعود قدّم للحصول على الجواز القبرصي، في كانون أول/ ديسمبر 2017، بعد أيام فقط من حملة بن سلمان على أبناء عمومته ورجال أعمال، وزجهم كسجناء في فندق الريتز كارليتون بالرياض.
وتمت أكبر عملية اعتقالات حتى الآن في عهد ولي العهد خلال نوفمبر 2017 من أفراد العائلة المالكة والمسؤولين وأباطرة الأعمال الذين تم احتجازهم في فندق “ريتز كارلتون” بالعاصمة الرياض كجزء من حملة مزعومة لمكافحة الفساد.
وأبناء الأمير الذين قدّموا معه للحصول على الجوازات القبرصية هم (نورة 47 سنة، فيصل 43 سنة، الجوهرة 42 سنة، بدر 39 سنة، عبد المحسن 35 سنة).
والأمير فيصل هو ابن لولوة ابنة الملك فيصل، ومن بين إخوتها الأشقاء، سعود الفيصل (وزير الخارجية السابق)، وتركي الفيصل (رئيس الاستخبارات السابق).
والأمير المذكور هو أحد أعضاء “هيئة البيعة” التي أوجدها العاهل عبد الله في 2007، ويُتهم ولي العهد محمد بن سلمان بتهميشها.
وقال أستاذ السياسة في كلية لندن للاقتصاد، ستيفن هيرتوغ، إن توقيت تحرك الأمير سعود للحصول على جنسية أجنبية، يشير إلى شعور داخلي بالقلق من ابن عمّه ولي العهد.
وأضاف هيرتوغ أن الكثير من أمراء آل سعود باتوا يخشون من تصرفات ابن عمّهم الشاب.
ويمنع القانون السعودي ازدواج الجنسية إلا باستثناء من العاهل السعودي شخصيا، وهو ما قد يؤدي بالراغبين في الحصول على جنسيات دول أخرى لفقدان جوازهم السعودي.
وسبق أن حصل على الجواز القبرصي، كلا من: عبد الرحمن محفوظ وأسرته، وهو نجل الملياردير السعودي والمصرفي الشهير خالد بن محفوظ، وذلك في العام 2015، وخالد بن محفوظ هو رئيس مجلس إدارة البنك الأهلي سابقا، وبلغت ثروته نحو 3.2 مليار دولار في 2006.
وكشفت صحيفة “تايمز أوف مالطا” النقاب نهاية 2018، أن عائلتين ثريتين من السعودية، حصلتا على 62 جوازا مالطيّا، بعد دفعهم ملايين اليوروهات.
وذكرت الصحيفة أن عائلتي “المهيدب” و”العقيل”، وهما من أغنى العوائل في السعودية، حصلوا على الجوازات المالطية، رغم أنهم لم يطؤوا أرضها من قبل.
وفي ضوء ذلك، نشر موقع “ميدل إيست آي” البريطاني تقريرا أعده “سايمون هوبر” عن تجربة معارض سعودي، أجبر على الوقوف أمام محكمة ألمانية لكي يحصل على اللجوء السياسي في البلاد، بعد تأخر استمر أكثر من عام ونصف.
ونقل “هوبر” تجربة الطبيب السعودي رشيد الأمير (35 عاما)، الذي هرب من المملكة عام 2018، وعاش معاناة فاقمها الخوف من ممارسات الرياض، حتى حصل على اللجوء السياسي في ألمانيا.
وقال الأمير إنه لم يكن يعرف بأن على اللاجئين الانتظار طويلا حتى يتم البت في قضاياهم، وهو ما اعتبره أمرا خطيرا “يهدد مستقبل اللاجئين السياسيين، خاصة السعوديين، الذين يعيشون ظروفا صعبة”، داعيا الدول الأوروبية إلى تعجيل البت في هذه الملفات.
وأضاف: “أنا سعيد حيث سيكون طالبو اللجوء السياسي على معرفة بقضيتي لاقتباسها في حال شعروا أنهم في وضع لم تتخذ فيه سلطات الهجرة القرار”.
وقال رشيد الأمير، إنه اضطر للذهاب إلى المحكمة بعدما أخر مسؤولو الهجرة قضيته 18 شهرا، وحصل على اللجوء السياسي في آذار/مارس، بعد أيام من تقديمه الدعوى القضائية ضد التأخير.
وأجبرت محكمة مدينة ماغدبيرغ المكتب الفدرالي للهجرة واللاجئين على اتخاذ القرار في قضية الأمير وعلى أساس أن المكتب فشل بالتعامل مع القضية في الوقت المحدد.
وقال الأمير إنه كان يعيش حياة بدون أفق في ألمانيا، في وقت يعيش فيه كل المنفيين السياسيين السعوديين خوفا بعد مقتل جمال خاشقجي.
وينحدر الأمير إلى منطقة جازان ويصف نفسه بالمعارض والناشط ويعتقد أنه سيتعرض للتعذيب لو عاد إلى بلاده.
ومطلع العام 2019، عبّر الاتحاد الأوروبي عن قلقه تجاه برامج الجنسية للمستثمرين والإقامة التي تقدمها دول أعضاء في الاتحاد ومن ضمنها قبرص، لمواطني دول أخرى.
وبحسب الاتحاد الأوروبي، فإنه يخشى من أن تكون هذه الإقامات أو الجوازات، غطاء للمتهمين بقضايا أمنية، وغسيل أموال، وتهرب ضريبي، وفساد.
وبحسب “OCCRP”، فإن قبرص رغم ادعائها التحقق قبل منح هذا الجواز للمستثمرين، إلا أنها رفضت 56 طلبا فقط في الفترة بين كانون ثاني/ يناير 2013 وآب/ أغسطس 2019، من أصل 2700 تم تقديمها.