السلطات السعودية تواصل الانتهاكات بتهجير قبيلة الحويطات

وثّقت منظمة “القسط لحقوق الإنسان” مواصلة السلطات السعودية حديثا الانتهاكات بتهجير قسري لأبناء قبيلة الحويطات، شملت إغلاق مدارس في قرية المويلح (شمال محافظة ضباء، على بُعد نحو 47 كم) وإجبار الأهالي على إرسال أبنائهم للتعلّم في مركز مدينة ضباء، إلى جانب تهديدات بقطع الماء والكهرباء إن لم يتم إخلاء القرية طواعية.
وأشارت المنظمة إلى أن هذه الإجراءات جاءت ضمن حملة واسعة للضغط على السكان لإفراغ مساحات ترجع ملكيتها التاريخية لبلدتهم.
وتأتي هذه التطورات امتدادًا لحملة طويلة من الإخلاءات والاعتقالات والمحاكمات التي استهدفت الحويطات منذ الإعلان عن مشروع «نيوم» ومخططاته التوسعية.
وفي أحدث حلقات الصراع، أقدمت قوات أمن الدولة في 16 يونيو/حزيران 2025 على اقتحام منزل والدة وشقيقة الناشط الراحل عبد الرحيم الحويطي — الذي أصبح رمزا للمقاومة ضد التهجير — وطردهما قسرًا بحضور محافظ ضباء محمود الحربي، ما أنهى صمود آخر من بقي في قرية الخريبة بعد سلسلة هدم طالت نحو 15 منزلاً في ديسمبر/كانون الأول 2023، أدّت إلى نزوح معظم السكان.
ووثقت منظمات حقوقية كذلك اعتقالاتٍ تعسفية ومحاكماتٍ عقابية طالت عشرات من معارضي الإخلاء، وبعض القضايا انتهت بأحكام قضائية صارمة وصلت إلى الإعدام أو أحكام بالسجن الطويلة، ما يعيد طرح أسئلة حول مدى احترام الإجراءات القانونية وضمانات المحاكمة العادلة.
وقد أثارت هذه الأحكام ردود فعل دولية وانتقادات من منظمات حقوقية دفعت إلى مطالبة سلطات الرياض بإعادة النظر في سياساتها تجاه أبناء القبيلة.
ويثبت الملف التاريخي نمطًا متكررًا من المصادرة بالقوة والإقصاء الاجتماعي والاقتصادي، كما أوضحت تقارير مفصلة لجهات حقوقية بينها «القسط» التي وثّقت أن حملة التهجير لم تقتصر على مصادرة الأرض بل شملت ملاحقات قضائية وسياسات قمعية مصمّمة لكسر أي مقاومة مدنية سلمية.
وتبرز هذه الوثائق نمطًا من الانتهاكات المصنّفة بوضوح في تقارير سابقة على أنها انتهاكات خطيرة للقانون الدولي لحقوق الإنسان وقانون النزوح القسري.
وأعادت مصادر إعلامية محلية وإقليمية نشر شهادات ومشاهد من القرى المتأثرة، مؤكدة أن تهديدات قطع الخدمات الأساسية (الماء والكهرباء) استُخدمت وسيلة ضغط لإجبار السكان على الرحيل، وهو ما يفاقم معاناة العائلات ويشعل مخاوف من عزوف كثيرين عن اللجوء إلى قنوات قانونية خوفًا من التعرض لمزيد من الانتقام.
وتناولت تقارير محلية قضية طرد آخر الصامدين في الخريبة، معتبرة أن ما جرى يشكّل صفحة سوداء في سجل التعامل مع السكان المحليين.
ويشار إلى أن الأبعاد السياسية والاقتصادية لهذا النزاع لا يمكن تجاهلها: فمشاريع ضخمة مثل «نيوم» تُقدّمها السلطات على أنها نقلة تنموية كبرى ضمن «رؤية 2030»، لكن تكاليفها البشرية والاجتماعية تبدو باهظة، بحسب منظمات حقوقية ودولية طالبت المستثمرين والمقاولين المشاركين في المشروع بمراجعة مسؤولياتهم وفق مبادئ الأمم المتحدة التوجيهية للشركات وحقوق الإنسان.
وتساءل مراقبون كيف يمكن لبلدٍ يواجه مثل هذه الاتهامات من قمع وتهجير قسري أن يُعلن استضافة فعاليات دولية كبرى دون معالجة هذه الانتهاكات أو ضمان المحاسبة والشفافية.
وتكرر مطالب حقوقية واضحة بالإفراج عن المعتقلين السياسيين والمدنيين المحكومين في قضايا تتعلق بمعارضتهم السلمية، فتح تحقيق مستقل ونزيه في عمليات الهدم والتهجير، وإطلاق إجراءات تعويض عادلة للمتضررين، إضافة إلى التزام السلطات بضمانات حماية الأطفال والحقوق التعليمية بعد إغلاق المدارس.
كما دعت منظمات حقوقية المجتمع الدولي والمستثمرين والجهات الرياضية والثقافية التي تربطها علاقات مع المملكة إلى استخدام نفوذها للضغط من أجل احترام الحقوق الأساسية.
وفي غياب استجابة واضحة من السلطات السعودية أو خطة شفافة لمعالجة الأضرار والالتزامات القانونية، يبقى مستقبل أبناء هذه القبائل غير مؤمّن، فيما تستمر منظمات المجتمع المدني في توثيق الانتهاكات والدعوة للمساءلة.



