أخبار

السعودية تهدّد خطة ترامب في غزة: ابتزاز سياسي تحت شعار “نزع سلاح حماس”

أفادت صحيفة “إسرائيل هيوم” العبرية بأن السعودية والإمارات—وبصحبتهما البحرين—وجّهت رسائل تحذيرية إلى البيت الأبيض ومبعوثَي الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ستيف ويتكوف وجاريد كوشنر، مفادها: “طالما لم يتم نزع سلاح حماس فلن نمضي في الخطة”.

وقالت الصحيفة إن لغةٌ السعودية والإمارات المشروطة بدت، في الجوهر، أقرب إلى “ابتزازٍ سياسي” يربط مصير الإغاثة والإعمار بنزع سلاح المقاومة، ويحوّل “سلام ما بعد الحرب” إلى “ورقة مساومة” لإقصاء طرف فلسطيني بعينه.

وتقول الرسائل الخليجية إن “تساهل الوسطاء”—مصر وقطر وتركيا—أتاح لحماس “التملّص من التزاماتها”. لكن القراءة الأوضح أن الرياض وأبوظبي تحاولان “إعادة صياغة مشهد غزة” على مقاس رؤيتهما: قطاع بلا مقاومة، وتحت سقف ترتيبات أمنية تُحكَم بقوة التمويل والوصاية السياسية.

فبين “التحذير بتجميد الانخراط” و”التلويح بالانسحاب من مؤتمر إعمار” دعت إليه القاهرة، يطلّ خطاب يريد إحلال “هندسة أمنية” محلّ “إجماع فلسطيني” على ضرورة حماية الظهير الداخلي للمقاومة بعد حرب مروّعة.

ربط الإعمار بنزع السلاح: معادلة مُختلّة

الشرط السعودي واضح في التسريبات: “لا إعمار ولا استقرار” ما دامت حماس “جزءًا من المعادلة”. هذا المنطق—الذي يضع ملايين المدنيين رهائن لقرار سياسي خارجي—يُعيد إنتاج “معادلة العقاب الجماعي”.

يقوم على ذلك مساعدات وإعمار مقابل تجريد فصيل فلسطيني من السلاح في بيئة لم تُحسَم فيها ملفات الاحتلال أو الحصار أو محاسبة جرائم الحرب.

ومهما قيل عن “سيادة القانون” و”ضبط السلاح”، فإن “الانتقائية” في تطبيق هذه المبادئ—حصريًا على الطرف الفلسطيني—تكشف الهدف الحقيقي: “إقصاء المقاومة وإعادة هندسة الحكم في غزة” بإشراف “محور معتدل” يُمسك بالمفاتيح المالية.

الإمارات… “إعمار مشروط” تحت المظلة الإسرائيلية

على خطٍ موازٍ، تبنّت أبوظبي موقفًا “تقنيًا” في ظاهره، سياسيًا في جوهره: “الاستمرار في الإغاثة جنوب القطاع” حيث السيطرة الإسرائيلية المباشرة، والتوقّف حيث “تظلّ حماس مؤثرة” ما لم يُفرض نزع السلاح وتُمنح “قوات دولية” سلطة مدنية وأمنية كاملة—كما تنصّ “خطة ترامب”.

وذلك في “تقسيمٌ وظيفي للقطاع” وفق خطوط السيطرة العسكرية على الأرض، وإقرارٌ بأن “قبضة الاحتلال” هي الضمانة الوحيدة التي تستحق الرهان.

غيابٌ “مُحمَّل بالرسائل” عن شرم الشيخ

لم يكن تغيّب ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، وحاكم الإمارات محمد بن زايد، عن قمة شرم الشيخ مجرّد تفصيل بروتوكولي. فبحسب الصحيفة، جاء الغياب احتجاجًا على عودة قطر—المتهمَة خليجيًا بدعم حماس—إلى واجهة الوساطة.

وبدل أن يُقرأ المشهد في سياقه الإنساني—تثبيت الهدنة، فتح المعابر، إنقاذ الأرواح—آثر “المحور السني” “تصفية الحسابات القديمة” مع الدوحة والإخوان، ولو على أنقاض قطاعٍ أنهكته حرب إبادة.

واللغة التي نقلتها الصحيفة عن مصدر سعودي تتكهّن بأسباب الدمار: “المقاومة تسببت بكارثة أسوأ من النكبة” وأن حماس “ستُفشل أي قوة تعيد النظام”. هذا “قلبٌ للسببية”: تجاهلٌ متعمد لاحتلالٍ مزمن وحصارٍ خانق وعدوانٍ دمّر البنية المدنية، مقابل تحميل طرفٍ فلسطيني وحده وزر الخراب.

وثمّة “شيطنةٌ ممنهجة” للمقاومة تُستخدم لتبرير “مشروع إقصاء سياسي وأمني” يفتح الباب لوصاية خارجية طويلة الأمد، ويضع مفاتيح غزة في يد مانحين مشروطين، لا في يد أهلها.

“خطة ترامب” كغطاء… والفيتو السعودي كسلاح

بالتوازي، تروّج الرياض لصيغة تُلزِم نزع السلاح قبل أي مسار سياسي أو إعادة إعمار، متجاهلةً حقيقة أن “نزع السلاح” في فراغ سيادي وأمني “وصفةٌ للفوضى” لا للاستقرار.

واللافت أن الرسائل السعودية “تخفض الانخراط” وتلوّح بعدم حضور مؤتمر الإعمار—أي أنها “تستخدم المال كسلاح” سياسي: “إقبلوا شروطنا أو لن ندفع”.

وذلك في “ابتزازٌ موصوف” يُفرغ الحديث عن “ازدهار” و”سلام” من محتواه، ويحوّل “التمويل” إلى آلية لإعادة تشكيل المشهد على مقاس العواصم لا على حاجات الناس.

زيارة ابن سلمان لواشنطن: ضغط للوصاية لا للسلام

قبل زيارة ولي العهد المرتقبة إلى واشنطن، تبدو الرسائل اختبارًا لقدرة إدارة ترامب على “تغليب أجندة الإقصاء” على متطلبات التهدئة المستدامة: “نزعٌ قسري للسلاح، إدارة دولية مُفصّلة، وإعمارٌ مشروط”.

وإذا كان الهدف المعلن “استقرار غزة”، فإن الأدوات المختارة—العقوبات المالية، تقسيم خرائط السيطرة، ونزع الشرعية عن المقاومة—لن تفضي إلا إلى “سلامٍ هشّ” معلّقٍ على خيوط ابتزاز سياسي.

وبالمجمل فإن الاشتراط السعودي–الإماراتي يحوّل خطة ترامب إلى “مشروع تحكّم” لا حلّ، ويعيد تعريف الإغاثة باعتبارها “أداة ضغط”، لا حقًا إنسانيًا.

وبحسب مراقبين فإن كانت الرياض وأبوظبي تريدان “أمنًا ونظامًا”، فطريقهما يبدأ من “رفع الحصار، وفتح المعابر، ودعم مسارٍ فلسطينيٍ توافقيٍّ جامع”، لا من “تفكيك المقاومة” وفرض وصاية مالية–أمنية على مجتمعٍ خرج من حرب إبادة. أمّا ربط الخبز بإقصاء بندقية الفلسطيني دون إنهاء بندقية الاحتلال، فليس وصفةً للسلام… بل “معادلةٌ لإدامة الخراب”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى