فضائح السعودية

محمد بن سلمان يهرول نحو تل أبيب على حساب القضية الفلسطينية

في واحدة من أكثر الروايات إحراجًا للنظام السعودي، كشف رئيس الموساد السابق يوسي كوهين تفاصيل صادمة حول حجم التنسيق الخفي بين وليّ العهد محمد بن سلمان وإسرائيل، مؤكدًا أنه التقى بن سلمان مرات عدة خلال فترة عمله، في إطار جهود متقدمة لدفع عملية التطبيع علنًا، وتجاوز القضية الفلسطينية تمامًا.

وجاءت التصريحات التي نشرتها صحيفة هآرتس الإسرائيلية بمثابة إدانة مباشرة لسياسات بن سلمان، الذي يبدو اليوم أقرب من أي وقت مضى للتحالف الكامل مع حكومة الاحتلال، متجاهلًا حقوق الشعب الفلسطيني ومعاناة غزة والضفة، ومستخفًا بالثقل التاريخي والديني للمملكة العربية السعودية.

وقال يوسي كوهين، الذي يُعتبر أحد أكثر رجال الاستخبارات التصاقًا ببنيامين نتنياهو، إن بن سلمان أبدى قناعة كاملة بإمكانية التوصل إلى اتفاق سلام مع إسرائيل، بما يشمل القفز فوق القضية الفلسطينية وتهميشها بالكامل.

وهذا التصريح وحده كافٍ لإثارة غضب الملايين من العرب والمسلمين، لأنه يكشف حجم الاستعداد السعودي الرسمي للتخلي عن القضية المركزية للأمة مقابل مكاسب سياسية وأمنية.

وأوضح كوهين أن ولي العهد كان مقتنعًا بأن بإمكانه تمرير اتفاق تطبيع يحظى بقبول داخل المملكة، وكأن الشعب السعودي كتلة صامتة يمكن هندسة رأيها العام بمجرد حملة إعلامية أو فتوى رسمية.

ويظهر هذا التصور انفصالًا كبيرًا بين القيادة السعودية ومشاعر شعوب المنطقة، التي ما زالت ترى في التطبيع خيانة صريحة للدم الفلسطيني.

بن سلمان على خطى الإمارات… التطبيع أولًا والقضية الفلسطينية أخيرًا

تحدث كوهين بارتياح واضح عن رؤية بن سلمان القائمة على النموذج الإماراتي: التطبيع أولًا، ثم التفكير لاحقًا في “القضية الفلسطينية”، إن بقي لها مكان أصلًا. هذا الطرح يعني أن ولي العهد السعودي مستعد لتبنّي النهج ذاته الذي اتبعته أبوظبي، والذي أثبتت السنوات أنه لم يجلب للفلسطينيين إلا مزيدًا من العزلة والتهميش.

ولا يخفي كوهين إعجابه بجرأة محمد بن سلمان في دفع العلاقات مع الاحتلال، مشيرًا إلى أن ولي العهد “رجل يمكنه اتخاذ القرار”، وأن التطبيع مع السعودية كان هدفًا استراتيجيًا لإسرائيل، باعتباره الجائزة الكبرى لاتفاقيات إبراهيم.

وقد تزامنت هذه التصريحات مع إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مؤخرا صفقة لبيع مقاتلات إف-35 للسعودية، وهي مقاتلات شديدة الحساسية بالنسبة لإسرائيل، نظرًا لضرورة الحفاظ على ما يسمى “التفوق العسكري الإسرائيلي”.

وفي مقارنة بين ترامب وبايدن، قال كوهين إن ترامب “جاء للعمل” في إشارة إلى تسريع التطبيع، بينما في عهد بايدن “لم يتم توقيع أي اتفاقية سلام”. المفارقة أن “السلام” الذي يقصده كوهين ليس إلا سلامًا مع الاحتلال، بينما كانت فلسطين تُباد في غزة على مدار سنوات.

لقاءات سرية في 2020… والهدف: جرّ السعودية لاتفاقيات إبراهيم

كشف كوهين أن نتنياهو التقى بن سلمان عام 2020 في السعودية بحضور مايك بومبيو. كان الهدف يومها واضحًا: إقناع السعودية بالانضمام إلى اتفاقيات إبراهيم. لكن الهجوم الكبير الذي نفذته حماس في 7 أكتوبر 2023، وما تبعه من حرب مدمرة على غزة، أوقف التسلسل الزمني للتطبيع.

مع ذلك، فإن تصريحات كوهين اليوم تكشف أن الطريق لم يتوقف فعليًا، بل تم تجميده فقط بانتظار اللحظة السياسية المناسبة لمحمد بن سلمان، الذي يبدو أنه يحاول تبييض صورته على الساحة الدولية، قبل الإعلان عن الخطوة التي يسعى لها منذ سنوات.

وما كشفه يوسي كوهين هو تأكيد صريح على أن ولي العهد يسير بوعي كامل نحو جعل المملكة حليفًا مباشرًا لإسرائيل، حتى على حساب القضية الفلسطينية، وحتى لو تطلّب الأمر تقويض الإرادة الشعبية العربية والإسلامية.

إنه مشروع سياسي يقوم على تغيير هوية المنطقة، وإعادة صياغة دور السعودية التاريخي، وتحويلها من دولة مركزية في الصراع إلى شريك أمني للاحتلال.

محمد بن سلمان، وفقًا لكوهين، لا ينتظر سوى اللحظة المناسبة… والبقية عند الشعب السعودي والمنطقة: هل سيُترك ليصنع هذا المستقبل الخطر دون مساءلة؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى